مركز:هل ترسو تهدئة طويلة الأمد على شاطئ غزة؟

بيروت / سوا / نشر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات تقديرًا استراتيجيًا حول احتمالات نجاح تهدئة طويلة المدى بين المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي.

ويقول المركز إن تفاعلات الجهود الرامية لإرساء تهدئة دائمة أو طويلة المدى أمامها فرصة نجاح محتملة بدرجة متوسطة نسبياً، لكنها تواجه كوابح وتحديات كبيرة.

ويشير إلى أن في ضوء المعطيات البارزة حتى اللحظة يمكن رسم مسارات التهدئة المحتملة كالآتي: أولًا/ مسار تحقق التهدئة ويتفرع إلى اتجاهين، هما: تمكن الأطراف من إرساء تهدئة طويلة المدى بصورة ما، وفي حال حدوثها سيتحدد شكلها، بناء على معادلة توازن بين مطالب المقاومة والاحتلال، أما الثاني فهو: إيجاد حل وسطي يتضمن تنفيس الحصار بشكل ملحوظ مقابل استعادة الجنود الأسرى، وهو مطلب لدى جهات في الطرف الإسرائيلي.

أما المسار الثاني بعنوان "مسار التصعيد"، فيوضح المركز أنه يتفرع إلى اتجاهين، هما: انفجار الوضع باشتعال مواجهة جديدة على نسق المواجهات السابقة؛ بسبب الضغط الهائل الذي يفرضه الحصار الخانق على القطاع، والتصعيد بدرجة أعلى، بتدحرج الأحداث نحو احتلال القطاع من قبل الجيش الإسرائيلي، بهدف تفكيك قاعدة المقاومة وإخضاعها.

ويبين أن "مسار الجمود" وهو الثالث، يعني أن يستمر الوضع على حاله، ويشمل تنفيس محدود للحصار بزيادة عدد شاحنات البضائع المسموح لها بدخول القطاع من جهة الاحتلال، مع لحظات تصعيد محسوبة بين الفينة والأخرى، وعدم انسياق المسار نحو تصعيد عالي الوتيرة، لحاجة الطرفين للهدوء في الوقت الراهن.

وينوه المركز إلى أن العوامل المؤثرة في توجه المسار المحتمل وتطوره هي: مدى استجابة المستوى السياسي الإسرائيلي للأصوات التي تنادي بتهدئة طويلة المدى، ولتوصيات جهات وازنة في المستويين الأمني والعسكري، الداعمة لخيارها، ومدى قدرة نتنياهو على إقناع شركائه في الائتلاف الجديد، و مدى تطور الموقف الأمريكي تجاه تشجيع نتنياهو للتساوق مع خيار التهدئة الطويلة المدى.

ويضيف أن العوامل أيضًا توصل الأطراف الفلسطينية لتوافق داخلي بشأن التهدئة طويلة المدى، وخاصة بين حركتي فتح و حماس ، وزيادة التطور في الموقف المصري بشكل إيجابي تجاه القطاع وحركة حماس والمقاومة بشكل عام

ويقول المركز أن المعطيات الراهنة تشير في ظل تفاعل العوامل المؤثرة القائمة حتى اللحظة إلى أن مسار الجمود، مع شيء من التنفيس المحدود هو الأكثر ترجيحاً؛ لأن طرفي المواجهة، الاحتلال والمقاومة، يصعب عليهما تخطي كوابح التهدئة طويلة المدى، وتوفير مستلزماتها، كما أن أطراف أساسية كقيادة السلطة الفلسطينية ومصر غير معنية بإنجاح جهود تهدئة طويلة المدى إذا كانت تمثل ملاذاً لحماس، بينما هما يرغبان بإضعافها. مع ذلك فإن الطرف المصري أخذ مؤخراً يبدي بعض الليونة النسبية تجاه القطاع والمقاومة فيها لكنه يبقى حتى الآن حذراً ومتردداً في مسلكه هذا.

ويلفت إلى أن الموقف الأمريكي فيشوبه الغموض بهذا الشأن، بينما لن يكون الموقف الأوروبي مؤثراً بشكل ملموس إلا بانضمام كل من فرنسا وألمانيا وأسبانيا لبريطانيا المؤيدة حالياً للتهدئة.

ويُلخص المركز تقديره الاستراتيجي بأن أن أفق المستقبل القريب في الأشهر القادمة يتذبذب بين بقاء الوضع على حاله مع شيء من التنفيس النسبي، أو انفجار مواجهة جديدة على نسق المواجهات السابقة؛ فيما لو خرجت الأمور في القطاع عن السيطرة، أو أن تتدحرج التصعيدات الصغيرة إلى مواجهة كبيرة.

أما بشأن عقد هدنة طويلة المدى مترافقة مع كسر الحصار عن القطاع، فيشير إلى أن فرصته محتملة نسبياً، ولكن ما زال دونها الكثير من العقبات المحلية والإقليمية والدولية التي هي بحاجة إلى تفكيك وإعادة ترتيب، قبل المضي قدما في هذا المسار.

ويوصي المركز أن التهدئة طويلة المدى في إطار توافق وطني فلسطيني، يرفض فصل قطاع غزة عن باقي فلسطين، وبما يخدم رفع الحصار، وإعمار قطاع غزة، وأن سلاح المقاومة وقواعدها المناضلة مكسب وطني استراتيجي، لا يجوز المساس به أو تجميده أو نزعه كأحد استحقاقات التهدئة.

ويؤكد أن المدة الزمنية للتهدئة يتوجب أن لا تمتد لأكثر من خمس سنوات، لأن إطالتها يفضي لاسترخاء الحاضنة الشعبية، مما يضر ببرنامج المقاومة وقاعدتها.

كما طالب قيادة المنظمة والسلطة بأن يلعبا دوراً أكثر إيجابية في فكّ الحصار عن القطاع وإعادة الإعمار، وفي تفعيل برنامج المصالحة، واستيعاب موظفي القطاع، وعمل الوزارات والمؤسسات.

ودعا المركز النظام المصري بفتح معبر رفح ، وإنهاء أي شكل من أشكال تعطيل حرية الحركة للأفراد والبضائع بين القطاع ومصر.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد