تفاصيل لقاء وزير الخارجية مع مسؤولين ووزراء أوروبيين في برشلونة
التقى وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي ، مع الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ونظيره الإسباني خوسيه مانويل الباريس، ونظيرته السلوفينية كانيا فايون، ووزير الدولة الايرلندي لتطوير المجتمع والمؤسسات الخيرية جو اوبراين، كل على حدة، على هامش أعمال المنتدى السابع للاتحاد من أجل المتوسط، والاجتماع الوزاري الرابع لدول الاتحاد الأوروبي والجوار الأوروبي المنعقدان في مدينة برشلونة الإسبانية.
وخلال لقائهما، أطلع المالكي، الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، على آخر تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة في ظل تصعيد اعتداءات الاحتلال في مدن الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، متطرقا إلى الانتهاكات والاستفزازات اليومية التي يمارسها المستوطنون وجيش الاحتلال من تدمير وقتل واعتقال وتشريد ضد الفلسطينيين.
بدوره، قدم بوريل رؤية لتنظيم العلاقة بين الاتحاد الأوروبي ودولة فلسطين بشكل دائم، واستئناف المشاورات الأوروبية الفلسطينية للوصول إلى عقد اتفاقية الشراكة الفلسطينية الأوروبية الكاملة.
وأكد بوريل أن الميزانية المخصصة من قبل الاتحاد الأوروبي لدولة فلسطين لعام 2022 ستصرف في وقتها دون أي تأخير، وأن الاتحاد الأوروبي سيبذل قصارى جهده في التركيز على الملف الفلسطيني من خلال التشاور مع الدول العربية والأوروبية لهذا الغرض، مؤكدا بأن هذه الخطوة هي رسالة للفلسطينيين بأن الاتحاد الأوروبي ما يزال يهتم بأمرهم.
وحضر اللقاء، سفير دولة فلسطين لدى إسبانيا حسني عبد الواحد، وسفير فلسطين لدى الاتحاد الأوروبي وبلجيكا ولوكسمبورغ عبدالرحيم الفرا، ونائب الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط المعتز عبادي، وسكرتير ثالث كرستين حبش من مكتب الوزير.
وخلال لقائه مع نظيره الإسباني، طالب المالكي المملكة الإسبانية بضرورة العمل على إقرار سياسات أوروبية تجاه القضية الفلسطينية، خاصة وأنها ستتولى الرئاسة القادمة للاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من العام القادم، مؤكدا أهمية الشراكة الكاملة بين دولة فلسطين والاتحاد الأوروبي.
وتطرق المالكي الى موضوع امتناع مملكة إسبانيا عن التصويت على قرار اللجنة الرابعة للأمم المتحدة حول ماهية الاحتلال الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية وإحالته إلى محكمة العدل الدولية، وطالبها بضرورة تغيير تصويتها عندما يأتي مشروع القرار للتصويت في الجمعية العامة الشهر القادم. كما طالبها بضرورة الاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية.
بدوره، أكد الوزير الإسباني أن موقف بلاده ثابت وواضح تجاه فلسطين، وأنه سيعمل على صياغة موقف أوروبي موحد لدعم حل الدولتين.
وفي سياق متصل، وضع المالكي نظيرته السلوفينية في صورة الأوضاع في فلسطينة وما يتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني من انتهاكات وقتل وتدمير واستيلاء على الأراضي والاستفزازات اليومية من قبل الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين.
وطالب المالكي نظيرته السلوفينية بضرورة أخذ خطوات فعلية حقيقية لتغيير الواقع الفلسطيني، وعدم الاكتفاء بالتصريحات حول التزامهم بالموقف الأوروبي بتحقيق السلام على مبدأ حل الدولتين، داعيا إلى ضرورة تكثيف العمل نحو تحقيق اتفاقية الشراكة الفلسطينية الأوروبية الكاملة بين دولة فلسطين والاتحاد الأوروبي.
وتناول اللقاء موضوع الاتفاقية المزمع عقدها بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي حول الأمن، ومدى تعارضها مع قواعد القانون الدولي، متسائلا عن موقف الاتحاد الأوروبي من ذهاب فلسطين إلى محكمة العدل الدولية.
وأكد المالكي أن دولة فلسطين ستدعم سلوفينيا في حصولها على مقعد مؤقت في مجلس الأمن، داعيا إلى مزيد من التعاون بين الدولتين.
من جانبها، دعت وزيرة الخارجية السلوفينية إلى ضرورة تعميق الحوار بين الدولتين، والدول الأوروبية الأخرى التي لها ذات التوجهات، مؤكدةً دعمها لقرار إجراء حوار سياسي أوروبي فلسطيني، وعقد اتفاقية شراكة فلسطينية أوروبية كاملة.
وخلال لقائه مع وزير الدولة الايرلندي لتطوير المجتمع والمؤسسات الخيرية جو اوبراين، دعا المالكي إلى ضرورة أن يتخذ المجتمع الدولي موقفا علنيا واضحا وصريحا تجاه الحكومة الإسرائيلية القادمة، والتي جميع النتائج المحيطة تشير الى أنها ستكون حكومة متطرفة إرهابية وستزيد من معاناة الشعب الفلسطيني.
وكان المالكي قد شارك، مساء أمس الخميس، في المنتدى السابع للاتحاد من أجل المتوسط، والذي يعقد في مدينة برشلونة الإسبانية، بمشاركة وزراء خارجية الدول الأعضاء والبالغ عددهم 42 دولة، وممثلين عن المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية ومؤسسات المجتمع المدني والجهات الممولة لمشاريع الاتحاد من أجل متوسط.
وفي كلمته، أشاد المالكي بالأثر الكبير الذي أحدثه التعاون بين أعضاء الاتحاد من أجل المتوسط، خاصة وأن فلسطين جزء مهم فيه.
وقال إن دولة فلسطين تدعم الاستقرار، والعدالة في الحصول على الموارد والانتفاع منها، الأمر الذي يأتي كترجمة حقيقية لايلاء القيادة الفلسطينية أهمية كبيرة للتعاون على الصعيدين الدولي والإقليمي في القضايا الحساسة، وإثبات لجميع دول العالم بأن فلسطين تستطيع أن تساهم على المستويين الإقليمي والدولي ونقل الخبرات الفلسطينية إلى العالم كله بالرغم من المعيقات التي تواجهها وأكبرها الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967.
ونوه المالكي انه في الوقت الذي يحاول العالم جاهدا مجابهة الأزمة الغذائية وإيجاد حلول لها، نحاول نحن في دولة فلسطين فهم الدوافع الإسرائيلية لاقتلاع جرافات الاحتلال كل يوم آلاف أشجار الزيتون ورش المبيدات الكيميائية على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية، والدوافع الإسرائيلية في هدم المدارس ومنع الطلبة من الوصول الى مدارسهم وتحصيل مستوى جيد من التعليم، كما حدث مؤخرا عندما هدموا آخر مدرسة إبتدائية في مسافر يطا جنوب الخليل.
وأضاف: "تأتي هذه الانتهاكات كلها في الوقت الذي تسعى فيه كل دول العالم لزيادة قدراتها الغذائية وحماية البيئة من التلوث خاصة في ظل الأزمة الغذائية التي باتت تلوح في الأفق نتيجة للحروب والنزاعات والأزمات الاقتصادية وآخرها تلك التي خلفتها كورونا ، والصدمات المناخية وارتفاع الأسعار".
وأشار المالكي إلى أن هذه السياسات لا تمس الأمن الغذائي الفلسطيني فحسب، بل تساهم في زيادة العبء الدولي أيضا، حيث دعا الدول الأعضاء في الاتحاد إلى تحمل المسؤولية الجماعية التي تقع على عاتق كل دولة لحماية البيئة وتوفير الغذاء والماء خاصة للفئات الأكثر حاجة لها.
وأوضح أنه بالرغم من جميع السياسات الاحتلالية التي تمارسها إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، إلا أن دولة فلسطين تبذل جهودا جبارة لدعم المزارعين والزراعة الفلسطينية، وتعمل على إنشاء محطات عدة لمعالجة المياه العادمة واستخدامها في قطاع الزراعة، الخطوة التي تأتي في إطار السعي نحو الاعتماد على الذات وتوفير الغذاء والانفكاك عن الهيمنة الإسرائيلية.
وشدد المالكي على أن قضية أزمة مياه الشرب هي من أكثر المعضلات تعقيدا خاصة في قطاع غزة ، في ظل تشديد الحصار الإسرائيلي وشح الموارد المائية وتلوثها وزيادة ملوحتها، إذ لا تعتبر صالحة للاستخدام الآدمي.
وأضاف أن الواقع الحالي في غزة يساهم في إعاقة جميع مناحي الحياة وزيادة نسبة البطالة بين الشباب مما يحد من فرص التطوير والاستثمار.
وثمّن المالكي دور الاتحاد من أجل المتوسط الذي بالشراكة معه تم إنشاء مشروع تحلية المياه في غزة، مشيرا إلى أنه "مشروع وطني مهم ذو تأثيرات وانعكاسات إقليمية مهمة، خاصة في الحد الفعال من التلوث في شرق البحر الأبيض المتوسط".
وأوضح بأن حكومة دولة فلسطين تؤكد التزامها بتعافي وتعزيز التنمية الاقتصادية، خاصة في قطاع غزة، وبتطوير نظام الاقتصاد الأزرق؛ الذي يسهم في تعزيز النمو والوظائف والاستثمارات والحد من الفقر، مؤكدا أن دولة فلسطين ذات إمكانيات واعدة، شريطة إزالة المعيق الأساسي، وهو الاحتلال الإسرائيلي وهيمنته على الأرض الفلسطينية ومواردها وعدم سماحه لنا بالوصول الى البحر وشواطئه.
وعبر المالكي عن فخره في الشباب الفلسطيني ودوره الفعال في المجتمع خاصة وأنه يشكّل النسبة الأكبر من المجتمع الفلسطيني، منوها الى أن الحكومة الفلسطينية تعمل بكل إمكانياتها وجهدها لمواجهة تنامي نسبة البطالة والفقر، وتركّز جُل عملها على خلق مساحات لتشغيل الشباب، وذلك من خلال إعادة صياغة منظومة التعليم وتحسين مخرجاته، وربطها بمتطلبات واحتياجات سوق العمل.
وطالب المجتمع الدولي بضرورة الإسراع وتوفير الحماية للشباب الفلسطيني، الذي ومنذ بداية هذا العام حتى هذه اللحظة قام الاحتلال الإسرائيلي بقتل ما يزيد عن مئتي فلسطيني واعتقال 6000 حالة غالبيتهم من الشباب.
ودعا المالكي الدول الأعضاء في الاتحاد من أجل المتوسط الى ممارسة واجبها بالضغط على إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، بالسماح للشباب الفلسطيني بالأخص والمجتمع الفلسطيني ككل بممارسة حقوقه الديمقراطية، وذلك من خلال السماح لعقد الانتخابات التشريعية والرئاسية في جميع الأراضي الفلسطينية وعلى رأسها القدس الشرقية.
واختتم المالكي كلمته بالتشديد على أنه وبالرغم من كل الجهود التي تبذلها الحكومة الفلسطينية، إلا أنها لن تتكلل بالنجاح دون الشركاء الدوليين ودعمهم المالي والتقني المستمر في فلسطين وحوض المتوسط، داعيا إلى المزيد من التعاون في المستقبل.