في شارعنا .. قنبلة موقوتة! -رغد أبو سليمان

رغد أبو سليمان

إن الشيء الوحيد الذي يمكن أن نصف به موقع محلات تعبئة الغاز في المناطق السكنية هو "القنبلة الموقوتة"، أو "البراكين الساكنة"، فلا أحد يعرف متى تنفجر موزعة الدمار على كل مكان، مُزهقةً عشرات الأرواح؟ رغم السكون الذي تبدو به.

كما أن خطورة هذه المحلات لا تتوقف عند ذلك الحد، بل تتجاوزه إلى الأمراض الصحية والبيئية، خاصة أن غالبيتها لم تحصل التراخيص اللازمة من الجهات المسؤولة، وتفتقر إلى المعدات وتدابير السلامة اللازمة.

عن كون العاملون في هذه المحلات قليلي معرفة وخبرة في تعبئة الأسطوانات التي تتطلب خبرة وكفاءة ودقة لتجنب المخاطر، يعد كارثة بكل المقاييس، مثال ذلك ما حدث في إحدى المطاعم الشعبية في مخيم النصيرات، عام ٢٠١٩، فوفق مصادر محلية، كان سبب اندلاع الحريق انفجار أنبوب غاز بأحد المحلات، والمشكلة أنه لم يكن هناك معدات وقائية كطفاية للحريق، وباب للهروب.

وهناك حريق أكبر وأوجع وقع في مخيم النصيرات أيضا، في الخامس من آذار عام ٢٠٢٠، يعرف ب"حريق النصيرات"، نشب في مخبز البنا، وكان عدد الضحايا ٢٥ مواطنًا، عدا عن أنه طال محلات تجارية أخرى منها: محلات حمادة، ومطعم عقل، ومحل للصرافة، ومحل فادي للملابس، ومحلات الخضار بالقرب من الدوار الرئيسي للنصيرات، حتى أن الحريق وصل لعيادة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" التابعة للمخيم، وكان سبب هذا الحريق الأول، وفق بيان لبلدية النصيرات، انفجار صهريج غاز خاص بمخبز البنا.

هذه المأساة كشفت عن القصور في إجراءات السلامة المتبعة من قبل إدارة المخبز، ونقص الخبرة والكفاءة في التعامل مع أسطوانات الغاز، وكشفت أيضا عن نقص في الموارد اللازمة للتعامل مع الحرائق الكبيرة.

وقد أصدر الدفاع المدني منشورا حول قواعد استخدام الغاز والطرق السليمة لفك وتركيب الأسطوانات، فيجب التأكد من غلق صمام الأسطوانة قبل استبدال الاسطوانة الفارغة بالمليئة، وألا تعرض الأسطوانة للحرارة، ويمنع التدخين عند تركيب الاسطوانة، ويجب تغيير خرطوم الغاز في حالة وجود تشققات به.

واستنادًا للمادة ٩٠ من قانون العمل ٧ سنة ٢٠٠٠، التي تتعلق بشروط السلامة والصحة المهنية، يعد وجود مخازن الغاز بين بيوت المواطنين والأسواق، مخالفة لشروط السلامة والصحة المهنية، وتلزم المادة 133 من نفس القانون بالإغلاق الكلي لكافة نقاط بيع الغاز والوقود العشوائية المخالفة لشروط السلامة، والتي تشكل خطراً كبيراً على حياة العاملين بها والمواطنين بجوارها، كما ينص القانون على لزوم مراعاة توفير احتياطات السلامة والوقاية في محطات الغز والمحروقات، أولها إنشاء خزان مياه له مضخة تعمل عند الحاجة، ووضع لافتات إرشادية تمنع التدخين.

وحسب ما أفاد رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، في حوار مع صحيفة فلسطين، بأن قطاع غزة يوجد به 1300 موزع غاز، و90% منهم يقومون بتعبئة الغاز بين المنازل المكتظة، وذلك يعد قنابل موقوتة تهدد حياة المواطنين وممتلكاتهم.

وقال العمصي لصحيفة فلسطين: "يجب على جهاز الدفاع المدني الذي يمنح التراخيص لأصحاب مخازن الغاز المنزلي، والبلديات القيام بمسؤولياته".

وختامًا، يجب وضع حد لهذه المشكلة، بأن تتم توعية أصحاب محال تعبئة الغاز بمخاطر وجودها في مناطق سكنية، وتوفير مساحات بعيدة عن الأماكن المأهولة لبناء مخازن الغاز فيها، تلافيا للأضرار، ومنعا لانفجار هذه القنبلة الموقوتة، فالسلامة خير من الندامة.

هذه المادة مخرج تدريبي لنادي الإعلام بمركز رُسل لرعاية الموهبة

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد