شهر رمضان
يعتبر شهر رمضان الشهر التاسع من أشهر السنة الهجرية والذي يأتي بعد شعبان والتي يمزيه المسلمون في كل أنحاء العالم عن سائر شهور السنة ، كما وله مكانة خاصة في تراث المسلمين وتاريخهم ففيه ليلة القدر ، وهي التي وصفت بأنها خير من ألف شهر.
ويعد شهر رمضان شهر الصوم وهو أحد أركان الإسلام ، حيث يمتنع المسلمون فيه عن الطعام والشراب وأيضًا عن مجموعة من المحظورات التي تبطل الصوم من الفجر وحتى غروب الشمس.
ويبدأ شهر رمضان عند الإعلان عن بداية الشهر القمري الجديد، وذلك إما بثبوت رؤية الهلال في اليوم 29 من شعبان، وعليه يكون اليوم القادم هو أول أيام رمضان، أو في حال عدم ثبوت رؤيته يكون اليوم القادم (اليوم 30) هو المتمم لشهر شعبان وبعده يكون أول أيام رمضان .
وتبلغ مدة شهر رمضان 29-30 يومًا ، ينتهي أيضًا بثبوت رؤية الهلال ، وعند انتهاء رمضان يحتفل المسلمون ب عيد الفطر .
كما وفي شهر رمضان بدأ نزول القرآن من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، وذلك كان في ليلة القدر من هذا الشهر، ثم نزل بعد ذلك في أوقات متفرقة في فترة نزول الوحي حيث كان النبي محمد في غار حراء عندما جاء إليه المَلَك جبريل حسب المعتقدات الإسلامية، وقال له اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ، وكانت هذه هي الآية الأولى التي نزلت من القرآن .
والقرآن أنزل من اللوح المحفوظ ليلة القدر جملة واحدة، فوضع في بيت العزة في سماء الدنيا في رمضان ، ثم كان جبريل ينزل به مجزئًا في الأوامر والنواهي والأسباب ، وذلك في ثلاث وعشرين سنة .
يرتبط شهر رمضان أيضًا في الدول الإسلامية بالعديد من الشعائر الدينية مثل: صلاة التراويح والاعتكاف في العشر الأواخر، وأيضًا العديد من العادات والتقاليد مثل دعوة الأخرين على الإفطار وإقامة موائد للإفطار .
كما ويوجد العديد من المظاهر التراثية التي ارتبطت بهذا الشهر مثل: الفانوس والزينة ومدفع رمضان، وأيضًا شخصية المسحراتي والحكواتي، ومأكولات وبعض الحلوى والتي يتم تناولها عقب الإفطار .
أصل كلمة رمضان
لم يكن يقتصر اسم رمضان على الإسلام ، ولم يوجد الاسم فقط بعد بعثة النبي محمد ، فالاسم كان موجوداً منذ الجاهلية ، حيث كان الناس يسمُّون أشهر السنة حسب وقت وقوعها في الوقت الذي تمت فيه التسمية أو حسب نوع الشهر ، فمثلاً شهر ذي الحجة: سُمِّيَ كذلك لأن يكون فيه موسم الحج ويحج المسلمون فيه .
وشهر ربيع الأول: سُمي كذلك لأنه وقع وقت تسميته كان في فصل الربيع؛ وهكذا.
أما شهر رمضان المبارك؛ فكلمة رمضان جاءت من الأصل «رمَض» وهي شدة الحر، حيث كانت تسمية رمضان في وقتٍ جاء فيه شديد الحر؛ فأُطلق عليه هذا الاسم ، والاسم متطابق مع طبيعة هذا الشهر عند المسلمين، حيث أن جوف الصائم يشتد حره من شدة الجوع والعطش فيكون جوفه رمِضاَ.
يختلف نطق كلمة رمضان من لغة أو دولة إلى أخري فبعض الدول مثل إيران، بنجلاديش، باكستان وتركيا تستبدل حرف «ض» لينطق «ظ».
فيما تعددت أقوال أهل اللغة وتباينت الآراء في اسم شهر رمضان وسبب تسميته بذلك، وهي كالآتي :
أنّه كان موافقاً للحرّ الشديد عندما نُقِلت أسماء الشهور من اللغة القديمة.
ما فيه من حرق لذنوب العبد ومعاصيه، أي يغفر الله لعبده فيه.
أنّ جوف الصائم يشتد حره فيه من شدة الجوع والعطش.
لأن قلوب العباد تخشى ربها فيه فتأخذ فيه من حرارة الموعظة والفكرة في أمر الآخرة كما يأخذ الرمل والحجارة من حر الشمس.
لأنه يرمض الذنوب، أي يحرقها بالأعمال الصالحة، فكلمة (رمضان) مصدر لـ (رمض) إذا احترق ، أو من مُنطلق غسلها بالأعمال الصالحة ، فقد قالوا أنه مأخوذ من الرميض، وهو السحاب والمطر في آخر القيظ وأول الخريف ، فسمي رميضاً لأنه يدرء سخونة الشمس، وهكذا رمضان يغسل الأبدان من الآثام .
لأن العرب كانوا يرمضون أسلحتهم فيه - أي يحشدونها ويجهزونها- استعدادا للحرب في شهر شوال.
وقد ذكر «ابن دريد»: لما نقلت أسماء الشهور عن اللغة القديمة، سموها بالأزمنة التي وقعت فيها، فوافق هذا الشهر شدة الحر، وقيل بل لأن وجوب صومه صادف شدة الحر، وقيل الصوم فيه عبادة قديمة فكأنهم سموه بذلك لارتماضهم فيه من حر الجوع ومقاساة شدته، كما سموه (ناتقًا) – ذكر ذلك الماوردي والزمخشري وغيرهم- لأنه ينتقهم أي يزعجهم بشدته عليهم .
والقول بأن رمضان مشتق من الرمض أي الحر، حكاه كذلك الأصمعي عن أبي عمرو ، ونحوًا من هذا قولهم في سبب تسميته: لأن القلوب تأخذ فيه من حرارة الموعظة والفكرة في أمر الآخرة كما يأخذ الرمل والحجارة من حر الشمس والرمضاء الحجارة المحماة.
في حين ذهب فريق في عدم وجود علاقة ين رمضان والحرّ الشديد ؛ ذلك أن رمضان هو أحد الأشهر القمريّة لا الشمسيّة ؛ فهو ينتقل بين فصول السنة من ربيع، أو خريف، أو صيف، أو شتاء .
ولا ينحصر مجيئ شهر رمضان في فصل الصيف فقط؛ أي مع اشتداد الحر ؛ فالرمضاء التي هي أصل كلمة رمضان يقصد بها اشتداد حر الظمأ، لا اشتداد حر الشمس ، ويكون العطش في فصول السنة جميعها مع وجود الصيام، ولا يقتصر على الصيف فقط ، وهذا الأرجح حيث كان قبل الإسلام يسمى «تاتل» ومعناها شخص يغترف الماء من بئر أو عين، وهذا يدل - كما يقول العالم محمود الفلكي - على أن هذا الشهر كان من شهور الشتاء كما يدل عليه اسم آخر له، هو «زاهر»، وقيل في هذه التسمية : إن هلاله كان يوافق مجيئه وقت ازدهار النبات عند العرب في البادية في الجاهلية الأولى، ولا يكون الزرع مزدهرًا إلا إذا وجد المطر .
وله العديد من المسميات والتي تذكر في الكثير من البلدان العربية والتي تتمثل في جوهر هذا الشهر، وتلك الأسماء :
شهر الله، شهر الصبر، شهر الصيام، شهر الإسلام، شهر الطهور، شهر التمحيص، شهر القيام، شهر نزول القرآن، شهر الغفران، ربيع الفقراء .