تصريحات وبيانات وإعلان مواقف، من قبل قيادات الفصائل والناطقين باسمها، تتجدد كل ساعة، حول تشكيل الحكومة، مع ذلك، ورغماً عما جاء في معظم هذه التصريحات والبيانات، فإن المشاورات لتشكيلها، لم تبدأ بعد، ليس لسبب، إلاّ لأن هناك خلافا حول «البدء بالمشاورات» والجهة المخوّلة إجراءها.

منظمة التحرير شكّلت لجنة لهذا الغرض، غاب عنها ممثلو الجبهة الشعبية وحركة الجهاد الإسلامي، وقيل إنهما أعلنتا عن عدم رغبتهما في الانضمام إلى هذه الحكومة، رغم بياناتهما التي أجمعت على ضرورة أن تشكل حكومة وحدة وطنية بديلاً عن حكومة الوفاق الوطني التي من المفترض نظرياً أنها قد استقالت، مع ذلك، فإن غيابها عن «لجنة المشاورات» لا مبرر له، ذلك أن التشاور لا يعني المشاركة في الحكومة، بل إن ذلك يمنحها فرصة شرح وتفسير سبب ومبرر عدم مشاركتهما في الحكومة، ويمكن فهم هذا الغياب من قبلهما، لو أنهما بررا عدم المشاركة في اللجنة، بضرورة انعقاد الاطار القيادي للفصائل لبحث مسألة تشكيل الحكومة، وهو الأمر الذي طالبتا به فعلاً، لكن لم يطرح كسبب لغيابهما عن اللجنة المشار إليها.
إلى ذلك، فإن الحديث عن تشكيل حكومة وحدة وطنية، يبدو أنه ينطوي على خلاف آخر، حول رئيس الحكومة، هل يتم تكليف الحمد الله، الذي طالبت حركة حماس في بعض تصريحاتها بالاستغناء عنه، أم يتم تكليف الرئيس أبو مازن نفسه برئاسة هذه الحكومة، كما طالبت بعض الجهات في حركة فتح، أم يتم اختيار شخصية أخرى يتم التوافق عليها وفي هذه الحال، من هي هذه الجهات التي يجب أن «تتوافق»!!
ما هو شكل «حكومة الوحدة الوطنية»، هل تتشكل من ممثلي الفصائل الفلسطينية، وعلى أي أساس، أو حكومة وحدة وطنية برلمانية، تتشكل من أعضاء المجلس التشريعي ممثلي الفصائل والقوائم في المجلس التشريعي، وهو الاقتراح الذي أشار إليه النائب عن فتح أشرف جمعة.
حركة حماس، من بين اعتراضات واشتراطات أخرى، تعتبر أن ليس هناك أي دور لمنظمة التحرير الفلسطينية بهذا التشكيل، وان الجهة المخولة بذلك، هو الإطار القيادي للفصائل الفلسطينية، في حين ترى أوساط فصائلية فلسطينية، أنه ليس من مهام الإطار القيادي، دور في التشكيل، إذ ان المهمة الوحيدة لهذا الإطار عند تشكيله هي تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية. أحمد مجدلاني اعتبر هذا الإطار اختراعا حمساويا، مع أن العديد من فصائل منظمة التحرير تمنح هذا الإطار مهام تتعلق بالشأن الفلسطيني الداخلي، وربما تفعيل هذا الاطار ومنحه مهام إضافية، قد يسهم في تعزيز التوافقات الداخلية، في حالة البحث عن حلول للتعارضات كما هو الحال الآن.
إثر تجربة حكومة الوفاق الوطني، برئاسة الحمد الله، وفشلها في القيام بمهامها على العديد من الملفات حتى في الضفة الغربية، فإن حركة فتح أخذت تدعو إلى منح الحكومة الجديدة، مهام ذات طابع سياسي، يعود هذا المطلب، إلى أن فشل حكومة الحمد الله كان يعود إلى أن معظم الملفات بحاجة إلى تغطية سياسية من خلال دور سياسي مرتبط أشد الارتباط بهذه الملفات، يضاف إلى ذلك ومن وجهة نظر حركة فتح، أن تلتزم الحكومة الجديدة ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية، لعدم ترك أي مجال لتبرير حصار ومقاطعة الحكومة الجديدة من قبل الجهات المانحة والرأي العام الدولي.
يبرر النائب أشرف جمعة عن حركة فتح، مطالبته بتشكيل حكومة وحدة وطنية برلمانية، سيعطي قوة قانونية إضافية «للشرعيات الفلسطينية» حسب قوله، وهذا يعني أن مطالبة حركة حماس، بأن تمنح الحكومة الجديدة الثقة من قبل المجلس التشريعي، أمر ينسجم مع ما طرحه النائب جمعة، الذي اعتبر ضمناً وجود «شرعيات» وتحديداً «شرعية المجلس التشريعي» التي هي موضع شك من قبل أطراف عديدة، من بينها حركة فتح، خاصة وأن حكومة الوفاق الوطني برئاسة الحمد الله، والتي تم تشكيلها بالتوافق والمحاصصة بين حركتي فتح وحماس، لم تخضع لثقة المجلس التشريعي، فما الذي استجد الآن؟!
هذه الملاحظات السريعة جداً، حول الخلاف الأولي حول الجهات المكلفة التشاور، حتى قبل الخلاف حول شكل الحكومة، ورئيسها وأجندتها، تشير إلى السبب الحقيقي وراء عدم تقديم الحمد الله لاستقالة حكومته رسمياً، وبالتالي عدم تكليفه لتشكيل الحكومة الجديدة، يعود إلى معرفة القيادة أن الأمر سيطول، وان المدة القانونية للتشكيل غير كافية، لذلك، فإن التأجيل يمنح وقتاً أطول، قبل البدء في سريان الموعد الدستوري، لذلك، فإننا نعتقد أن أمر استقالة الحكومة رسمياً، سيطول أكثر مما اعتقد البعض الذي كان متفائلاً جداً، بتشكيل حكومة جديدة خلال أسبوع!!
Hanihabib272@hotmail.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد