تفاصيل كلمة وزير خارجية فلسطين أمام "اليونسكو" في الدورة الـ 41

رياض المالكي في اليونسكو

نشرت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الخميس، بيانًا مشاركة وزير الخارجية رياض المالكي في أعمال الدورة ال 41 للمؤتمر العام لمنظمة التربية والعلوم والثقافة "اليونسكو".

نص كلمة الوزير رياض المالكي كما نشرت وزارة الخارجية الفلسطينية على موقعها الإلكتروني:

أقف أمامكم اليوم بكل تواضع وفخر٬ بمناسبة الذكرى العاشرة لعضوية دولة فلسطين في منظمة اليونسكو العريقة٬ والنبيلة٬ حيث عملنا خلال السنوات العشر على مواءمة انضمامنا الى المنظمة واتفاقياتها المختلفة٬ واتخاذ العديد من الخطوات للاستجابةً للتحديات المتعلقة بحقوق المرأة وتمكينها في المجتمع، والمساواة بين الجنسين.

واود ان اهنأ السيدة ازولاي على اعادة انتخابها، مديرة عامة، ودعمنا لعملها من اجل رفعة وحسن تواجد منظمتنا وتنفيذ ولايتها، متمنيا لها النجاح. وارغب في تقديم الشكر لمكتب اليونسكو في فلسطين على جهودهم.

وأسمحوا لي ان أُجدد أمامكم تقديرنا العالي والتزامنا بأهداف اليونسكو السامية٬ التي نعتبرها جزءاً من أهدافنا الوطنية٬ التي تتجسد فيها طموحات البشرية في الوصول إلى عالم يسوده السلام والتعاون بين جميع البشر؛ عالم تلتزم به الأمم بمبادئ الحرية والعدل، وحقوق الإنسان٬ بالاضافة الى الدور الذي تلعبه اليونسكو في الحفاظ على التراث والثقافة الفلسطينية. ففي فلسطين عشرات بل مئات المواقع الأثرية التي تجعل من فلسطين كلِّها معلماً بل موقعاً تراثياً فريداً لا نظير له، يستوجب صونه وحمايته. خاصة في ظل ما نعانيه من الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي الذي طال امده٬ والذي ينتهك بشكل ممنهج وواسع النطاق القانون الدولي واتفاقيات اليونسكو٬ وحقوق شعبنا بما فيها حقه في تقرير المصير، وغيرها من الحقوق الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.

لقد ازدادت وتيرة الانتهاكات والاعتداءات الاسرائيلية، حيث عمق الاحتلال الاسرائيلي٬ غير الشرعي٬ من انتهاكاته وجرائمه بما فيها جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية٬ في كافة مجالات عمل اليونسكو٬ في التعليم٬ من خلال التحريض على مناهجنا التعليمية، واستهداف المدارس والاطفال، ومنظمة الاونروا ، والتراث٬ والثقافة٬ وحرية العبادة والانتهاكات بحق الصحفيين ،استهدافهم المتعمد٬ لاكثر من 54 صحفيا٬ كما تجلى ذلك في انتهاكاتها ضد المقدسات المسيحية والإسلامية خاصة في مدينة القدس المحتلة٬ ومحاولات تغيير ال Status Quo في الحرم الشريف٬ المسجد الأقصى والحفريات٬ اذ سمح لمجموعات استيطانية٬ متطرفة٬ وارهابية محمية من قوات الاحتلال بتنفيذ اقتحامات لباحات المسجد الأقصى والتي جعلت منه ساحة للحرب والاشتباكات في شهر رمضان المبارك الاخير٬ ومنع المصلين المسيحيين من الوصول الى الكنائس في الاعياد، واخرها عيد الفصح المجيد٬ بالاضافة الى ما تتعرض له الأملاك الوقفية الإسلامية والمسيحية٬ بشكل عام لحملة استيطانية شرسة، وعمليات تدنيس وتخريب كما حدث مؤخراً ضد الكنيسة الجثمانية. والاعتداء الغاشم على أرض مقبرة الشهداء التابعة للمقبرة اليوسفية. وقرارات ادوات الاحتلال المختلفة بما فيها المحاكم التي وافقت على ما يسمى "بالصلاة الصامتة للمستوطنين في الحرم الشريف". وفي الخليل تم اغلاق الحرم الابراهيمي الشريف أكثر من مرة بحجج واهية٬ وتم منع أي فلسطيني من دخوله في حين سمح بدخوله فقط٬ للمستوطنين الإرهابيين وغيرهم من المتطرفين٬ بالتزامن مع البدء ببناء ما يسمى بالمصعد الكهربائي ومصادرة مساحات واسعة من الأرض التابعة للموقع الاثري، التراثي المسجل على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر٬ وذلك لتشويهه وتزوير مكانته ذات القيمة الاستثنائية العالمية٬ وتغيير معلمه ليتطابق وروايتهم المزيفة عن فلسطين٬ ولفرض روايتهم الاستعمارية المرفوضة على المكان. ويجب رفض الممارسات والمصطلحات التي تحرض على الأقصى، وعلى الحرم القدسي الشريف، والتي تؤجج لصراع ديني لن تحمد عقباه٬ ويخدم أجندة الاستعمار والابارتهايد٬ بالاضافة الى محاولات تغيير الوضع والمسمى التاريخي والقانوني القائم لمدينة القدس واسوارها٬ وحرمها الشريف والبناء القائم حاليا، وتزويره الى مسمى "جبل الهيكل."

و غزة التي مازالت تعاني من حصار واغلاق بشع مستمر منذ اكثر من 14 عاما٬ وعدوان وحروب متكررة تقوض التعليم والثقافة والحق في الحياة.

ان القيمة الاستثنائية لمدن فلسطين وخاصة القدس والخليل انها قديمة قدم التاريخ، وان الشعب الفلسطيني استمر لاكثر من 100 قرن بالعيش فيها دون انقطاع الى يومنا هذا٬ وسيبقى بها يطور ثقافته وهويته الوطنية وستبقى فلسطينية٬ عربية التراث والثقافة٬ والارث٬ ولن يزورها ويشوه معالمها هذا الاحتلال الاستعماري الاسرائيلي العابر٬ او يفرض زيف روايته عليها.

السيدات والسادة

ان تجرؤ مجرمي الحرب الاسرائيليين على تدمير وتشويه وتزوير التاريخ والثقافة والمواقع التراثية، انما يشجعه الصمت الدولي والتخاذل في تحمل المسؤوليات القانونية والأخلاقية التي يفرضها القانون الدولي، ومؤسساته كمجلس الأمن واليونسكو في توفير الحماية للشعب الفلسطيني ومقدساته.

لقد اَن الأوان لوقف هذا الصمت والخروج عنه من قبل المسؤولين الدوليين بما فيهم المديرة العامة لمنظمة اليونسكو. واَن الأوان لاتخاذ خطوات فعالة لحماية الشعب الفلسطيني وتراثه٬ و لمحاسبة ومساءلة اسرائيل على جرائمها. ونطالب بإرسال بعثة الرصد التفاعلي لليونسكو إلى مدينة القدس القديمة وأسوارها٬ ودعوة المدير العام لليونسكو لاتخاذ التدابير اللازمة لذلك. كما اوجه دعوة لاعضاء المجلس التنفيذي٬ ولجنة التراث العالمي لزيارة فلسطين٬ للاطلاع عن كثب على جرائم الاحتلال في مجال عملكم. سيفجعكم ما ستشاهدون.

السيد الرئيس.

السيدات والسادة

يقول شاعرنا الكبير محمود درويش: على هذه الارض مايستحق الحياة، وخوف الغزاة من الذكريات.

فالغزاة والمستعمرين يخشون المستقبل والسلام، ويخافون من التاريخ والتراث والذكريات.

اما شعبنا فهو واثق من روايته، ويعتز بتاريخه، وحقه في ارض فلسطين، ومستقبله فيها وسيحافظ عليها٬ وعلى تراثه وذاكرته٬ وسيورثها لابنائه واحفاده٬ وسيحمي مستقبلهم، ويعزز مسيرتهم نحو الحرية والاستقلال والعودة.

المصدر : وكالة سوا

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد