قضية وطن وحكاية فداء - حلا أبو عايش

حلا أبو عايش

حرب نفسية، قهر، معاناة، حرمان، تفتيش، عزل، انتقام، قمع، ضرب، اضطهاد. هذه هي حياة الأسيرات الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية، ولكن يقابل كل هذا من الظلم والمعاناة صبر وثبات ونضال ومقاومة.

إن هذه القضية ليست قضية عابرة، بل قضية وطن تستحق أن تروى وعلينا جميعا حلها قبل فوات الأوان.

في سجون الاحتلال بلغ عدد الأسيرات الفلسطينيات حتى نهاية شهر مايو من عام ٢٠٢١ (42) أسيرة، يمكثن في سجن الدامون، وهو ليس كأي سجن، لقد كان مخزنًا للدخان _وروعي في بنائه توفير الرطوبة لحفظ أوراق الدخان_ حتى نهاية عام ٢٠١٨ ثم قام الاحتلال بتفريغه وتجهيزه بالكاميرات وتخصيصه للأسيرات.

إنهن يعشن في ظروف قاسية وغير إنسانية ولا صحية، كما يعشن حالات الاكتئاب والتعذيب ناهيك عن الحشرات التي قاربت على أكل أجسادهن.

لقد سيطر الإهمال الطبي على الأسيرات ففي سجون الاحتلال يوجد جريحتان و١٢ أسيرة مريضة، كما لا يوجد مراعاة لحالتهن الطبية ولا أدوية فعالة ومستمرة.

والسجن جميعه محاط بالكاميرات مما يضطر الأسيرات الفلسطينيات لإغلاق الحمامات بالأقمشة، كما يؤدي وجود الكاميرات إلى منع الأسيرات من خلع الحجاب مما يؤدي إلى تساقط شعورهن ونقص فيتامين "د".

إن "إسرائيل" لا تراعي أن الأسيرات نساء ولهن احتياجات خاصة، لذلك يعاملهن كمثل الرجل في الإذلال والعزل الانفرادي والتفتيش الجسدي.

وهو دائما ما يهدف إلى إذلالهن والانتقام منهن وقتل انتمائهن الوطني والسياسي والنضالي وأيضا إهلاك أجسادهن ومعنوياتهن، فتجد الأمراض تلازمهن إلى ما بعد خروجهن من السجن.

إنه يتبع خططا وسياسات منظمة ومخطط لها من لحظة الاعتقال حتى لحظة الإفراج، أمر تجده في عمليات القمع والظلم والاضطهاد والضرب، وإذا ذهبت ودققت في الروافد الإعلامية "الإسرائيلية" المختلفة والمحاكم أيضًا تجد الإشارة إلى كلمة أسيرة تحت مسمى" الإرهاب" ما يعني بالضرورة تشويه سمعة الأسيرات الفلسطينيات المناضلات اللواتي فضلن وطنهن وحريته على حياتهن الشخصية.

إن الاحتلال تجاوز كل أساليب الهمجية واللاإنسانية التي شكلت نموذجا جبارا لأقسى أنواع الظلم، إذ يعتقل ١١ أما وهذا يعني أنه حرم ١١ عائلة من التجمع، وحرم العديد من الأطفال من حنان أمهاتهم، وحرم العديد من الأمهات من تربية أبنائهن، وكان منع الأسيرة خالدة الجرار قبل شهرين من وداع ابنتها سها التي توفيت، مثالاً.

قبل فترة أيضًا خرجت قضية جديدة من داخل المعتقلات "الإسرائيلية" تصرخ وتستغيث وتطلب النجاة، إنها قضية الأسيرة أنهار الديك تلك الشابة الحامل بطفلها الثاني.

وجدت قضية الديك تعاطفًا كبيرًا، فغرد روّاد التواصل الاجتماعي متضامنين ومتضامنات من فلسطين وخارجها، فليس من العدل أن تلد أسيرة بعملية قيصرية مكبلة الأيدي والأرجل والولادة أصعب ثاني ألم بعد الحرق حيًا، فماذا لو في سجن مكبلة الأيدي و الأرجل؟!.

والأسيرة الديك ليست الأولى فعلى مر التاريخ ولدت ١٢ أسيرة فلسطينية داخل سجون الاحتلال في ظروف قاهرة وغير إنسانية وغير صحية.

إن الواجب الإنساني قبل الوطني يحتم علينا دعم الأسيرات الفلسطينيات ولو بكلمة، وعلينا جميعا مطالبة الاحتلال بالإفراج عنهن.

إن ما يحدث في سجون الاحتلال وما تعانيه الأسيرات الفلسطينيات انتهاك صارخ لكافة المواثيق الدولية وبشكل خاص اتفاقيات القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة، فكفى ألم، وكفى ظلم، وكفى تعذيب. الحرية لأسرى الحرية، الحرية لبنات الوطن وجذوة نضاله.

هذه المادة مخرج تدريبي لنادي الإعلام بمركز رُسل لرعاية الموهبة

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد