كتائب القسام: الجولات القادمة ستكشف أسرار التطوير المستمر
أصدرت كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس ، صباح اليوم الثلاثاء، بياناً صحفياً في الذكرى الـ34 لإنطلاقة الحركة، مؤكدةً من خلاله أن الجولات القادمة مع الاحتلال الإسرائيلي ستكشف أسرار التطوير المستمر.
وفيما يلي نص البيان كما نشره الموقع الرسمي لكتائب القسام:
منذ الانطلاقة .. كيف تطوّر التكتيك القتالي للقسام؟
مراكمة القوة طبعها، ودحر العدو هدف لها، وتحرير الأسرى وسام شرفها، نقشت حروف اسمها بباطن الأرض مع إعداد رجالها، وفي سماء الأرض المحتلة مرت صواريخها ترعب المحتلين تدميراً، وانطلق الرصاص من فوهات بنادقها يغازل الريح حاصداً رؤوس الجيش المهزوم.
تطايرت أجساد استشهادييها في القدس والمدن المحتلة إيذاناً بيوم النصر الموعود، ونسفت عبواتها أوهام العدو وأزلامه في كل مكان، وانطلقت سهام قذائفها لتحيل آليات العدو لكومة ركام بالٍ، وكانت ولا زالت أمل الأمة بالتحرير، تلك هي كتائب القسام.
في ذكرى الانطلاقة المباركة لحركة المقاومة الإسلامية حماس نرصد لكم أبرز مراحل تطور كتائب القسام منذ التأسيس حتى يومنا هذا.
تطور متدحرج
بمجموعات متفرقة وعدد قليل من المجاهدين كانت بدايات كتائب القسام المباركة، بدأ العمل القسامي بالسلاح الأبيض وبعض الاسلحة النارية البسيطة، وكان السلاح يتنقل بين المجموعات القسامية لتنفيذ العمليات الجهادية، في ظل ندرة السلاح آنذاك وارتفاع ثمنه وما كان يشكله شراء الأسلحة من خطورة بالغة.
كما قام عدد من مجاهدي القسام بدهس تجمعات للجنود الصهاينة وقطعان المغتصبين على الطرق وعند محطات الانتظار في الداخل المحتل والضفة المحتلة وأصبحت تلك العمليات هاجساً ليعود شبحها يلاحق الصهاينة مؤخراً خلال انتفاضة القدس 2015م.
وسرعان ما أدخل مهندسو القسام العمليات الاستشهادية إلى حيز التنفيذ عام 1993م، وقاد الركب الاستشهادي القسامي ساهر حمد الله تمام، بعد أن هاجمت السيارة المفخخة الأولى التي أعدها الشهيد المهندس يحيى عياش معسكراً صهيونياً في منطقة الغور المحتل، لي فتح ساهر تمام الطريق أمام مئات الاستشهاديين في مختلف أنحاء فلسطين ومن مختلف الفصائل الفلسطينية.
استمرت العمليات الاستشهادية وتعالت أصوات الانفجارات وتطايرت أسقف الحافلات مع بداية الانتفاضة الثانية، وزادت معها أعداد القتلى والجرحى الصهاينة، وباتت كل المدن والمواقع الصهيونية تحت رحمة الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة.
القدرة القتالية
شكلت انتفاضة الأقصى منعطفاً مهماً في تاريخ المقاومة الفلسطينية، وبدأت أسلحة وتكتيكات جديدة تدخل على خط المعركة وتحقق نجاحات مهمة توجت بالانسحاب الصهيوني من قطاع غزة عام 2005م، وظل مشوار مراكمة القدرة القتالية وتطوير الوسائل القتالية ورفع كفاءة المجاهد القسامي يأخذ منحنى تصاعدياً، كما زاد اهتمام القسام بالتصنيع المحلي الذي كان له دور بارز في مختلف المراحل، فجيشت الجهود والعقول الفذة لأجل هذا الهدف وكانت النتائج كبيرة.
- الصواريخ: بدأت كتائب القسام بدك مغتصبات العدو داخل قطاع غزة وفي محيطه بصواريخ بدائية الصنع من طراز قسام 1-2-3، وكانت مديات الصواريخ لا تزيد عن الـ 10 كيلومترات، وحملت رؤوساً حربية تزن بضعة كيلوجرامات من المواد المتفجرة.
تطورت القدرة الصاروخية للكتائب وكان للتصنيع المحلي نصيب كبير في ذلك لتدخل لاحقاً أجيال جديدة من الصواريخ للخدمة أبرزها المقادمة والرنتيسي والجعبري والسجيل والعطار وأبو شمالة بمديات تصل لأكثر من 160 كيلومترا، إضافة إلى صاروخ العياش الذي وصل مداه 250 كيلومترا وكشف عنه القسام خلال سيف القدس، كما استطاع القسام إدخال صواريخ وقذائف من تصنيع دولي بمديات مختلفة لقطاع غزة من دول شتى.
- العبوات: اعتمدت كتائب القسام في تصنيع العبوات على المواد الأولية، واستطاعت تفجير العديد من المواقع العسكرية والآليات بهذه العبوات، ومع تطور هذه الصناعات تمكن مهندسو الكتائب من تصنيع عبواتٍ خصصت بحسب طبيعة المهمات (أرضية – برميلية – مضاد للأفراد – مضاد للدروع- ...).
- مضادات الدروع والطيران: زادت الكتائب من تطوير قدراتها في الأسلحة المضادة الدروع فبعد أن كانت قذائف البنا والياسين والبتار وبعض قذائف الـ (RPG) هي التي يستخدمها المجاهدون في استهداف الآليات، أدخلت إلى حيز الاستخدام قذائف الـ P29 والتاندم ولاحقاً الصواريخ الموجهة مم طراز كورنيت وفونيكس وكونكورس وغيرها.
كما طورت الكتائب من قدراتها في الدفاع الجوي من التصدي لطائرات الاحتلال بالرشاشات الثقيلة إلى استخدام صواريخ الكتف التي شكلت إزعاجاً لسلاح الجو الصهيوني وأصابت بعض طائراته.
- الطائرات المسيرة: في قفزة نوعية سيرت كتائب القسام عدداً من طائراتها من نوع أبابيل لأول مرة في تاريخ الصراع مع العدو فوق مدن الاحتلال ومبني وزارة الحرب الصهيونية عام 2014م، حيث أنتج القسام بعقول مهندسيه وعلى رأسهم الشهيد المهندس محمد الزواري طائراتٍ بمهام متعددة، فمنها الاستطلاعية ومنها الهجومية والانتحارية.
وخلال معركة سيف القدس أدخل القسام للخدمة طائرات شهاب الانتحارية وطائرة الزواري للاستطلاع والمراقبة، ولا زال التطوير في هذا المجال متواصلاً دون توقف، وستكشف الجولات القادمة صنيع الكتائب.
تطور التكتيكات
بعد أن كانت المجموعات القسامية قليلة العدد وتعمل بشكل منفصل وبعتاد متواضع، أصبحت كتائب القسام الآن أشبه بتشكيلات الجيوش النظامية تضم تخصصات وصنوفاً متعددة يتم قيادتها بشكل مركزي، كما تطورت التكتيكات القسامية بشكل سريع وفوجئ العدو في كل مرحلة بطرق عمل جديدة أذهلته وكبدته خسائر فادحة.
خلال الانتفاضة الأولى والثانية تصدى مجاهدو القسام ببسالة لتوغلات الاحتلال، وواصلت كتائب القسام تصديها للعدو في معارك عدة فكان الصمود الأسطوري في معركة الفرقان وانتصار حجارة السجيل والعصف المأكول وإدخال "تل أبيب" عاصمة الكيان للمناطق التي تطالها صواريخ المقاومة دون تردد، وليس انتهاء بمفاجآت معركة سيف القدس التي أذهلت الصديق قبل العدو.
وسعت كتائب القسام منذ التأسيس لفكاك أسر الأبطال في سجون الاحتلال فنفذ مجاهدو الكتائب 30 عملية ومحاولة أسر لجنود صهاينة إلى أن توجت عملية الوهم المتبدد بصفقة وفاء الأحرار وتحرير أكثر من ألف أسير فلسطيني منهم المئات من الأسرى أصحاب المحكوميات العالية.
كما طورت كتائب القسام من استخدامها للأنفاق، فكانت الهجومية التي نفذت منها عمليات التسلل خلف خطوط العدو، والدفاعية التي كمن فيها المجاهدون لجنود العدو وآلياته حينما تقدمت لتخوم القطاع الشرقية فجعلت منهم أسرى او قتلى أو جرحى في مرمى نيران المجاهدين.
أما في الجهاد البحري، فقد شكل إضافة نوعية في تكتيكات القسام، حيث شكلت عملية "زيكيم" البحرية في معركة العصف المأكول عام 2014م نقلة نوعية في ذلك، عندما هاجمت وحدة كوماندوز من الضفادع البشرية القسامية قاعدة "زيكيم" العسكرية وأثخنوا في العدو وآلياته هناك، ولازالت وحدات الكوماندوز البحري المختلفة تطور قدراتها وتكتيكاتها للإثخان في العدو خلال أي معركة قادمة.
كما أفشلت الكتائب العديد من المخططات الصهيونية للسيطرة على شبكة الاتصالات الخاصة بالمقاومة كما حدث في دير البلح، وعملية حد السيف شرق خانيونس، وليس انتهاء بسراب وغيرها من عمليات الاختراق وحرب العقول التي لا زالت على أشدها واستطاعت تحقيق نجاحات والحصول على معلومات مهمة عن العدو وأساليب عمله.
وبعد سنوات من الإعداد والمعارك والجولات الجهادية تبقى كتائب القسام على عهدها مع شعبها وأمتها بأن تشرفهم في كل ميدان نزال مع العدو، وأن توجه ضربات صاعقة لجيشه المهزوم وقيادته الهزيلة، وستكشف الجولات القادمة أسرار التطوير المستمر والعمل القسامي الدؤوب لتحسين القدرات والوسائل القتالية، وسيبقى جهاد القسام متواصلاً حتى التحرير.