لم يكن مفاجئاً على الإطلاق، ما تمخضت عنه جهود محاولة تشكيل حكومة وفاق وطني. صحيح أن هنالك ضعفاً واضحاً في أداء حكومة الوفاق الوطني، برئاسة رامي الحمد الله. وصحيح أن هذه الحكومة لم تتمكن من تحقيق أي اختراق يذكر، في الملفات المطروحة أمامها، لكن الصحيح أيضاً، ان تشكيل وحدة وطنية، من الفصائل والقوى، يحتاج الى نقاط مشتركة، يتم على أساسها التحرك، خاصة مع الفصائل، غير المشاركة في أطر م.ت.ف ومؤسساتها، خاصة اللجنة التنفيذية.
عندما طرح هذا الموضوع، تساءلت الأوساط السياسية كما الإعلامية، عن إمكانية تشكيلها. كان موقف حماس واضحاً منذ البدء، كما كان واضحاً أيضا، عدم التفاؤل بالتوصل الى توافق وطني، بسرعة، من شأنها أن ترى تلك الحكومة النور!!
كان من شأن هذا الطرح، إعادة فتح الباب أمام سبل الحوار، لكن دون وضع أطر أو أسس. دارت الأيام، وتبين للقاصي والداني، استحالة تشكيل حكومة وحدة وطنية، دون إنجاز مصالحة وطنية، من شأنها وضع الجميع في اطار واحد، رغم الائتلافات والخلافات القائمة.
مما هو متسرب، حتى الآن، فإن التعديلات ستكون طفيفة، لن تمس جوهر الحكومة، ولا إطارها العام، الأمر الذي سيسهم، على نحو أو آخر، بتحسين أدائها جزئياً، دون الوصول للقدرة على اختراق ملفات مطروحة .. رأت حركة حماس في التعديل، تجاوزاً، وهنا تبرز نقطة ضعف أُخرى. من شأنها تحفيز الجميع للتفكير بروية، وبهدوء، ودون انفعالات، لإعادة الجهود الوطنية، وعلى نحو موسع، لبذل جهد وطني، يرمي للتوصل الى نقاط سياسية، تشكل برنامج عمل ينمو ويتطور وصولاً لإنجازات وطنية مشتركة، وأبرزها تشكيل الحكومة.
صحيح ان م.ت.ف هي المرجعية السياسية للفلسطينيين جميعاً، لكن حماس لا تزال ترى في نفسها، قوة ميدانية قوية، وغير ملزمة بـ م.ت.ف ولا باللجنة التنفيذية، وهذا يحتاج الى حوار خاص، بعمق يفضي الى صيغة وطنية، يبيح العمل الفلسطيني المشترك، دون المساس لا بالمنظمة وشرعيتها، ولا بإرثها السياسي والكفاحي الطويل.
هنالك ملفات معمقة، متشعبة ومتعددة، تحتاج الى حوار وطني شامل ومعمق، تشارك به القوى الحية الفلسطينية كافة، بكافة فعالياتها الحيوية، وهذا ممر إجباري للجميع، سلطة ومعارضة، على حد سواء.
ما حدث في الأسابيع القليلة الماضية، بشأن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، كان لنا درساً وعلامة على الطريق، أكدت فيما أكدته، بأن الوصول لحكومة وحدة وطنية، ومشاركة الفصائل فيها، لن يكون إلا تتويجا لوفاق وطني فلسطيني، واضح المعالم تماماً، ومحدد بصرامة ووضوح لا يقبل التأويل.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد