من المؤكد أن كل طالب وطالبه يسعون للنجاح وللحصول على أعلى معدلات في الثانوية العامة , وكذلك أهل وذوي الطلاب يتمنون لأبناءهم النجاح والتفوق , ولا أريد أن اقول كما نسمع كل يوم في الشارع الفلسطيني , أن لا قيمة للشهادة طالما أنها ستعلق على جدار المنزل في ظل الإنقسام وإنسداد الأفق السياسي والإقتصادي في فلسطين , لأن الشهادة تعتبر سلاح بيد حاملها حتى في عدم وجود وظائف أو فرص عمل مناسبة لبعض التخصصات وذلك بسبب الإنقسام , ولكن السؤال هنا , هل الشهادة الجامعية بدأ من الدبلوم وصولا الى الدكتوراة هي كل النجاح في الحياة ؟ بالطبع لا , لأن النجاح في الحياة يتعلق بأشياء وأسباب كثيرة , والشهادة الجامعية هي سبب من مجموع هذه الأسباب .

أيها الطلاب وأيتها الطالبات , لا داعي للتشنج والتوتر والرعب في هذه الفترة , ولا داعي للنكد واليأس والإحساس بالفشل في حال لم يحالفكم الحظ في النجاح أو حتى في الحصول على معدلات عاليه , لأن ما ذكرت سيؤدي الى حالتين لا ثالث لهما , أولاً التفكير في الإنتحار , وثانياً الدخول في حالة نفسية صعبة ستؤدي الى مرض نفسي مزمن , إذاً فما الداعي بأن نحمل نفسنا زيادة عن طاقتنا , ونتعامل مع الموضوع وكأنه "إما حياة أو موت" لماذا لا نتعامل مع الموضوع بكل بساطة وعقلانية ومنطق , فالمنطق يقول أن الحياة ت فتح أبوابها للجميع , سواء حامل الشهادة أو حتى الأمي , فهناك كثير من المهن والحرف والأعمال نستطيع من خلالها أن نحقق نجاحاً كبيراً , وهناك كثير من المواهب قد لا يكون صاحبها إهتم فيها وطورها كي يستفيد منها ويحقق طموحاته من خلالها , وهناك الكثير من من يحملون عقل تجاري ناجح , وهناك الكثير يستعدون للعمل في كل المجالات ويحققون أهدافهم من خلالها , فقضية النجاح ليس مشروطة بشهادة جامعية , ودليل ذلك أن الكثير من نجوم الفن والمسرح والكتاب والشعراء ونجوم الرياضه وحتى نجوم السياسة , حققو نجاحاً كبيراً دون العمل في شهاداتهم أو تخصصاتهم , فهناك نجوم السينما العربية مثلاً تركو تخصصات شهاداتهم وعملوا في مجال الفن وأصبحو نجوم المجتمع , وهناك نجوم لم يدرسو في الجامعات من الأساس وإستطاعو أن يكونو في الصف الأول في المجتمع , وهناك الكثير والكثير من النماذج والقصص للنجوم الذين حققو نجاحهم بدون الإعتماد على شهاداتهم الجامعية .

أما بالنسبة لأهل وذوي الطلاب فأنا أعتبرهم جزء من المشاكل التي يعاني منها الطلاب , والسبب هو تمسك الأهل في مبدأ أن الفشل في الثانوية يعني الفشل في كل شيئ , ومن هنا فأنا لا ألوم الطالب بسبب أنه لا زال صغيراً على أن يفهم الحياة جيداً ويعرف كل شيئ عنها , ولكن ألون الأهل وبقوة وخاصة على طريقة تعاملهم من الطلاب , وتعاملهم مع الموضوع بحد ذاته , فهناك إسراف وإفراط في التعامل مع نتائج الثانوية العامة من قبل الأهل , سواء في حال النجاح أو في حال الرسوب , وحتى في حال المجموع الضعيف أو المتوسط , فهناك أهل وللأسف الشديد يفتحون البيت مناحة في حال أن إبنهم حصل على ثمانين في المئة ولم يحصل على تسعين أو أكثر , وهذا بحد ذاته يعتبر تحطيماً للطالب من قبل أهله دون أن يدرون , فمن المفترض أن يكونو الأهل أوعى من هذا المستوى , لأن ردة فعل الأهل قد تجعل الطالب يفكر بالإنتحار , أو يعيش بقية حياته معقداً ومريضاً نفسياً , والسبب لأن الأهل زرعو في الطالب مفهوم أن النجاح هو الشهادة الجامعية فقط , ومن لم يحافه الحظ وينجح في الثانوية العامة فهو إنسان فاشل , وهذا خطأ شائع يعاني منه الشارع الفلسطيني للأسف الشديد , وهو إنعكس على سلوك ومعنويات طلابنا وطالباتنا .

طلابنا الأعزاء , طالباتنا العزيزات , إن الشهادة نجاح , والمهنة نجاح , والحرفة نجاح , والتجارة نجاح , والموهبة نجاح , والفن نجاح , والعمل في كل المجالات نجاح , فمن لم يكتب الله له النجاح في الثانوية العامة , قد يكون كتب الله له النجاح في مجال آخر , فلا داعي أن نحمل المسألة أكبر من حجمها وندخل في دوامة اليأس والمرض والإحساس الدائم بالفشل .

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد