تسارعت في الآونة الأخيرة خطوات تهيئة المسرح السعودي والعربي لعلاقة علنية قادمة بين المملكة العربية السعودية والكيان الصهيوني بعد سنوات على علاقة خفيّة كان حصانها الأبرز من الجانب السعودي بندر بن سلطان الذي شغل مهمات عديدة أهلته لأن يكون بوابة هذه العلاقة بعيداً عن الأنظار.


وكما يبدو، فإن الأحداث الأخيرة الجارية في المنطقة والتي في ظلها يجري حرف التناقضات بعيداً عن الكيان الصهيوني لصالح أولوية التناقضات الطائفية والإعلاء من خطر المذهب الشيعي الذي تمثله إيران، يوفر الفرصة الملائمة لتبرير العلاقات والتعاون القادم بين الطرفين بحجة الدفاع عن السنة ومذهبهم الذي يتعرض للتهديد (لاحظوا كم هي "إسرائيل" سنيّة) والذي من أجل تحقيقه تم الاقدام على خطوات مدروسة ومتدحرجة تهيئةّ للمسرح السعودي والعربي، سواء من خلال مسرحية هبوط الطائرة السعودية في مطار "بن غوريون" الذي لا يبعد سوى دقائق معدودة عن مطارات الأردن ولبنان، أو في قيام المقرّب من البلاط الملكي السعودي اللواء المتقاعد أنور عشقي بإجراء مقابلة مع صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية - دون أي مسائلة - تبرع فيها بالاستعداد لتبادل أراضٍ، وناشد من خلالها "نتنياهو" بقبول مبادرة السلام العربية مقابل الاعتراف المتبادل والتعاون في جميع المجالات، عدا عن قيامه بعقد لقاء علني في واشنطن مع المدير العام الجديد لوزارة الخارجية الإسرائيلية "دوري غولد" أكدا من خلاله وجود "مصالح مشتركة لإسرائيل والعربية السعودية في مواجهة ايران"، وفضلاً عن كل ذلك المشاركة في غرفة عمليات مشتركة تتواجد فيها "إسرائيل" لإدارة الازمة السورية.


إذن نحن أمام تحوّل جوهري في الموقف السعودي المعلن من الكيان الصهيوني بما يحمله من استعداد لبحث أشكال متعددة من التعاون الثنائي في مواجهة ما يسمى بالخطر الإيراني، وهو ما يؤسس لإمكانية إقامة تحالفات إقليمية تكون فيها "إسرائيل" طرفاً فاعلاً ومؤثراً، وعلى الأرجح مقرراً في المعاهدات الي ستتولد عنها.


من جانب آخر فإن هذا التحول المعلن في الموقف السعودي لن تقتصر تأثيراته على حدود السعودية فقط وإنما ستجد فيه بعض البلدان العربية المترددة وخاصة الخليجية منها فرصة لترسيم وإعلان العلاقات الخفيّة لبعضها مع دولة العدو، ومبرراً لدى بعضها بنسج مثل هذه العلاقة.


وبدون شك، فإن الأخطر في خطوة السعودية وتداعياتها العربية هو ما يترتب عليها إزاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي وإزاء الحقوق الوطنية الفلسطينية التي ستعمل دولة العدو على تجاوزها من خلال البحث عن حل إقليمي يقوم على التطبيع مع البلدان العربية لإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي وحل القضية الفلسطينية بكيان ما في قطاع غزة ، مع حكم إداري ذاتي لكانتونات فلسطينية متباعدة في الضفة، والخشية كل الخشية أن تقبل البلدان العربية أو أكثرها تأثيراً بهذا الحل في إطار إعادة تريب المنطقة والتي يجري العمل عليها من قبل الإدارة الأمريكية وحليفتها الأولى "إسرائيل".

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد