حديقة الحيوان "نماء" متنفس للسكان وسط غياب المرافق الترفيهية

279-TRIAL- غزة / سوا / عكس الإقبال الشديد من قبل مواطني قطاع غزة على حديقة الحيوان الوحيدة والمتواضعة من حيث المساحة وعدد الحيوانات في شمال قطاع غزة تعطش السكان للأماكن السياحية والترفيهية التي تنقرض من القطاع بفعل ضيق المساحة وضعف الإمكانات.
وتزيد الأوضاع النفسية والمعنوية المنخفضة والمتردية لسكان القطاع بفعل استمرار توالي الأزمات وخصوصاً أزمة الكهرباء وارتفاع درجات الحرارة العالية التي يصاحب انقطاعها من رغبة السكن في البحث عن أماكن مفتوحة مريحة قل وجودها من انحسار المساحات بفعل التغول العمراني الشديد.
واعتبرت الفتاة سها أبو جميل التي أخذت تتفقد الحيوانات في أقفاصها وهي ومجموعة من أقاربها الحديقة بالمتنفس الوحيد والجميل في المنطقة ذات الكثافة السكانية والعمرانية الأعلى في العالم.
وتجد أبو جميل 16 عاماً في الحديقة الفرصة النادرة لمشاهدة بعضاً من الطيور والحيوانات المفترسة التي تشاهدها فقط عبر شاشات التلفاز.
وتغص حديقة حيوان "نماء" الواقعة غرب مدينة جباليا بالاف الزوار وتحديداً الأطفال والأمهات والفتية الذين يجدون الفرصة النادرة للنظر واللعب من بعيد مع عدد من الأسود واللبؤات الماكرات ومع الضباع المتوحشة والقرود السفيهة والغزالان الأنيق والتماسيح المتحفزة.
عشرات أنواع الحيوانات المفترسة والأليفة والطيور الجميلة المتوفرة والنادرة هي مكونات الحديقة المقامة على مساحة ثمانية الاف متر مربع ويعمل بها نحو عشرين عاملاً وفنياً.
ولم يعتد سكان القطاع على مشاهدة الحيوانات المفترسة لا في حدائق مخصصة أو في محميات طبيعية لعدم وجودها بالأصل، وبالإضافة إلى غياب هذه المحميات حرمت ظروف الاحتلال ما تبعها من ظروف سياسية القطاع من حديثة حيوان عامة أسوة بما هو موجود في الضفة الغربية وباقي دول العالم.
وتلقى الحديقة التي فتحت أبوابها مؤخراً استحساناً وقبولاً لافتاً من قبل فئة الأطفال والنساء اللواتي يترددن عليها بشكل دائم يصحبن المأكولات والمشروبات ويقضن ساعات طويلة في أماكن مخصصة للجلوس.
وتضم الحديقة التي يسعى القائمون عليها إلى جلب المزيد من الحيوانات النادرة كالفيل، عشرة أسود بينها سبع لبؤات وثلاثة ضباع ونحو عشرة تماسيح صغيرة متوسطة الحجم، وعشرات القردة من أنواع مختلفة وعشرات أنواع الغزلان والوعول والماعز والذئاب والنيص والنعامة، بالإضافة إلى بعض من أنواع الكلاب، كما تضم مئات أنواع الطيور ومن أبرزها الطاووس والببغاء كبير الحجم وطيور أخرى نادرة.
أما السيدة احسان عبد ربه فتتخذ من الحديقة مكاناً لقضاء ساعات طويلة بين جنباتها برفقة بعض أقاربها هرباً من الأجواء الحارة والكئيبة في المنازل التي تفتقد إلى الكهرباء لأوقات طويلة.
واعتبرت عبد ربه خلال حديث مع صحيفة "الأيام" وجود الحديقة التي تبعد عن منزلها اثنين كيلو متر بالفرصة لترفيه أطفالها الذين لا يجدون سوى الشارع وخطورته المكان الوحيد للعب. وتتمنى عبد ربه أن تقام المزيد من المنتجعات والحدائق العامة الأخرى كي تستوعب الأعداد المتزايدة من الأطفال والمواطنين الذين يعانون من الكبت وغياب واضح في المرافق الترفيهية. ويواجه القائمون على الحديقة التي تشرف عليها الجمعية الوطنية للتطوير والتنمية "نماء" مصاعب كبيرة في جلب العديد من أنواع الحيوانات الأخرى لإضفاء المزيد من الجمال على الحديقة كما يقول بلال البرش المدير التنفيذي لجمعية نماء والذي أشار إلى فشل عملية إدخال احد الفيلة إلى القطاع بسبب تشديد الحصار.
وقال البرش إنهم اتفقوا مع جهات خارجية على إدخال فيل متوسط الحجم بسعر سبعين ألف دولار ولكن ظروف تدمير الانفاق والحصار حال دون ذلك.
وأضاف البرش إن إسرائيل ترفض السماح بادخال الحيوانات لقطاع غزة متذرعة بأن اتفاقية أوسلو تمنع إدخال مثل هذه الحيوانات إلى القطاع وبالتالي كل الحيوانات الموجودة جاءت عن طريق الأنفاق.
أما الفتاة عائشة أبو خلف التي جاءت برفقة عائلتها إنها تعتاد القدوم إلى الحديقة مرة في الأسبوع على الأقل لانعدام البدائل الأخرى سيما في محافظة شمال غزة.
وأضافت أبو خلف التي اصطحبت معها طعام الغداء لتناوله في الحديقة إنها كفتاة تواجه تقييد في الحركة والحرية في مناطق أخرى ولذا تجد في الحديقة المكان المناسب.
وتتعتب ابو خلف بشدة لعدم وجود الأندية والمتنزهات الكافية التي تحتضن عشرات آلاف الفتيات اللواتي يضطررن لقضاء معظم أوقاتهن بين جدران الغرف.

وبحسب البرش يبلغ عدد زائري الحديقة التي صممت على أحدث الطرز المعمارية الفنية نحو ثلاثين ألف مواطن في الشهر، حيث تبلغ تذكرة الدخول للبالغين والفتية ثلاثة شواقل فقط. وتشتمل الحديقة على أماكن معشبة للجلوس ومتنزه صغير للاطفال وشاشات عرض كبيرة تعرض باستمرار برامج للأطفال.
ويقول البرش إن الحيوانات في الحديقة تحظى بالرعاية والاهتمام من قبل كادر طبي مؤهل كما تجرى الفحوص المختبرية اللازمة بصورة يومية للتأكد من سلامة الحيوانات، ويتم تقديم الطعام اللازم ووفق المواصفات الصحية والبيطرية وخصوصاً للحيوانات المفترسة كالأسد والذي يتلقى الواحد منها على عشرين كيلو غرام من اللحوم الطازجة.
وبحسب البرش فإن أعمار الأسود تتراوح التي ترقد في أقفاص حديدية متينة وممكنة وجميلة ما بين العام والخمسة عشر عاماً. 236
اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد