2014/06/14
160-TRIAL-
(1) جنون المصالحة
الافعال والتصريحات والأقوال والفتاوى التي صدرت في كل من قطاع غزة والضفة الغربية، ومن حركتي فتح و حماس ، خلال الاسبوع الفارط "الفائت" عبرت عن جنون جديد أو بالأحرى عدم الخروج من ثقافة الانقسام وتسجيل النقاط، واستمر "اطراف" اصحاب الانقسام بمنطق المخاطبة الفئوية والتأزيم، وغيّبوا العقل أو الخطاب العقلاني في علاج المشكلات، أو تحمل المسؤولية ليس فقط أمام اعضاء احزابهم أو الموظفين بل في النفاذ الى المصلحة الوطنية المتمثلة بإنهاء الانقسام وتبعاته.
بالتأكيد ما أقدمت عليه حركة حماس، أو قسم منها، من فعل تمثل بمنع موظفي السلطة الفلسطينية من استلام رواتبهم من البنوك فعل غير عقلاني، أو ما يعرف بالعامية بالبلطجة، نَمَّ إما عن تخبط في قيادة حركة حماس فيما يتعلق بالمصالحة وعدم رضا "تياراتٍ" فيها، أو أنها محاولة لرمي الكرة في ملعب الحكومة الجديدة للتخلص من مسؤوليات السنوات السبع الماضية وتثبيت أمرٍ واقع قافزة بذلك عن اتفاق المصالحة فعليا. قد يكون مفهوما محاولتها القول لموظفيها أنها لم تتخلَ عنهم، وهم الذين وقفوا معها في السنوات الماضية، لكن غير المفهوم القيام بإعمال لا تؤثر فقط على فئة محددة بل تدمر الاقتصاد الفلسطيني وتعطل اعمال العباد لغايات حزبية فئوية.
فيما كانت ردة فعل حركة فتح غير عقلانية أيضا بعدم تقديم تبريرات منطقية وصل الى حد نفي الاخرين وعدم تحمل مسؤولية الاتفاق الموقع ما بين "الاطراف". ففي الاصل تتحمل الحكومة الجديدة أعباء والتزامات الحكومة أو الحكومات السابقة، وان هي غير راضية عن عنها، لاستمرار الدولة.
قد يتفهم المجتمع الفلسطيني عدم قدرة حكومة الوفاق الوطني على صرف رواتب موظفي الحكومة في غزة لأسباب تتعلق بالتمويل أو المخاوف الناجمة عن دفع رواتبهم للقيود المفروضة دوليا على حركة حماس وحكومتها في قطاع غزة. وكذلك المخاوف على عمل البنوك الفلسطينية من ملاحقتها في دولٍ كالولايات المتحدة تحت بند تمويل الارهاب. لكن المجتمع لم يعد يقبل غياب الوضوح للاتفاقيات والتفاهمات الموقعة بين اطراف الانقسام و/ أو اطراف المصالحة وعدم تقديم التفاصيل الخاصة بمعالجة قضايا انهاء الانقسام. وكذلك الفتاوى أو التصريحات العصبية أو الافعال التدميرية للاقتصاد الفلسطيني وحياة الفلسطينيين.
(2) الصحافيون ضحية المصالحة
في الاسبوع الاول "للمصالحة" تعرض الصحافيون للضرب والقمع والاعتقال في الضفة والقطاع، وهم أنفسهم تعرضوا للاعتداءات خلال سنوات الانقسام من نفس الجهات القامعة. ويبدو أن ضحايا الانقسام هم نفسهم ضحايا المصالحة على شاكلة " اسيادكم في الجاهلية أسيادكم في الاسلام".
كما يبدو التحريض ضد الصحافيين لم يتغير في الجوهر بل في الشكل بحيث اصبح السياسيون هم اداة هذا التحريض؛ عندما ينعتون الصحافيين بأنهم يتجاوزون حدودهم في السؤال والاستفسار أو في محاولة اثارة الفوضى. وهنا ربما ينسى السياسيون أن مهمة الصحافيين النبش في التفاصيل، ومحاولة الوصول للحقائق، والحصول على اجابات شافية ووافية لأسئلة المواطنين، وإزالة التعتيم والغيوم السوداء في ظل محاولة السياسيين عدم الوضوح أو عدم تقديم التفاصيل للجمهور لما يتم الاتفاق عليه.
يستحق الصحافيون الفلسطينيون الاحترام والتقدير، وبالتأكيد عدم الاعتداء، لنضالهم الدائم ضد الاحتلال وتوضيح صور جرائمه أمام العالم، وتحمل اعباء الانقسام وآلامه وخروقاته في سنوات سبع عجاف. فهل مطلوب منهم تحمل ثمن إنهاء الانقسام ايضا؟ 213
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية