نتائج إجتماع قيادة حركة حماس في القاهرة مع المخابرات المصرية لم تكن كما كان يراد منها خاصة حول ملف الأسرى، وملف إعادة إعمارقطاع غزة وهدنة طويلة الأمد، وقضايا أخرى مثل ملف المصالحة فلم يتم التوصل لأي أتفاق وتمترس حماس خلف رؤيتها وكذلك الرئيس محمود عباس .

ويبدو أن أهم الملفات هو ملف إعادة الإعمار وفكفكة الأزمات التي يعانيها القطاع جراء الحصار الاسرائيلي، وكذلك ملف التفاوض حول إتمام صفقة للإفراج عن الأسرى.

لكن الحديث عن انفراجة وتسهيلات كبيرة، كما وصفها اكثر من مسؤول في حركة حماس من تحسين حرية الحركة للأفراد من والى معبر رفح البري، وعلى دخول وخروج البضائع والسلع،  خلال الشهور المقبلة.

كل ذلك مجرد وعود وتمنيات وتسهيلات كبيرة، سمعناها سابقاً، وأطلقت خلال السنوات الماضية، ولم يتحقق منها شيئ، ولا يوجد أي تغيير على حرية الحركة الصعبة والقيود التي لم يتم ازالتها، ومعاناة الناس عظيمة، وهناك قصص تدمي القلوب عن المعاملة غير الإنسانية، وصعوبة حرية الحركة ويتم تسهيلها بدفع الأموال فقط.

باستثناء ما قدمته مصر بعد العدوان الإسرائيلي في أيار/مايو الماضي، وإزالة ركام تدمير الابراج وبعض المباني، وتبرع مصر بنصف مليار دولار، والقيام بعدد من المشاريع التي ستنفذها الشركات المصرية. 

إلا أن القيود والشروط على حركة البضائع والسلع، هي تلك القيود والشروط الإسرائيلية والتي تدخل القطاع ستستفيد منها الشركات المصرية التي ستقوم بتنفيذ المشاريع التي أعلنت عنها بناء على المنحة المقدمة منها. 

أما على صعيد ملف الأسرى فهو عالق مكانه، وما زالت هناك فجوات كبيرة، وإسرائيل لم تتراجع عن شروطها وموقفها، ومحاولتها الحثيثة ربط ملف إعادة الإعمار، وشرط الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة، هو شرط تعجيزي تدرك إسرائيل عدم قبول المقاومة به.

الحكومة الاسرائيلية الجديدة بقيادة نفتالي بينت تمترست خلف موقفها الرافض لاعادة الاعمار، وهو موقف الحكومة السابقة، ويبدو أن محاولة ربط الإعمار في قطاع غزة، بإحراز تقدم في قضية الأسرى الإسرائيليين فشلت. 

ويتضح ذلك من أن حكومة بينت بدأت تتراجع في موقفها من اعادة الاعتبار، لكنها لم تتراجع عن رفع الحصار، بل كل ما تقدمه هو تسهيلات مرهونة بالهدوء، وهو المصطلح والسياسة التي تتبناها الحكومات الاسرائيلية السابقة التي قادها بنيامين نتنياهو الذي يقود المعارضة الان ولن يقبل بتمرير صفقة أسرى بشروط المقاومة.

تزايدت خلال الأيام والأشهر الماضية الأخبار المتناقلة حول قرب التوصل لصفقة تبادل للأسرى، لكن حسب مسؤولين في حماس وفصائل فلسطينية، أنه لم يتم تقدم نوعي في القاهرة، وحماس ترفض التراجع عن شروطها خاصة إفراج إسرائيل عن العشرات من الأسرى في صفقة شاليط، والذين اعادت اعتقالهم.

تحاول إسرائيل إظهار جدية حول إتمام صفقة تبادل، لكن دون سعي حقيقي لإنجازه، وهي تمارس الضغط على حركة حماس، وكسب تأييد عائلات الأسرى الإسرائيليين

والشارع الإسرائيلي، ووضع شروط كبيرة وابتزاز المقاومة ومعاناة القطاع للتخفيف من شروط الصفقة.

في العام الماضي وفي ظل أزمة جائحة كورونا أعلن رئيس حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، عن مبادرة وإمكانية أن تكون هذه المبادرة لتحريك ملف تبادل الأسرى، بأن يقوم الاحتلال بعمل طابع إنساني أكثر منه عملية تبادل، بحيث يطلق سراح المعتقلين الفلسطينيين المرضى والنساء وكبار السن من سجونه، وممكن أن نقدم له مقابلاً جزئيء.

وفي حينه كان بينت وزيراً للأمن وأبدى معارضة شديدة  هو وجميع اقطاب اليمين لأي عملية تبادل.

صفقة شاليت شكلت صدمة للاسرائيليين وحسب زعم كثير من المراقبين انه لن يتم تكرارها، ولم تعد الحكومة والجمهور على استعداد لإطلاق سراح أسرى من العيار الثقيل، إذا لم تخفض حمـاس سقف توقعاتها فلن تكون هناك صفقة.

بينت والحكومة الجديدة معنيين تهدئة جبهة غزة والمفاوضات حول صفقة تبادل للأسرى، لكن حسب مقاس إسرائيل وأرقام معقولة وفق رؤيتها كما أنه في ظل التغييرات في إسرائيل ووضع الحكومة الهش والضعيف وبينت لا يملك قوة حزبية خلفه تسانده إضافة انه شخصيا يرفض تكرار صفقة شاليط.

هكذا حكومة لا يمكنها عقد صفقة تبادل بشروط يتطلب تنفيذها في ظل تشدد ومعارضة إسرائيلية كبيرة وغير جاهزة  لدفع الحد الأدنى من الثمن، في ظل وجود حكومة من اليمين المتطرف أوغير اليمين المتماهي مع اليمين، وترفض المبدأ أساساً، ومعارضة قوية يقودها رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.

سياسة بينت الواضحة هي سياسة الحكومات السابقة تجاه قطاع غزة، وإستمرار فصل القطاع وتعزيز الإنقسام، وتبريد الأوضاع من أجل الهدوء، من خلال تقديم التسهيلات للفلسطيين في القطاع، وإدخال المساعدات الإنسانية والمعونات المالية عبر المنحة القطرية وغيرها من المنح، واخيراً وافقت على زيادة حصة تصاريح التجار ومنح تصاريح للعمال. 

معادلة ثابتة وتتغير أسمائها على إثر كل عدوان عسكري جديد، مرة الغذاء مقابل الأمن ومرة الإعمار مقابل الأمن والعنوان الرئيس هو إستمرار الحصار وتشديده لتنعم هي بالهدوء، كي لا نتشغل بغزة وهمومها والتفرغ للضفة الغربية ولبنان وايران وغيرها من المناطق، وتستمر بالقتل الهادئ في غزة وسرقة ما تبقى من حياة إنسانية وموراد القطاع ومياه غير صالحة للاستخدتم الأدمي. 

تتفرع إسرائيل لجبهات أخرى منها تعزيز نظام الفصل العنصري والبناء الاستيطاني، وطرفي المعادلة متفرغون للانشعال بتعزيز الإنقسام ووضع شروط تعجيزية لعدم الإتفاق.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد