كان الله في عون الاقتصاد الفلسطيني، الجميع يعكف على وضع الحلول والخطط و المبادرات والدراسات من جهة، وآخرون ينادون بالمؤتمرات الاستثمارية من جهة أخرى ويبقي الحال على ما هو علية دون أي تقدم أو إنجاز بل بالعكس نعود للخلف , حيث أن الاقتصاد الفلسطيني في أسوء حالاته , انكماش في معدلات النمو , تراكم الديون , عجز في الموازنات , ارتفاع في معدلات البطالة و الفقر نتيجة لانخفاض الإنتاجية في كافة الأنشطة الاقتصادية , غلاء في المعيشة غير مسبوق.
 
وحيث أنة و بعد خطة كيرى الاقتصادية السحرية , و مبادرة اللجنة الرباعية , نشرت صحيفة الحدث الفلسطيني في عددها الصادر بتاريخ 27/5/2014 ما يسمى بمبادرة القطاع الخاص الفلسطيني للاستثمار والنمو والتوظيف , وقبل الخوض في قراءة وتحليل ما جاء في تلك المبادرة هناك العديد من التساؤلات التى تتطلب إجابات واضحة من المسئولين عن تلك المبادرة و أهمها :
 
·        من الذي أعد تلك المبادرة بمساعدة مؤسسة بورتلاند ترست ومن هي تلك المؤسسة وما هي أهدافها  ومن هي اللجنة التنسيقية المذكورة في المبادرة؟
·        هل تم عقد أي اجتماعات أو ورش عمل للقطاع الخاص الفلسطيني على مستوى محافظات الوطن للخروج بتلك المبادرة و تسميتها مبادرة القطاع الخاص؟
·        أين دور القطاع الخاص في محافظات غزة من تلك المبادرة ؟ , أم أن القطاع الخاص يقتصر فقط على الضفة الغربية؟ .
·        حسب ما تم ذكره في المبادرة بأنة تم تحديد أكثر من 50 مشروعاً عبر القطاعات الخمسة المختارة كمشاريع محفزة للنمو , من الذي حدد هذه المشاريع وبناء على أي معايير تم تحديدها و ما نصيب قطاع غزة من تلك المشاريع ؟
 
للأسف الشديد و بعد قراءة عميقة في المبادرة تجد العديد من التناقضات بين خطة كيري الاقتصادية و المبادرة  وهذا يدل على عدم التنسيق حتى في إعداد المبادرات و الخطط الورقية و سوف أتناول بعض التناقضات الهامة بين خطة كيري الاقتصادية وبين مبادرة القطاع الخاص الفلسطينيى للاستثمار و النمو و التوظيف.
  
معدلات البطالة
من أهم التحديدات التى ذكرت في المبادرة نسبة البطالة و التى بلغت في عام 2012 حين إعداد المبادرة ما يقارب 23% و حسب المبادرة ستكون هنالك حاجة لخلق 1,000,000 وظيفة جديدة للتقليل من نسبة البطالة، والوصول بها إلى 10%بحلول عام 2030 أي بعد 16 عام .
و تحدثت خطة كيري عن خفض معدلات البطالة للوصول إلى 8% عن طريق خلق أكثر من 330 ألف فرصة عمل خلال ثلاث سنوات , علما بأن عدد العاطلين عن العمل 301,200 شخص في الربع الرابع لعام 2013 ومعدل البطالة في فلسطين 25.2% , حيث بلغ معدل البطالة في الضفة الغربية 18.2% وبلغ عدد العاطلين عن العمل 141,600 شخص , وفي قطاع غزة 38.5% وبلغ عدد العاطلين عن العمل 159,600 شخص.
 
و ارتفعت معدلات البطالة في فلسطين وصلت إلى 26.2% حيث بلغ عدد العاطلين عن العمل 328 ألف شخص في فلسطين خلال الربع الأول لعام 2014 ، منهم حوالي 147,800 ألف في الضفة الغربية وحوالي 180,200 ألف في قطاع غزة , و ما يزال التفاوت كبيراً في معدل البطالة بين الضفة الغربية وقطاع غزة حيث بلغ المعدل 40.8% في قطاع غزة مقابل 18.2% في الضفة الغربية , وسجلت الفئة العمرية 20- 24 سنة أعلى معدلات للبطالة حيث بلغت 43 % في الربع الأول لعام 2014 , وأصبحت تلك المعدلات و النسب تتناقض مع ما بنيت علية المبادرات و الخطط الاقتصادية .
 
القطاعات الاقتصادية
تجاهلت مبادرة القطاع الخاص القطاع الصناعي وكأنة لا يمت بصلة للقطاع الخاص على الرغم من أن القطاع الصناعي يشكل 12% من إجمالى الناتج المحلى ويشغل ما نسبته 10% من المشاركين في القوى العاملة في فلسطين , وهنا أتسائل أين دور إتحاد الصناعات الفلسطينية من المبادرة و أين الذين ينادون بدعم و حماية المنتج الوطني وتعزيز قدرته التنافسية والتصديرية , و تم إعطاء الأولوية لخمسة قطاعات كأركان أساسية لخطة عمل القطاع الخاص وهي: الزراعة، تكنولوجيا المعلومات والمشاريع الرقمية، السياحة، البناء والطاقة.
بينما استهدفت خطة كيري الاقتصادية القطاعات الاقتصادية الفلسطينية الإستراتيجية و الحيوية وهى ثمان قطاعات ( المياه , الطاقة , السياحة , الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات , الزراعة , الصناعات الخفيفة , المقاولات و البناء , مواد البناء).
وبالرغم من اختيار مبادرة القطاع الخاص لقطاع الزراعة إلا أنها لم تذكر أي شئ فيما يتعلق بالمياه و التى تعتبر أساس الزراعة , كما أنها أحد أهم و أخطر المشاكل التى تواجهنا في فلسطين نتيجة استيلاء وسيطرة إسرائيل على مصادرها.
 
أما في قطاع البناء و التشيد تم اقتراح إنشاء اتحاد البناء للقطاع الخاص وهنا أتسائل حول جدوى هذا الاتحاد و أهدافه في ظل وجود إتحاد المقاولين الفلسطينيين الذي يمثل كافة شركات المقاولات والإنشاءات بمختلف تخصصاتها وتصنيفاتها  في فلسطين.
 
و اصبحت الخطط الاقتصادية و المبادرات على طريقة التسوق شكل بأيدك حيث أنة تم طرح ما يزيد عن أربع خطط اقتصادية خلال السنوات الاخيرة , استهلكت أموالا و مجهودا ولم يطبق منها شيء على أرض الواقع وبقت حبر على ورق لأن جميعها كان مرهون بالتطورات السياسية مع الجانب الاسرائيلي .
ومن الملاحظ بأن كافة الخطط والمبادرات الاقتصادية لم تتحدث لا من قريب و لا من بعيد عن دعم وتنمية المشاريع الصغيرة والمبادرات الفردية الريادية بالرغم من أنها نهضت بالكثير من الاقتصاديات العالمية في الدول النامية  وتتناسب مع واقع الاقتصاد الفلسطيني.
 
والمطلوب الان هو البدء بالعمل الجاد على أرض الواقع لإحداث تغير جذري في واقع الاقتصاد الفلسطيني , وكفانا خطط ومبادرات و مؤتمرات وورش عمل و إستراتيجيات.
أما بالنسبة لمؤتمرات الاستثمار أقولها للمرة المليون بأنة قبل التفكير في الاستثمارات الخارجية و عقد المؤتمرات , يجب دعم الاستثمارات المحلية القائمة و تشجيعها للنمو و التطور لتساهم في إعادة بناء الثقة لدي المستثمرين من الخارج.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد