ماذا حدث في ليلة النصف من شعبان

المسجد الأقصى

يتساءل الكثير من المسلمون في مختلفة الدول الإسلامية والعربية، اليوم الأربعاء 16 مارس 2022، عن ماذا حدث في ليلة النصف من شعبان، حيث تصادف يوم الجمعة المقبل 18 مارس 2022، إذ يسعي عدد كبير من المواطنين في مختلف دول العالم لما فيه أجر وثواب عظيم.

حول ما حدث في ليلة النصف من شعبان تم تحويل قبلة المسلمين من المسجد الأقصى إلى الكعبة المكرمة، وذلك بعد أن تصدرالسؤال محركات البحث الشهيرة ومنصات التواصل الاجتماعي خلال الساعات القليلة الماضية مع اقتراب حلولها على جميع الدول الإسلامية.

كيف نسمع ان القدس اول قبله مع انه مذكور في القران {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ}، فالذي يظهر أن السائل الكريم قد أَشكل عليه، كون بيت المقدس أول قبلة للمسلمين، مع أن أول بيت وضعه الله للناس هو المسجد الحرام، كما في آية آل عمران.

والحق أنه لا تعارض بين الأمرين؛ لأن كون المسجد الحرام أعظم من المسجد الأقصى، وبني قبله، لا يمنع يبتلي الله المسلمين باستقبال المسجد الأقصى؛ لحكمة جليلة لا يجوز تخلفها كما سنبينه لاحقًا.

وفي الصحيح عن أبي ذر قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول مسجد وضع في الأرض؟ قال: «المسجد الحرام»، قلت: ثم أي؟ قال: «المسجد الأقصى»، قلت: كم بينهما؟ قال: «أربعون عامًا»، والمعنى أنه أول بيت وضع للعبادة. وفي الصحيحين: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس، ستة عشر أو سبعة عشر شهرًا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يوجه إلى الكعبة، فأنزل الله: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: 144]".

فأمر الله تعالى نبيه والمؤمنين باستقبال الكعبة؛ لما لله تعالى في ذلك من حكمة تربوية أشار الله تعالى إليها في قوله: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 143] قال صاحب الظلال (1/126-127): "فقد كان العرب يعظمون البيت الحرام في جاهليتهم، ويعدونه عنوان مجدهم القومي.. ولمَّا كان الإسلام يريد استخلاص القلوب لله، وتجريدها من التعلق بغيره، وتخليصها من كل نعرة وكل عصبية لغير المنهج الإسلامي المرتبط بالله مباشرة، المجرد من كل ملابسة تاريخية أو عنصرية أو أرضية على العموم.

فقد نزعهم نزعاً من الاتجاه إلى البيت الحرام، واختار لهم الاتجاه - فترة- إلى المسجد الأقصى، ليخلص نفوسهم من رواسب الجاهلية، ومن كل ما كانت تتعلق به في الجاهلية، وليظهر من يتبع الرسول اتباعاً مجرداً من كل إيحاء آخر، اتباع الطاعة الواثقة الراضية المستسلمة، ممن ينقلب على عقبيه اعتزازاً بنعرة جاهلية تتعلق بالجنس والقوم والأرض والتاريخ، أو تتلبس بها في خفايا المشاعر وحنايا الضمير، أي تلبس من قريب أو من بعيد.. حتى إذا استسلم المسلمون، واتجهوا إلى القبلة التي وجههم إليها الرسول- صلى الله عليه وسلم - وفي الوقت ذاته بدأ اليهود يتخذون من هذا الوضع حجة لهم، صدر الأمر الإلهي الكريم بالاتجاه إلى المسجد الحرام.

ولكنه ربط قلوب المسلمين بحقيقة أخرى بشأنه، هي حقيقة الإسلام، حقيقة أن هذا البيت بناه إبراهيم وإسماعيل ليكون خالصاً لله، وليكون تراثاً للأمة المسلمة التي نشأت تلبية لدعوة إبراهيم ربَه أن يبعث في بنيه رسولاً منهم بالإسلام، الذي كان عليه هو وبنوه وحفدته، كما مرّ في درس {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: 124]".

المصدر : وكالة سوا

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد