هنالك مصطلح يجري تسويقه على نطاق واسع يتصل بالوضع في غزة ، هذا المصطلح يقول : ان اسرائيل و حماس متفقتان على عدم التصعيد، اي ليس في مصلحة اي منهما الدخول في حرب كتلك الحروب الكبرى التي حدثت خلال السنوات الماضية ، اي منذ بدء حكم حماس لغزة ، وهذا المصطلح وان كان صالحا للتداول الان، الا ان البناء عليه يبدو لي غير منطقي بالاستناد الى تجارب الماضي التي كانت فيها مفاجأة ما كفيلة باشعال حرب خلافا لكل التحليلات التي كانت تسبق المفاجأة ، وما يجري الان بين غزة واسرائيل ورغم تداول المصطلح آنف الذكر، يصلح لأن يكون مقدمات اما لحرب بين اسرائيل وغزة ، او لنوع من الاقتتال داخل غزة ذاتها ، ولقد وصفت مصادر اسرائيلية ذات شأن الواقع الراهن على تلك الجبهة بأنه سباق بين تنقيط الصواريخ الذي يتم رغما عن رغبة حماس وتحريك " الاف 16 " رغما عن رغبة القيادة الاسرائيلية، الا ان مستوطني الجنوب في اسرائيل الذين هم بيضة القبان في المعادلة، قد ينجحون في الزام حكومتهم بحرب خصوصا اذا ما قتل او جرح شخص او اكثر في عمليات التنقيط الجارية .

الوضع في غزة وخصوصا على صعيد القتال بأي مستوى مع اسرائيل صار على نحو ما مرتبط بصراع حماس مع خصومها من القوى الاسلامية ، حيث تهدف هذه القوى الى ارخاء قبضة حماس واحراجها واضعاف حجتها في امر المقاومة، وذلك من خلال تنقيط الصواريخ الذي يحقق عدة اهداف بضربة واحدة ، اولها اظهار حماس بمظهر من يقمع قوى المقاومة بالاعتقال وحتى بالقتل ، واستدراج رد فعل اسرائيلي قد لا يتوقف عند الاهداف الاستعراضية ليصيب في وقت ما اهدافا مؤلمة .

واذا كان في غزة من الاوجاع والاخطار والكوارث ما يكفي ويزيد، فان ما يجري الان يضاعف من كارثية الوضع في القطاع ، حيث المحاولات السالكة حينا والمتعثرة احيانا لاعادة الاعمار لابد وان تتضرر بالعمق جراء هذه التطورات ومفاجآتها ، وغزة التي لا تعرف من اين تتلقى الضربات والمفاجآت تبدو كما لو انها دخلت في نفق لا خروج منه على المدى المنظور ، والمخيف في الامر هو ذلك الانغلاق المأساوي للجهود الرامية الى حل ازمات القطاع ،والتي تبدأ بحل ازمة الانقسام بما تنتجه من تفاعلات تمس حياة القطاع واهله من كل النواحي .

فيما مضى كان هنالك امل بجهد ما يبذل لانهاء الانقسام او ترويضه باجراءات ولو محدودة للتخفيف من آثاره الكارثية بحيث لم يعد باستطاعتنا القول تصفية هذه الاثار.

ان متابعتنا للوضع في غزة تصيبنا بسلسلة من النوبات تختلط فيها السعادة المتواضعة بتطور ايجابي متواضع ، مع تطورات معاكسة تزرع في نفوسنا احباطا يلامس اليأس ، وسنظل في هذه الحالة ما دامت اجندات غير وطنية تعبث بمقدرات القطاع وآخر ما في اهتمامات هذه الاجندات هو مصلحة الناس هناك .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد