"فَضية" هو الاسم المُحبب لطالبات الصف الثالث الابتدائي في مدرسة العائشية للبنات وسط مدينة دير البلح، "فضية ومحاسن وعائشة وسائدة وسعاد ورسمية"، والمئات من المُعلمات المُلهمات، اللواتي صنعن أمجاداً وقُمن بتربيه أجيال وأجيال، تلك المُعلمات المخضرمات اللواتي خدمن في قطاع التعليم قبل نشأة السلطة الفلسطينية وحتى يومنا هذا، تركن بصمات واضحة في سلك التعليم الفلسطيني.

فضية أبوميري هي أحد النماذج التي نجحت في تعظيم التعليم الفلسطيني، وحصلت على العديد من الألقاب الفخرية على المستوى المحلي والدولي، في تدريس الرياضيات، فقد حصلت على لقب أفضل معلمة على مستوى الوطن، وحصلت على لقب ملهمة فلسطين في الدورة السابعة للإلهام في فلسطين، كما حصلت على لقب المعلم المتميز على مستوى المدرسة والمديرية والوزارة في قطاع غزة ، كما حصلت على لقب خبيرة التعليم في جامعة بيرزيت ، وقامت بتمثيل دولة فلسطين ضمن الوفد الأول لزيارة اليابان، وحصلت على الوسام الذهبي "الميدالية الذهبية" على مستوى العالم في مسابقة المرأة المبدعة العالمية في عام2021، وذلك في مسابقة عالمية تسابق فيها اكثر من 1750 متسابق على مستوى العالم.

الدافع لكتابة هذه الأسطر عن أحد النماذج، هو الدور الذي ساهمت به المُعلمات المخضرمات، واللواتي صَقلن خبراتهن وطورن من مهاراتهن كي تواكب تطور التعليم والمناهج، والتي تغيرت خلال الثلاثين عاماً الماضية، وأصبحت مناهج تُحاكي الواقع التكنولوجي من جانب، والتعليم اللامنهجي من جانب أخر، كي يتم ايصال المعلومات والمشروحات للطلاب بطريقة يسهل فهمها وتَقبلها.

نموذج "فَضية" متعدد الأركان في السلك التعليمي في الأراضي الفلسطينية، ولكن نحن بحاجة إلى تسليط الضوء عليه، من أجل علو شأنه ورفعته، وتقديره وتعزيزه وتحفيزه بشكل دائم على الاستمرار في العطاء وتربية الأبناء، وذلك من خلال تبني استراتيجية التعليم التحرري، واعطاء الطالب المساحة الكاملة للإبداع والتفكير.

ما يحدث اليوم في سلك التعليم الفلسطيني، هو انهيار قيمة النموذج المُلهم في التعليم، فما شهدته بعض المدارس خلال الآونة الأخيرة من الاعتداء على المدرسين والمعلمين، لهي ظاهرة خطيرة تحتاج إلى رادع قوي، كي تُعاد هيبة المعلم، ويكون مُلهماً لطلابه، فلا أمه ناضجة متحضرة متقدمة متطورة، دون مُعلم قوي قادر على فرض أسلوبه التعليمي والأخلاقي والأدبي على طلابه.

إن الحفاظ على نماذج تعليمية ليست بالمهمة الكبيرة المعقدة، بقدر ما هي مهمة أخلاقية تتبناها الارادة المجتمعية من أجل صناعة التغيير والتقدم في المجتمع، ولنا في مجتمع اليابان نموذج عندنا صدح مثلهم الشعبي قائلاً " ابتعد عن مُعلمك سبع خطوات، كي لا تدوس على ظله"، ففي فقه الأخلاق والأدب يجب أن يُتوج المُعلم بصفاته وأخلاقه مقاليد الرفعة وعلو الشأن.

كاتب فلسطيني

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد