طباخ حلبي يصبح نجما بغزة بعد فراره من الحرب السورية
غزة / رويترز / القول بأنه لم يمر أحد بما مر به وارف حميدو قبل أن يصبح طاهيا من المشاهير رهان مضمون.
فقبل ثلاثة أعوام كان حميدو (34 عاما) يدير مطعما صغيرا في أحد المراكز التجارية بمدينة حلب السورية. وتعرض المركز لقصف مكثف في الحرب الأهلية السورية، وفر أفراد أسرته إلى جنوب شرق تركيا، وتبعهم هو بعد فترة قصيرة.
وفي تركيا، قرر أنه سيكون أفضل حالا في مصر، فأبحر إلى بورسعيد، وانتهى به الحال للعمل طاهيا في مآدب الشركات بالقاهرة.
وواجه حميدو صعوبات شديدة، ووجد نفسه أمام خيار من اثنين، فإما المجازفة برحلة إلى أوروبا، وإما أن يجرب حظه في مكان آخر.
وقال حميدو: "كان علي أن اختار إما ركوب قوارب الموت إلى أوروبا مع مستقبل غير مضمون، أو الذهاب إلى غزة بناء على نصيحة بعض الأصدقاء الفلسطينيين."
وعلى عكس كل التوقعات اختار غزة.
وفي أيار/ مايو 2013، تم تهريبه عبر واحد من الأنفاق التي تربط بين سيناء والأراضي الفلسطينية، وانضم إلى سكان غزة البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة الذين يكافحون لطلب الرزق في اقتصاد على حافة الانهيار يقترب فيه معدل البطالة من 50 في المئة.
وربما استفاد حميدو من مهارته التقنية؛ إذ إنه حاصل على شهادة جامعية في الهندسة الميكانيكية، لكنه صمم على النجاح كطاه، وتابع حلمه خطوة بخطوة رغم أن الحرب بين إسرائيل وحركة حماس استنزفت غزة بعد نحو عام على وصوله إليها.
وقابل صحفية فلسطينية أجرت مقابلة معه عن اللاجئين السوريين وتزوجها. وفي نهاية المطاف افتتح مطعمه الخاص الصغير، وأطلق عليه اسم (سوريانا) في واحد من أفضل أحياء غزة.
وقال عن انطباعاته الأولى عن المطبخ الغزاوي: "رأيت أنه لا توجد أساليب إبداعية في الطهي. أماكن قليلة فقط كانت تقدم أشياء غير تقليدية. واعتقدت أن لدي فرصة عندما تعلق الأمر بالطعام السوري."
وللمأكولات السورية شهرتها في العالم العربي، ووجد حميدو زبائن متلهفين.
وقال: "هم يعشقون الكبة التي نقدمها"، مشيرا إلى الطبق السوري المكون من اللحم البقري أو لحم الضأن المفروم والبرغل. وأضاف: "أصبحوا مهووسين به".
وبدأ الزبائن يطلبون منه تقديم وجبات سورية أخرى سمعوا بها في الأفلام أو في التلفزيون.
ومع ازدياد شهرته، طلبت محطة تلفزيون محلية من حميدو تقديم برنامج عن الطبخ. وسيبدأ عرض البرنامج في 30 حلقة خلال شهر رمضان .
وعلى شفتي حميدو ترتسم البسمة الآن، غير أن المستقبل غير مؤكد. فقد انتهت صلاحية جواز سفره، ولا توجد سفارة سورية في غزة لتجديده. وما لم يحصل على وثيقة سفر جديدة سيواجه صعوبة في رؤية عائلته في تركيا.
أما من جاء غيره من السوريين إلى غزة، فقد لجأ في نهاية الأمر إلى السويد، أو ظل عاطلا عن العمل.
لكن حميدو لم يفقد حماسه للطبخ.
وقال: "لدي خطط، وذكر فكرة افتتاح فرع آخر لمطعم سوريانا في جنوب غزة، أو ربما في سوريا في نهاية الأمر".