قيادي بلجان المقاومة: بوصلتنا ستظل تشير إلى القدس

غزة /سوا/ أكد أحد مؤسسي وأبرز قادة لجان المقاومة في فلسطين هاني صبّاح، أن ما حققته المقاومة الإسلامية في لبنان في صراعها الممتد مع الاحتلال الإسرائيلي، يُعد منبع فخرٍ ومصدر إلهام لنا كي نواصل طريقنا ونحقق حلمنا بالحرية والاستقلال.

وقال صبّاح لوكالة أنباء فارس الإيرانية :" جاءت فكرة تأسيس لجان المقاومة الشعبية بعد اندحار الاحتلال مهزومًا من جنوب لبنان في أيار/ مايو عام 2000، وبدأنا العمل فعليًا بعد أربعة أشهر، أي مع اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر/ أيلول من ذات العام".

وأضاف: " جاء اندلاع الانتفاضة وكنا ما نزال في طور الإعداد والتجهيز لانطلاق عمل لجان المقاومة الشعبية، ورغم ذلك بدأنا عملنا بأداء مميز وثقة وإيمان عميق بعدالة قضيتنا الأمر الذي أهّلنا لمواصلة الطريق، وحمل الأمانة بمسؤولية عالية"، منوهًا إلى أن بوصلتهم ستظل تشير إلى القدس ، كي نحررها ونخلصها من براثن الاحتلال.

ولفت صبّاح إلى أن الانتصار الذي حققته المقاومة الإسلامية في لبنان قبل 15 عامًا كان له وقع كبير على نفوس الشعب الفلسطيني، موضحًا أنه أعطى الجميع بارقة أمل بأننا قادرين على تحرير وطننا؛ إن اقتفينا ذات الطريق الذي سلكه أشقاؤنا اللبنانيون.

وأضاف :" هذا الانتصار الكبير أعطانا دفعةً قوية بأن ننهض بواجبنا الأخلاقي والديني والوطني في الدفاع عن وطننا، فرأينا أن المقاومة هي أقصر الطرق للنصر والتحرير، لاسيما وأننا كنا نعاني كثيرًا من تبعات مسيرة التسوية السياسية، بعد ستة أعوام على اتفاق أوسلو المشؤوم ".

وشدد صبّاح على أن فكرة تأسيس لجان المقاومة الشعبية لم تكن عبثية، فهي جاءت في وقت بالغ الأهمية؛ فغالبية قيادات حركتي حماس والجهاد الإسلامي في سجون الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، ووقتها كان هنالك حالة من الركود في أداء المقاومة، بسبب هذه الإجراءات الأمنية.

وبيّن أن قرار قيادة لجان المقاومة الشعبية كان العمل على احتواء جميع طاقات الشعب الفلسطيني على اختلاف أطيافهم وتوجهاتهم، واستثمار هذه الطاقات ضد العدو بهدف استنزافه، لافتًا إلى أن التركيز كان ينصب على استهداف جنود الاحتلال ومواقعه وتحصيناته وآلياته العسكرية.

ولا يغفل صبّاح أن هنالك كتل استيطانية مقامة على أراضي قطاع غزة، تستوجب منهم العمل ضدها، مستدركًا بالقول :" الأولوية كانت عندنا استنزاف جنود الاحتلال ومواقعه العسكرية التي تحمي هؤلاء المستوطنين، وتوفر عنصر حماية لبقائهم جاثمين على صدورنا ".

واستطرد :" قمنا بعدد لافت من العمليات، وسرعان ما عاد أشقاؤنا في حركتي الجهاد الإسلامي وحماس للعمل بعد خروج قياداتهم وكوادرهم من سجون السلطة إثر قصف طائرات الاحتلال للمقرات الأمنية، وشيئًا فشيئًا جاء تأسيس كتائب شهداء الأقصى كذراع مسلح لحركة فتح، لنعمل سويًا يدًا بيد، وكتفًا بكتف ضد الاحتلال ومستوطنيه، ليتكبدوا خسائر فادحة على وقع عملياتنا، فجاء الانسحاب من قطاع غزة بعد خمسة أعوام من ضرباتنا المؤلمة ".

وأشار صبّاح إلى أن العدو الإسرائيلي ما كان ليندحر من غزة لولا دفعه فاتورة احتلاله عبئًا عسكريًا وسياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا، مؤكدًا أن ما حدث كان من الدروس والعبر التي استخلصناها من صمود وثبات وتحدي المقاومة الإسلامية اللبنانية للاحتلال الغاصب.

ورفض صبّاح التشكيك الذي حاولت الماكينة الدعائية الإسرائيلية تسويقه إزاء الاندحار من غزة، وترديد بعض الأطراف لدعايات الاحتلال، وتصوير ما حدث بأنه انسحاب تكتيكي، موضحًا أن "إسرائيل" بعد ما استنزفت عسكريًا واقتصاديًا تحت ضربات قوى المقاومة الفلسطينية، وعجزها عن حماية قرابة 7500 مستوطن، رأت أن الانسحاب أقل تكلفة وخطرًا على أمن هؤلاء.

ونبّه إلى أن الانسحاب من غزة تمّ من طرف واحد، ودون اتفاق سياسي مع السلطة الفلسطينية، وهو الأمر الذي اعتبرناه محطةً هامة في مسيرة تحرير فلسطين المستمرة، فما أنجزناه بحاجة لاستكمال، ومازال الطريق شاقًا وطويلًا.

وذكّر صبّاح بتصريحات نائب رئيس حكومة الاحتلال آنذاك شمعون بيرس، خلال الاندحار من غزة، والتي قال فيها "أكبر خطأ ارتكبناه حكم كثافة سكانية لا نستطيع السيطرة عليها"، مبيّنًا أن في ذلك التصريح إقرار واضح من هذه الشخصية الإسرائيلية المسؤولة، بفشلهم في كسر صمود الشعب الفلسطيني، وكبح إرادة مقاومته.

وتحدث القيادي في لجان المقاومة عن مرحلة ما بعد الاندحار من غزة، قائلًا:" بعد هذا الانتصار الكبير شعرنا بأن العبء علينا بات أكبر، سيما وأن الهدف الأسمى لنا هو تحرير فلسطين كل فلسطين والمسجد الأقصى المبارك، فقمنا بتطوير أنفسنا بما يتلاءم مع الظروف القائمة والمحيطة بقطاع غزة، وبدأنا التحرك بقوة في الضفة المحتلة".

وأشار إلى أن العمل العسكري للمقاومة في الضفة الغربية ليس بذات السهولة التي كان عليها العمل في غزة، وإن كانت البيئة الجغرافية هناك أفضل مما هي عليه في القطاع، رغم ذلك نجحت قوى المقاومة بتوجيه عمليات قوية انطلاقًا من هناك، فكلنا يذكر عملية "السور الواقي" وتبعاتها على تحركات المقاومة، وأدائها الذي بات صعبًا للغاية.

ورأى صبّاح أن من الضرورة أن تُعيد قوى المقاومة ترميم بنيتها التحتية في الضفة بشتى الطرق والأساليب كي تنهض بواجبها الوطني في مقارعة المحتل، معيبًا على الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية دورها المكمل للعدو الإسرائيلي في تعقب المجاهدين، والزج بهم في السجون.

وتعليقًا منه على ما يحدث في العالم العربي، قال صبّاح :" المستفيد الوحيد مما يجري في منطقتنا اليوم هو العدو الإسرائيلي"، جازمًا بأن "ما يحدث من فتن وقلاقل مخطط صهيو- أميركي يهدف لحماية أمن كيان الاحتلال، وتبديد أي مخاطر قد تعصف به".

وأضاف: " من يخطط لكل ما يجري في المنطقة هم أعداؤنا، وللأسف فإن ذلك يتم بأيادٍ عربية وضد من ؟! .. ضد أشقائنا وأبناء جلدتنا، لقد نجحوا في تمرير مخططاتهم، والنتيجة ماذا ؟!، مزيدًا من القتل والدمار، وحرف البوصلة عمّا يدور في القدس والمسجد الأقصى".

وفي نهاية حديثه، لم ينسَ القيادي في لجان المقاومة أن يتوجه بالشكر والتقدير للجمهورية الإسلامية الإيرانية على مواقفها الداعمة والمساندة للقضية الفلسطينية، ودورها في تعزيز قوة وإمكانيات قوى المقاومة في مواجهة العدو الإسرائيلي، الذي يُمثل رأس الشر في العالم.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد