مفرقعات "التوجيهي" تبدأ بفرحة وتنهي بحرقة
غزة / خاص سوا / خالد الأستاذ / تعتبر ظاهرة استخدام الألعاب النارية والمفرقعات للتعبير عن الفرحة التي يعيشها الفرد من الظواهر السلبية المنتشرة في مجتمعنا الفلسطيني.
ورغم التحذيرات الصحية والاجتماعية من خطورة هذه الألعاب فإن بيعها ما زال منتشراً بلا رقيب، حيث يقوم بائعوها بتوفيرها وترويجها لمن يرغب فيها، خاصة مع موسم الاحتفال بنتائج الثانوية العامة وهو ما أسماه رياض ياسين بائع تلك الألعاب النارية والمفرقعات "بالموسم الذهبي لهم".
فما أن يأتي خبر نجاح طالب الثانوية العامة حتى يلوذ بالفرار للإمساك بتلك القطعة الصغيرة ويبدأ بإشعالها لتبدأ بعد ذلك بإخراج الصوت أو الإضاءة في محاولة من الطالب للتعبير عن فرحته بالنجاح في الثانوية العامة.
لكن أن تتحول تلك الفرحة إلى ألم وحرقة وتشوهات ليس بالأمر الغريب أو الجديد فقد اعتاد المجتمع الفلسطيني أن تخرج إليه وزارة الصحة في أعقاب الإعلان عن نتائج الثانوية لتعلن عن إحصائيات الإصابات بالألعاب النارية والمفرقعات.
أضرار صحية
أخصائي العيون "حسن صباح" أشار إلى أن الشرر المتطاير أو الضوء والحرارة الناجمة عن استخدام المفرقعات، كل ذلك يعد سبباً رئيسياً للإضرار بالجسم، خاصة منطقة العين الحساسة.
وأوضح أن الرماد الناتج عن عملية الاحتراق يضر بالجلد والعين إذا ما تعرض له الشخص بشكل مباشر، مضيفاً "حيث تصاب العين بحروق في الجفن والملتحمة وتمزق في الجفن أو دخول أجسام غريبة في العين أو انفصال في الشبكية وقد يؤدي الأمر إلى فقدان كلي للعين".
كما تعتبر الألعاب النارية من أسباب التلوث البيئي، فالرائحة المنبعثة من احتراق هذه الألعاب تؤدي إلى العديد من الأضرار الجسيمة، ناهيك عن الأضرار الكارثية التي قد تنتج عن انفجار الألعاب النارية إذا كانت مخزنة بطريقة خاطئة.
هذا بالإضافة إلى أنها أداة لترهيب الأطفال النائمين الذين يستيقظون على أصوات هذه المفرقعات والتي تسبب لهم الهلع والخوف والانزعاج وبالتالي تترك آثاراً نفسية عليهم.
تجربة قاسية
وسجل الألعاب النارية يعج بالحوادث الخفيفة والأليمة، العابرة والكارثية، فالشاب صلاح أبو حطب (19) عام تعرض العام المنصرم لإصابة بالغة أدت إلى بتر اصبع السبابة في يده أثناء محاولته إشعال ألعاب نارية للاحتفال بنجاحه في الثانوية العامة.
يقول صلاح "يا لها من تجربة قاسية، فقدت اصبعي وتشوهت يدي وكم أؤنب نفسي لما أقدمت عليه من عمل تافه أودى بإصابتي"، مضيفاً "لم أعد أحب تلك الألعاب النارية والمفرقعات لأنها بمثابة القاتل بالألوان الزاهية".
صلاح الذي عبر عن ألمه وندمه لما أقدم عليه، ناشد الطلاب بعدم استخدام الألعاب النارية والمفرقعات للاحتفال بالثانوية، موجهاَ نداء للجهات المعنية للوقف وقفة جادة تجاه هذا الموضوع.
التبذير بشرائها
وتحفز مناسبة النجاح بالثانوية العامة إقبال البعض على شراء الألعاب النارية باهظة الثمن، كطقس احتفالي يضفي على هذه الأجواء مسحة من الإثارة. لكن هذه المتعة عادة ما تكون محاطة بالتبذير الفاحش ومفاجآت لا تحمد عقباها.
فاستهلاك الأطنان من الألعاب النارية والمفرقعات، يسجل خاصة في شهر رمضان المبارك والأعياد والمناسبات التي من أهمها الثانوية العامة. ويسبب ترويجها المتواصل في الأسواق استهلاكا مفرطا لها وتبذيرا كبيرا لدخل الأسر.
ووفقاَ لإحصائيات رسمية، ففلسطين تستهلك سنويًا أكثر من 20 مليون شيكل كثمن للألعاب النارية؛ ما يشكل هدرًا للمال، ويلحق الضرر الفادح بالاقتصاد الوطني الفلسطيني في الوقت الذي ينادي فيه الشارع الفلسطيني بتأمين المتطلبات الأساسية للحياة الكريمة.
صعوبة السيطرة
هذا وتصعب سيطرة الجهات الرسمية الرقابية مثل وزارة الاقتصاد الوطني، والضابطة الجمركية، والشرطة الفلسطينية على تجارة الألعاب النارية في الأراضي الفلسطينية، نتيجة سهولة التهريب؛ فإن كثيرًا من مستودعات الألعاب النارية في الضفة الغربية قريبة من المستوطنات والمناطق النائية والمصنفة "ج" والخاضعة للسيطرة الأمنية الأمر الذي يجعل وصول الجهات الرسمية إلى هذه المستودعات أمر أشبه بالمستحيل.
أما في قطاع غزة فإن ضعف الرقابة من جانب وزارة الداخلية والمؤسسات الرقابية أدى إلى زيادة في ترويج وبيع تلك الألعاب النارية والمفرقعات، حيث أعلنت الشرطة الفلسطينية في غزة قبل أسبوعين من الآن عن حملة على الألعاب النارية والمفرقعات في محاولة للقضاء عليها.