صانع الآيس كريم في غزة
وكالات/سوا/ في وسط مدينة غزة يصنع أحد الأشخاص الآيس كريم ويبيعه في متجره كما يحظى بشهرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء.
وفي تقرير نشره موقع (BBC)، قال الرجل طويل القامة ويدعى أشرف شعبان "أهذه هي المرة الأولى التي تزورون فيها غزة؟"، وأضاف أن حقيبته مليئة بعملات الشيكل اللازمة لمتجره، وانه كان في تل أبيب يحضر دورة تدريبية في صناعة الآيس كريم على الطريقة الإيطالية.
يملك أشرف ويدير مقهى شهيرا يحمل اسم "كاظم آيس كافيه" ، كما أنه متعهد توريد أغذية إلى غزة، طوال أكثر من نصف قرن، من منتجات الآيس كريم والبوظة والنكهات الغالية المتميزة.
يرتبط الآيس كريم بالنسبة لي بالأيام السعيدة والأيام المشرقة والعطلات والشواطئ وأطفال يضحكون. وفوق كل ذلك يرتبط بالطبيعة الآمنة. وغزة ليس بها الكثير من ذلك اليوم.
بالطبع مازال هناك الكثير من الأطفال والشواطئ الممتدة ذهبية اللون، وقد افتتح أشرف فرعا جديدا على الشاطئ في مدينة غزة. وعلى الرغم من الدمار الذي لحق بأجزاء من المدينة منذ حرب العام الماضي، ترى الكثير من الأطفال يضحكون ويلعبون وسط الحطام.
كل واحد من هؤلاء الأطفال يعرف آيس كريم "كاظم"، ووجدنا مجموعة من خمسة أطفال يجلسون فوق كومة من الركام ومعهم حوض فارغ ارتابوا وهم يعلنون عن موافقتهم حال سؤالنا لهم إن كان متجر كاظم هو المكان الذي يذهبون إليه للحصول على هذه المتعة.
وقال أشرف :"اعتادوا الحرب، إن الجيلاتي والشاطئ ربما الطريقة الوحيدة للإعراب عن شعورهم."
لكن بالطبع كل ذلك يتكلف الأموال، وإن لم تكن كثيرة، فتكلفة الكوب الصغير تصل إلى نحو 20 بنسا أو شيكلين.
وينتظر أشرف في نهاية كل شهر ليرى إن كانت السلطة الفلسطينية ستدفع رواتب موظفي الحكومة أم لا، لأنه يعلم أن الأعمال ستتعثر إن لم يفعلوا ذلك.
تحديات
عرفنا أشرف بعد أيام قضيناها في غزة. إنه رجل أعمال هادئ الحديث ونحيف، مولع بالحرفة التي ورثها عن والده ولديه الكثير من الأصدقاء على جانبي الحدود.
أرانا بكل فخر آلة صناعة الجيلاتي الإيطالي التي وضعها في الغرف الخلفية لبناية المقهى. لقد واجهته صعوبات لإقناع الإسرائيليين بأنه لا يوجد بديل عنها، أثناء مساعيه لاستيرادها.
كان هناك بعض الآلات على الأقل التي كان يتم سحبها من خلال الأنفاق تحت الحدود مع مصر، حتى توقفت عمليات التهريب قبل أشهر مضت. وأصبحت رؤية مجموعة من الشباب في جنح الظلام يتصببون عرقا يسحبون صناديق كبيرة من خلال حفر متهالكة في الرمال مشهدا غريبا، ومع كل هذا مازال باستطاعة أهالي غزة تناول الآيس كريم.
ومن حق أشرف أن يفتخر بأن المقهى الذي يمتلكه بني في الواجهة المقابلة التي تبعد بنايتين عن البحر في مدينة غزة. ويتسع المقهى ل50 شخصا وهو يتميز بفرش ملون يتناسب مع ألوان الآيس كريم الذي يقدمه.
لكن الواقع المؤلم ليس ببعيد عن هذا المكان. ففي الناحية المقابلة مباشرة، في الجهة الأخرى من الطريق، يوجد حطام عمارة سكنية دمرها صاروخ إسرائيلي في أغسطس/آب العام الماضي.
قال أشرف :"دمر جميع نوافذنا"، لكن المقهى والمتجر أعيد افتتاحهما خلال أسابيع في نهاية القتال.
ومن بين الأشياء التي تخفف عنه أن اسرائيليين يعرفون من هو وما الذي يفعله. فخلال حرب أغسطس/آب، قال أحد المتحدثين العسكريين خلال مرحلة من مراحل الحرب إن القوات الإسرائيلية إذا شنت غزوا بريا فسوف تأكل "آيس كريم عند كاظم في نصف ساعة".
لكن ماذا عن حماس التي تدير قطاع غزة؟ إنها تضع في أحد الأماكن لافتات كبيرة لعدم تشجيع الشباب على ارتداء السراويل الجينز المتدلية من الخصر، وكيف لهم أن يواجهوا التأثير الأمريكي الأخر على ثقافة الشباب، وهو تناول كوب من الآيس ذي النكهات المتعددة.
قال غازي حامد، نائب وزير خارجية حماس :"هذا جيد، الجميع هنا يعرف مقهى كاظم".
وأنا أيضا كذلك. والسؤال المطروح هو ما الفائدة من ذلك؟ حسنا، يمكنني القول بأنه من قلب مدينة نصفها مهدم في جيب محاصر ومغلق، نصفه أحيانا بأنه أكبر سجن مفتوح في العالم، يخرج أفضل آيس كريم يمكن تذوقه في العالم.