«جوز الهند» شراب صحي في قرى الصومال و«مصدر رزق» في المدن
وكالات / سوا / على ضفاف نهر شبيلي بمنطقة جنبلول الزراعية بالصومال، تمتد أشجار جوز الهند، أو شجرة “قنبو”، كما يسميها السكان المحليون.. تنتشر على مساحات شاسعة، لتعانق بطولها السحاب، صانعة مناظر خلابة، تسحر العيون وتجتذب الناظرين.
ومنذ بداية انتشارها في الصومال، في الفترة ما قبل الاستعمار الإيطالي (ثمانينات القرن التاسع عشر)، وحتى اليوم، صارت جوز الهند شجرة تتوارث الأجيال زراعتها ، لما تتميز به من طول العمر، وقدرتها العالية على تحمل التغيرات المناخية والبيئية في جنوب الصومال.
عبدالقادر إسماعيل مزارع صومالي يقول وهو يستعد لتسلق شجرة “قنبو”، بحثا عن ثمرة ناضجة يقطفها: “أعمل في هذه المزرعة منذ 15 عاما، والقنبو من أهم ألأشجار لدينا، فلا تكاد تخلو منها أي مزرعة بجنوب الصومال”.
وتثمر هذه الشجرة، بحسب إسماعيل، 6 مرات في العام، إذ يبلغ متوسط إنتاج شجرة جوز الهند الواحدة مابين مئة ومئة وعشرون ثمرة كل موسم، ما يدر أموالا طائلة لأصحابها الذين ينتظرون بفارغ الصبر نحو ثلاثة أعوام بعد غرسها، لتبدأ شجرة جوز الهند في الإثمار.
ومن أهم فوائد ثمار جوز الهند، هو ماؤها الذي يستخدمه المزراعون القرويون في علاج مرضاهم، وخاصة مرضى الكلى، فضلا عن كونه مشروباً قييماً يقدم للاحتفاء بالضيوف.
وتعليقا على فوائدها ومكانتها في الأسر الصومالية يلفت المواطن عمر أحمد إلى أن “الأسرة التي تمتلك أشجار جوز الهند، هي مقصد كل ضيف أوعابر سبيل، لأن ماء ثمارها، هو الأفضل لتكريم الضيوف، ولذا تخصص هذه الأسر في منزلها مكانا خاصا بالضيافة، يصلح لاجتماعات أفراد القبيلة”.
“وفضلا عن الفوائد العلاجية لماء جوز الهند، خاصة في أمراض الكلى المنتشرة نتيجة لغياب المياه النظيفة، فإن باقي أجزاء الثمرة تستخدم في أمور عديدة أبرزها صناعة الحبال والخيوط”.
ومن اللافت للنظر في هذه المنطقة الواقعة على بعد 40 كم جنوبي العاصمة مقديشو أن أصحاب مزارع جوز الهند يتميزون بالنحافة والرشاقة، نظرا لما يتطلبه تسلقها من مرونة فائقة، خاصة في موعد الحصاد، بالإضافة إلى أنه من فوائد ماء ثمارها، أنه يساعد في إنزال الوزن.
وعلى الرغم من تفوق بعض المحاصيل الزراعية عليها، إلا أن شجرة جوز الهند لم تفقد مكانتها في المائدة الصومالية، نتيجة تنوع استخداماتها كأحد الأغذية التقليدية الهامة، أما في المدن الكبرى، خصوصا العاصمة مقديشو، فإن الكثير من الأسر الصومالية تعتبرها المصدر الرئيسي لدخلها اليومي.
ميمونة موسي التي تعمل في مجال صناعة الحلوى تشرح، وهي تسارع الوقت لإتمام عملها، “نعتمد على هذه الثمرة في صناعة أنواع مختلفة من الحلويات، وبيعها في الأسواق المحلية”.
ساعتان على الأقل تقضيها ميمونة في إعداد بضاعتها، وخاصة السنبوسة (عجين محشو ومحمص) كونها الأفضل بالنسبة للمشترين، خاصة الصغار الذين يحومون حول بضاعة البائعة الصومالية فور عرضها.
وبالرغم من صغر دكان ميمونة، إلا أنها تدر نحو دولارين يوميا، وهو رقم ليس بالقليل في المجتمع الصومالي، وتعول به أسرتها المكونة من 6 أفراد.
الحلويات المصنوعة من ثمرة جوز الهند، تتميز بنكهة عالية حيث يلقبها البائعون بـ”الحلويات اليومية”، لكثرة الإقبال عليها من المواطنيين صغارا وكبارا.
ومع تنوع استخدامات هذه الشجرة ومكانتها في المائدة الصومالية، إلا أن أصحابها يفتقرون إلى أسواق تستقبل منتجاتهم الزراعية، ويطالبون الحكومة الصومالية بتوفير الدعم الرسمي وخلق سوق لعرض منتجاتهم.