علِّمنا يا شيخ؛ كيف نصوم ولا نفطر، علِّمنا الزهد بالحياة من أجل حياة أفضل، علّمنا كيف تصنع موتاً مدويّاً يشحذ فينا الهمم، علِّمنا كيف نرتّب لموت احتفالي كريم، بيدنا لا بيدهم، ولا ننتحر.
علِّمنا الإيمان بذواتنا وبدور الفرد البطولي دون الوقوع في شراك التفرد. علّمنا كيف نقوم بإجراء أحادي الجانب دون اكتراث بالعواقب.
علِّمنا كيف تبقى إنساناً طبيعياً لا يحشر الآخر في القوالب المسبقة الصنع، إنساناً عادياً متواصلاً مع المجتمع بكل ألوانه وراياته.
علِّمنا يا شيخ الإرادة، وكيف نذوِّب أجسادنا في القضية ونتوحد معها في جسد واحد، علمنا كيف تقبض على الجمر ويرتد إلى جوفك برداً وسلاماً. علمنا كيف حاربت كفك المخرز، وكيف نركِّز نظرنا على هدف جمعي واحد، نعبر عنه بأساليب وآليات متعددة، علمنا يا شيخ، كيف نحشد أنفسنا على أولياتنا، علمنا يا شيخ، كيف تضافرت الأعضاء الوظيفية في خدمة صمود الجسد الواحد، وكيف اصطفت، الأمعاء والقلب والعقل والأطراف، لحماية الإرادة.
علمنا يا شيخ عدنان، كيف نكون من عباد الله الصالحين، علِّمنا معنى الصلاح والفلاح، علمنا كيف نعقل قبل أن نتوكّل، وكيف يحب المؤمن دنياه وآخرته ويعمل من أجلهما، وبأن جمال الحياة الآخرة في كمال الدنيا، علمنا كيف نصبر ونؤمن بأن النصر صبر ساعة.
علِّمهم يا شيخ، كيف تكون الصلاة لوجه الله وحده، وليس لوجه أسياد الجاهلية الجدد، علِّمهم كيف تستخير عندما تحتار، وكيف تميِّز الخيط الأبيض عن الأسود، علمنا يا شيخ كيف نوجه البوصلة الفلسطينية نحو القِبْلة الوطنية، وكيف لم تركع سوى لله وللوطن، وعن طريقتك في وضع قواعد القياس، ومعايير الصواب والخطأ، الطهارة والفحش، وعن انفتاح معنى النضال على أبعاده الوطنية.
علِّمهم يا شيخ عدنان، أن حب الوطن ليس بتقسيمه، وكيف يخسر الدين على يد مستخدميه، وكيف يكسب على يد أمثالك. علِّمهم كيف تخدم المزايدة على الدين في الانتقاص منه، وكيف تتحول على يد المتطرفين إلى عدوٍ للدين والمتدينين، علمهم أن الدين لا يُؤجَّر أو يُستثمر، علَّمهم يا شيخ المناضلين، معنى أن يكون الجهاد نصراً أو استشهاداً.
علِّمهم يا شيخ، الزهد بملاذ الحياة، وتقديس الحياة، علمهم أن الدين يُشذِّب الغرائز ولا يُفلتها من عقالها، وينهى عن ارتكاب الفحشاء والمنكر، وأن الدين يدعو إلى الرحمة بأنفسنا وبغيرنا، علمنا كيف تكون مميزاً وسامياً وعادياً دون تكلف.
أعلمنا يا شيخ عن تناغم القلب والعقل، وانضباط الجسد الواحد للقرار. وكيف تسيطر الفكرة الطاهرة على المغريات، علمنا كيف تجاوبت أطراف الجسد مع القداسة، أعلمنا، عن قدرة الوهن الجبارة في الصمود بوجه الجبروت، علمهم يا شيخ، المعاملة بالحسنى ومكارم الأخلاق، وأن المسلم من يسلم الناس من لسانه ويده.
لقد عبر «خضر عدنان» الماراثون الأول بنجاح، واليوم، نحن أمام سابقة عبور ماراثوني جديد لصاحب الطريقة، وصاحب السوابق النضالية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية