خطبة عن عاشوراء دروس وعبر مكتوبة قصيرة 1444
خطبة عن عاشوراء دروس وعبر مكتوبة قصيرة 1444 ، حيث يحل موعد يوم عاشوراء على الأمة العربية والإسلامية مطلع الأسبوع المقبل ، في وقت يتساءل كثيرون عن فضل صوم تاسوعاء وعاشوراء وكثير من الأسئلة حول هذا اليوم الذي يحيه المسلمين.
وينشر لكم فريق وكالة سوا الإخبارية في هذا المقال خطبة عن عاشوراء دروس وعبر مكتوبة قصيرة 1444 ، حيث يتجه كثير من الخطباء الى البحث عن خطبة عاشوراء مكتوبة من أجل تحضيرها ولتقيحها قبل صلاة يوم الجمعة والذي يسبق يوم عاشوراء بيوم أو يومين.
خطبة عن عاشوراء دروس وعبر مكتوبة قصيرة 1444
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل-، فهي وصية الله للأولين والآخرين، قال -تعالى-: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ)[النساء:131].
أيها المسلمون: العاقل هو مَن يَعتبر بسُنن الكون ويستفيد من أحداثه خصوصاً تلك الأحداث العظيمة والمواقف الكبيرة التي تُغيّر مجرى التاريخ، وها نحن مقبلون على يوم عظيم من تلك الأيام؛ يوم من أيام الله الخالدة التي ينبغي الوقوف معها وأخذ العبر منها.
إنه يوم عاشوراء، وما أدراكم ما يوم عاشوراء؟ يوم نجَّى الله فيه نبيه وكليمه موسى -عليه الصلاة والسلام- من أعظم الطغاة في الأرض في مشهد مليء بالدروس والعبر.
وقد أراد فرعون أن يبطش بموسى ومن معه؛ فلحق بهم في جيش عظيم حتى أدركهم قرب البحر حتى ظن قوم موسى أن فرعون قد أدركهم، وأنه لا سبيل لهم في النجاة؛ (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)[الشعراء:61-68].
هنا أهلك الله الطاغية فرعون وقومه، ونجَّى الله موسى وقومه، فكان هذا اليوم أعظم أيام بني إسرائيل، وهو من أيام الله الخالدة التي أبقى الله فضله إلى قيام الساعة.
وفي هذا اليوم دروس وأحكام وعبر نقف مع شيء منها لنستفيد من أحداثها وعِبَرها:
فمن هذه الدروس: ارتباط هذه الأمة بالأنبياء السابقين، وقد قال -عليه الصلاة السلام- مبيناً هذا الارتباط بين هذه الأمة والأنبياء السابقين، وأنها أحق بالأنبياء من أقوامهم الذين كذّبوهم؛ فقال لليهود وهو يتحدث عن عاشوراء: "نحن أولى بموسى منكم"، وشواهد هذا في الكتاب والسنة كثيرة.
ومن دروس عاشوراء: التذكير بنصر الدين وأهله مهما بلغ ضعفهم المادي، ومهما بلغت قوة الباطل وأهله؛ فقد بلغت قوة فرعون وأتباعه المادية ما لا يطيقه موسى ومن معه من المؤمنين؛ (قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ)[الزخرف:51-52]؛ ومع ذلك هزم فرعون وأتباعه شرّ هزيمة، وكان هلاكهم عبرة للتاريخ؛ فلا تخف -أيها المبارك- على ضياع الدين؛ لأن له ربًّا ينصره، ولكن اجعل لك دورًا في تحقيق هذا النصر؛ حسب استطاعتك.
ومن دروس عاشوراء أن فيه تذكيرًا للمسلمين بأن الذي أخذ فرعون مصر أخذ عزيز مقتدر قادر على أخذ غيره من الطغاة بلمح البصر، لكنَّ تأخيره ذلك لحكمة هو أعلم بها -سبحانه وتعالى-، ونحن نعلم أنه كلما كان طغيان الظلمة أكثر كانت عقوبتهم أشد وأكبر.
ومن دروس عاشوراء: أن الله يجعل لهلاك الطغاة أسبابًا لا تخطر لهم على بال، ولهذا لم يخطر على بال فرعون فضلاً عن غيره أن يكون هلاكه على يد مَن تربى في بيته.
ومن دروس عاشوراء: أن النصر الذي يفرح به أتباع الأنبياء هو الذي يخدم دينهم ويعزه (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ)[الروم:4-5].
ومن دروس عاشوراء: أن الله سلط على المخالفين لهدي نبيه -صلى الله عليه وسلم- أنفسهم؛ فجعلوا يضربونها في هذا اليوم كأنه عقاب لهم؛ لتركهم هديه -عليه الصلاة والسلام-؛ فكان عقابهم بأيديهم عبرةً لكل معتبر، وآية لكل صاحب عقل سليم؛ فأين المتفكرين والمعتبرين؟!
ومن دروس عاشوراء أن هذا الدين مبناه على الاتباع، فلا ابتداع حزن بدون دليل، ولا اتخاذه عيداً بدون دليل، إنما صيامه كما جاء الدليل عن الحبيب -صلى الله عليه وسلم-.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
أما بعد: فيا أيها المسلمون صيام عاشوراء فضله، جاء في الأحاديث الصحيحة ومنها حديث أبي قتادة في مسلم أن رسول -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عن صوم يوم عاشوراء فقال: "يُكَفِّر السنة التي قبله".
أيها المباركون: يوم عاشوراء في هذا العام يوافق يوم الاثنين القادم؛ فيستحب صيامه ومن السنة صيام التاسع مع العاشر لحديث: "لئن بقيت إلى قابل لأصومنّ التاسع"(رواه مسلم).
وصيام التاسع مع العاشر هو أعلى مراتب صيام عاشوراء، أما من أحب أن يصوم معها الحادي عشر بقصد الثلاثة أيام من كل شهر؛ فهو على خير، وشهر محرم كله يُستحب فيه الإكثار من الصيام.
ومن أحكام يوم عاشوراء: أن من صام عاشوراء وحده فهو على خير عظيم، ويرجى له تكفير السنة التي قبله كما ورد بذلك النص، وفضل الله واسع، ولا دليل على كراهة إفراده، وصوم التاسع معه أفضل لمن استطاع كما سبق بيانه.
أيها المباركون: في صيام عاشوراء هناك بعض الطلاب ومن يشق عليهم الصيام لكنهم لا يريدون ترك صيامه لرغبتهم في تحصيل أجره العظيم، فلعل من الحكمة هنا إرشادهم أن الفضل المرتب على صيام عاشوراء يتحقق ولو بإفراده بالصيام حتى لا يصعب عليهم صوم اليومين فيتركوها جميعاً؛ ظناً منهم أنه لا يحصل لهم الفضل بيوم واحد.
ولقد كان السلف يتواصون بصيام عاشوراء؛ فقد جاء أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أرسل إلى الحارث بن هشام في اليوم التاسع، وقال له: "غدًا يوم عاشوراء، فصم وأمر أهلك أن يصوموا".
أخيراً -أيها المباركون- فإن صيام عاشوراء صحت به السنة، وأجمع أهل العلم على استحبابه؛ فلا يُلتفت إلى مَن ردّ السنة المجمع عليها بعقله طلباً للشهرة، وبئس الشهرة التي تحصل له بتكذيب السنة.