ربما نجح الرئيس بايدن في تتويج نفسه كزعيم وحيد للمعسكر الغربي بعد قيادته لثلاث قمم عقدت كلها في بروكسل للاتحاد الأوروبي، ولحلف «الناتو» ولمجموعة السبع الكبار، هذا النجاح من شأنه أن ينقذ بايدن وإدارته الديمقراطية من احتمالات تراجع شعبيته وتأثير ذلك على الوصول إلى ولاية ثانية للرئاسة الأميركية، وفي أجواء مزدحمة من اللقاءات والقمم المتلاحقة على خلفية الحدث الأوكراني، ربما تم تجاهل أو عدم إظهار اهتمام كافٍ بقمم أخرى عقدت على ذات الخلفية.  


نقصد هنا، قمة شرم الشيخ التي جمعت الرئيس السيسي وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بينيت، هذه القمة الثلاثية التي قيل إنها عقدت بعد القمة السورية – الإماراتية التي تهيئ لإعادة سورية إلى الجامعة العربية، وهي التي جاءت أيضا، نقصد قمة الأسد وبن زايد، بعد يومٍ واحد من لقاء وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو، وهي أيضا التي قالت عنها إدارة بايدن إنها علمت بشأنها من وسائل الإعلام.


ربما تنعقد قمم أخرى في منطقتنا العربية، في عمان مثلاً، أو لقاء بين أطراف جماعة «أبراهام» في إسرائيل، لكن تبقى القمة الثلاثيّة في شرم الشيخ هي التي من شأنها على الأرجح أن ترسم معالم الخريطة الجديدة للمنطقة على وقع وتداعيات الأزمة الأوكرانية، أمنيا وسياسيا واقتصاديا، على الأقل نظرا لاهتمام هذه القمة بملفين أساسيين، الملف السوري من حيث عودة سورية إلى المنظومة العربية وذلك بهدف معلن وهو إبعاد دمشق عن محور طهران، وهنا يلعب الموقف الإسرائيلي من هذا الملف مشكلة رئيسة ينبغي على أطراف القمة الثلاثية معالجتها، إذ من الثابت أن إسرائيل لها مصلحة أكيدة في عدم عودة دمشق إلى المنظومة العربية، وكذلك من حيث ما يشاع عن اقتراب التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني بعد فشل كل من إسرائيل والإمارات ودول أخرى في إقناع إدارة بايدن بمخاطر هذا التوقيع، في حين أن واشنطن تسعى من خلال هذا الاتفاق للتعويض عن النفط الروسي على وقع الأزمة الأوكرانية.  


أهمية القمة الثلاثية في شرم الشيخ تعود في تقديرنا إلى حاجة أطرافها الرئيسة في المساهمة في تشكيل كيان أولي جديد يسهم في اصطفاف إقليمي في ظل توازنات وتحالفات واصطفافات جديدة، كل هذا على وقع تداعيات الأزمة الأوكرانية التي تعتبر تحولا استراتيجيا على المستويات الأمنية والسياسية والاقتصادية.  


وإذا أخذنا بالاعتبار أنّ إدارة بايدن المنشغلة في توحيد العالم ضد روسيا، فشلت حتى الآن في التأثير على بعض حلفائها في المنطقة العربية على الانضمام إليها، ولعل في القمة الثلاثية ما يُشير إلى أنّ أطرافا مؤثرة في المنطقة أدركت أن إدارة بايدن قد تخلت ولو جزئيا عن الاهتمام بحلفائها ومصالحهم، بعد أن تركت واشنطن الشرق الأوسط لمصيره، على حد تعبير أحد أصحاب الرأي الإسرائيلي.


من المتوقّع على ضوء ميزان القوى الحاكم في أطراف القمة الثلاثية أن يكون لإسرائيل دور قيادي بارز في إدارة التحولات المتوقعة، وخاصة أنها تعتبر نفسها مؤهلة أكثر من أي طرفٍ آخر لقيادة هذا التحالف الجديد. 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد