ثار جدل شديد وواضح حول الصاروخ الذي أُطلق فجأة من قطاع غزة ، وان كانت المعلومات المتداولة انتشرت كالنار في الهشيم على طريقة الشائعات التي لا تجد حقائق تدحضها، ودوما في بيئة العمل للفصائل الخطأ وارد، وقد كلفنا مواطنين أبرياء وعناصر مسلحة فقدناها لأن الجميع يعمل في مكان ضيق محاصر بكل وسائل المراقبة، ولا شك لدي أن الكثيرين لا يريدون الخطأ وأن تجارب الحروب والمفاوضات غير المباشرة أكدت للفصائل أن ادارة الصراع المسلح مع احتلال شرس قضية ليست بسيطة ولا تحسب بالبركة.
وعندما نتحدث عن صاروخ يخرج بحسابات "غير وطنية"، وفي وضع مشحون جدا لدى الجميع، فإننا نحاول التحذير من مقدمات لا بد أن تجلب نتائج خطيرة، خصوصا بعد المفاوضات التي رافقت الحرب الأخيرة وتفاصيلها المزعجة ونتائجها المخيفة، عندما تبين بعد عدوان كبير أن "السلامة غنيمة"، والحفاظ على الارواح مكسب وطني أساسي في ظل حالة الانكار العربي عير المسبوق، والخلاف الفلسطيني المرعب.
طبعا الكتابة عن شيء طبع بوسم القداسة لارتباطه بالكفاح الوطني، جعلني أقدم ما سبق، رغم أن الوضع الحالي يدفعني للجرأة والطرق على جدار الخزان، بعد مرور عمليات اطلاق الصواريخ ووصفها المتعدد من العبثية ثم غير الوطنية أو الخارجة عن الاجماع، الى صواريخ الجماعات السلفية، ثم صواريخ الضغط على الداخل من خلال تهديد اسرائيل، رغم أن البعض لا يرى فارق بين الصاروخ الأول خلال انتفاضة الأقصى والصاروخ الأخير بالنظر للخلفية الفصائلية ولما بينهما في التوصيف السياسي.
الخطورة التي يحملها الصاروخ المجهول هو الاجماع على عدم وطنيته، والبراءة من سلوك مطلقه، والتحذير من جعل قرار الحرب في يد عناصر أو جماعات غير منضبطة، هذا الصاروخ يُفقد الفعل الكفاحي حاضنته الشعبية وربما الوطنية، بعد اعتماد الفصائل على الصواريخ كسلاح أساسي في معادلة الاشتباك مع الاحتلال، وقد لا حظ الجميع اصرار اسرائيل على تزع سلاح غزة كمقدمة لأي حل انساني في القطاع، ويبدو أن الشرط حاضر بقوة بدليل استمرار الحصار ومنع مواد الاعمار وكل المواد التي تدخل في صناعة الصواريخ المحلية.
اذا خطورة الاستخدام غير المنضبط للصواريخ يراكم لصالح المطلب الاسرائيلي، ويجعل الضغط على سلاح الفصائل ينحسر من مطلب عام الى مطلب خاص يكسب بمرور الوقت، لذلك من الضروري في هذه اللحظة الوطنية الصعبة والمعقدة التفكير بشكل وطني وبتروي وحكمة في منظومة المقاومة ووسائلها، وقبل ذلك أهدافها، وليس عيبا أن اعادة النظر في وسائلنا النضالية للتقييم والسير للأمام بقضية عادلة لن تؤثر عليها أخطاء ستكون هينة أمام جريمة الاحتلال وحتى لا نغطي شمس العدوان الاسرائيلي بغربال قصار النظر.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية