اليوم العالمي للغة العربية
تُعدّ اللغة العربية إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، إذ يتكلمها يومياً ما يزيد على 400 مليون نسمة من سكان العالم، وتتميز بثراء مفرداتها وغنى تراكيبها وأصالتها.
حيث يوافق اليوم، الثامن عشر من كانون الأول/ ديسمبر من كل عام، اليوم العالمي للغة العربية، التي أقرته الجمعية العامة في الأمم المتحدة عام 1973 للاحتفاء باللغة العربية، بعد اعتمادها في المنظومة الأممية لتكون اللغة العربية لغة رسمية سادسة في المنظمة، إلى جانب الإنجليزية والصينية والإسبانية والفرنسية والروسية.
ويتوزع متحدثو العربية بين المنطقة العربية والعديد من المناطق الأخرى المجاورة كتركيا وتشاد ومالي السنغال وإرتيريا، حيث أن للعربية أهمية قصوى لدى المسلمين، فهي لغة مقدسة (لغة القرآن)، ولا تتم الصلاة (وعبادات أخرى) في الإسلام إلا بإتقان بعض من كلماتها.
أهمية اللغة العربية
وتُشتهَر اللغة العربيّة بأنّها أس من أساس التنوّع الثقافيّ للبشريّة، وتمتاز اللغة العربية بقدرتها على التكيّف والإبداع في مختلف العلوم: كالهندسة، والجبر، والطبّ، والفنون، والتجارب العلميّة، بالإضافة إلى ما وصلت إليه من الإبداع في مجالات الأدب والتأليف حيث استطاع الكثير من العلماء أن يكتبوا عدّة مؤلفات في فنون مختلفة، ومن أبرز أمثلة هذا النمط كتاب العلامة اليمنيّ إسماعيل بن أبي بكر بن المُقرئ (عنوان الشرف الوافي في علم الفقه والعروض والتاريخ والنحو والقوافي)، إذ لا تزال اللغة العربية لغة العلم، والثقافة، ووسيلة التواصل في العصر الحديث؛ فهناك جامعات سورية تتبنّى اللغة العربية في جميع كلياتها بما فيها كلية الطبّ.
لكن مع تزايد أعداد الذين اختاروا استخدام اللهجات العربية المحلية، قلّ استخدام اللغة العربية الفصحى، لذلك نحن بحاجة إلى صون سلامة اللغة العربية الفصحى بجعلها تتماشى مع متطلبات المشهد اللغوي المتغير في يومنا هذا.
فبعد جهود بٌذلت منذ خمسينات القرن الماضي، أسفرت عن صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 878 الدورة التاسعة المؤرخ في 4 ديسمبر 1954، يجيز الترجمة التحريرية فقط إلى اللغة العربية، ويقيد عدد صفحات ذلك بأربعة آلاف صفحة في السنة، وشرط أن تدفع الدولة التي تطلبها تكاليف الترجمة، وعلى أن تكون هذه الوثائق ذات طبيعة سياسية أو قانونية تهم المنطقة العربية.
وفي عام 1960 اتخذت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" قرارا يقضي باستخدام اللغة العربية في المؤتمرات الإقليمية التي تُنظَّم في البلدان الناطقة بالعربية وبترجمة الوثائق والمنشورات الأساسية إلى العربية.
واعتُمد في عام 1966 قرار يقضي بتعزيز استخدام اللغة العربية في "اليونسكو"، وتقرر تأمين خدمات الترجمة الفورية إلى العربية ومن العربية إلى لغات أخرى في إطار الجلسات العامة.
وفي عام 1968 تم اعتماد العربية تدريجياً لغة عمل في المنظمة، مع البدء بترجمة وثائق العمل والمحاضر الحرفية، وتوفير خدمات الترجمة الفورية إلى العربية.
وبسبب الضغط الدبلوماسي العربي، استعملت اللغة العربية كلغة شفوية خلال انعقاد دورات الجمعية العامة في سبتمبر 1973، وبعد إصدار جامعة الدول العربية في دورتها الستين قرارا يقضي بجعلها ضمن اللغات الرسمية للأمم المتحدة، وباقي هيئاتها، ترتب عنه صدور قرار الجمعية العامة رقم 3190 خلال الدورة 28 في ديسمبر 1973 يوصي بجعل اللغة العربية لغة رسمية للجمعية العامة وهيئاتها.
أما مسألة استخدامها كلغة عمل في دورات المجلس التنفيذي، فأُدرجت في جدول الأعمال في عام 1974 بناءً على طلب من حكومات الجزائر، والعراق، والجماهيرية العربية الليبية، والكويت، والمملكة العربية السعودية، واليمن، وتونس، وجمهورية مصر العربية، ولبنان.
وفي أكتوبر 2012 عند انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذي "لليونسكو"، تقرر تكريس يوم 18 ديسمبر يوما عالميا للغة العربية، واحتفلت "اليونسكو" في تلك السنة للمرة الأولى بهذا اليوم. وفي 23 أكتوبر 2013 قررت الهيئة الاستشارية للخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية (أرابيا) التابعة لليونسكو، اعتماد اليوم العالمي للغة العربية كإحدى العناصر الأساسية في برنامج عملها لكل سنة.