أسعار السلع الأساسية ترتفع مرة أخرى، فهل ستواصل الصعود؟

أسعار السلع الأساسية ترتفع مرة أخرى

استمرت أسعار السلع الأساسية في انتعاشها منذ بداية عام 2021 وسط توقعات بأن تبقي على مقربة من المستويات الحالية حتى نهاية العام، وقد سجل مقياس الأسعار الفورية للمواد الخام أعلى مستوى له في 10 سنوات مدعومًابارتفاع أسعار الغاز والمعادن،الأمر الذي قد يُعرض البنوك المركزية لضغوط للحد من التحفيز الهائل.

وصل أسعار تداول السلع إلى أعلى مستوى لها منذ مايو 2011، مدفوعة بارتفاع أسعار السلع التي تتعلق بقطاع البناء والصناعة والإضاءةوالتي تُمثل أساسيات النمو الاقتصادي العالمي، حيث شهدت المواد من الألمنيوم إلى الفولاذ ارتفاعات جديدة وسجلت أسعار الغاز والطاقة الأوروبية أرقامًا قياسية جديدة، الأمر الذي يُشكل تهديدًا كبيرًا على مستويات التضخم وارتفاع تكاليف المستهلك، إلى جانب زيادة الضغط على البنوك المركزية الكبرى لتقليص برامجها التحفيزية الهائلة التي كانت سببًا رئيسيًا في ارتفاع هذه المواد.

لقد اندفعت أسعار السلع تأثرًا بقوة الطلب وتراجع العرض، حيث جاء الطلب المتزايد من جراء الانتعاش الاقتصادي بوتيرة أفضل من المتوقع، فيما تعرضت مستويات العرض إلى التراجع بسبب عدة أزمات، بدءًا من حملة الصين للانبعاثات التي تقلص من إنتاج المعادن إلى تراجع احتياطيات الغاز الأوروبية،كما زاد من ارتفاع أسعار السلع تكلفة شحن البضائع الباهظة،الأمر الذي جعل الخبراء يتوقعوا بأن هناك احتمالية في ارتفاع الأسعار بشكل أكبر في العام المقبل.

قال محللو بنك جولدمان ساكس أن الطلب المادي على السلع وصل إلى مستويات مرتفعة بأعلى من اتجاهات ما قبل الوباء، حيث أصبحت الأنظمة مقيدة بشكل متزايد على اتاحة هذه السلع، كما أن الأسواق باتتفي عرضة لأية اضطرابات خاصة بمستويات العرض أو الطلب غير المحتملة.

أسعار السلع أعلى من مستويات ما قبل فيروس كورونا

شهدت جميع أسعار السلع الأساسية تقريبًا ارتفاعًا خلال هذا العام لتتجاوز مستوياتها ما قبل أزمة فيروس كورونا، بفضل وتيرة التعافي الاقتصادي العالمي السريعة، إلى جانب، بعض العوامل الأخرى التي تتعلق بمستويات العرض مثل النفط والنحاس وبعض السلع الغذائية.

لقد شهد الاقتصاد العالمي نموًا بأفضل من التوقعات، تزامنًا مع المعوقات التي واجهت الدول المتعلقة بعمليات التطعيم ضد وباء فيروس كورونا والتي لا تزال مستمرة حتى وقتنا هذا، وقد أدي ذلك إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وعلى الرغم من ذلك، فإن استمرار الانتعاش غير مؤكد إلى حد كبير بسبب الكثير من التحديات التي تواجه اقتصادات الدول المتقدمة والنامية أيضًا، لهذا ينبغي على هذه الدول أن تعمل علىوضع استراتيجيات جديدة وتعزيز قدرتها لمواجهة تلك التحديات سواء على المدي القصير أو الطويل.

هذا وقد سجلت أسعار الفحم والكربون والغاز الأوروبي ارتفاعات قياسية مع ارتفاع أسعار النفط الخام فوق 80 دولار للبرميل، في اشارة واضحة على أن العالم قد يتجه إلى أزمة طاقة محتملة من شأنها أن تؤثر على النمو الاقتصادي العالمي، ويتوقع خبراء الطاقة أن أسعار النفط يمكنها أن تقفز فوق 100 دولار للبرميل بحلول نهاية العام المقبل، حيث تظهر أزمة الطاقة في أوروبا وآسيا علامات تدهور قبيل موسم التدفئة الشتوي في نصف الكرة الشمالي، في المقابل كان أداء الذهب مخيبا للآمال إلى حد ما خلال الأرباع الثلاثة الماضية، حيث كانت تحركات أسعار الذهب خفيفة نوعًا ما منذ يناير وقد تظل على هذا النحو خلال الربع الرابع من العام.

ارتفاع أسعار المعادن

ساهمت السياسات النقدية التحفيزية التي اتبعتها البنوك المركزية العالمية في استمرار تزايد الطلب على المعادن وارتفاع أسعارها، حيث ظل سعر النحاس مرتفعًا عند مستويات تاريخية، ومع ذلك، فمن المتوقع أن تبقي عند مستوياتها المرتفعة خاصة مع تحرك الصين مؤخرًالتقييد الانبعاثات الكربونية للحد من إنتاج المعادن للحد من التلوث، كما أدي هذا التحرك أيضًا إلى ارتفاع أسعار النيكل لأعلى مستوي له منذ عام 2014، كما ارتفعت أسعار الصلب إلى مستويات جديدة.

يعتقد محللون أنه على الرغم من أننا ننظر إلى الأسعار الحالية على أنها مفرطة، إلا أنه حتى الآن لا توجد أية دلائلعلى حدوث أي انعكاس وشيك في الاتجاه.

مستويات الطاقة المرتفعة

شهدت أسعار النفط استقرار بشكل نسبي معظم شهر سبتمبر لتتداول بالقرب من سعر 70 دولار،بعدما قفزت في نهاية شهر أغسطس بنحو 10%بفضل اعصار ايدا الذي اجتاح خليج المكسيك.

ولكن في نهاية شهر سبتمبر ( وتحديدًا في27 سبتمبر) قفز خام القياس العالمي برنت فوق 80 دولار للبرميلمسجلاً أعلى مستوى في ثلاث سنوات، يأتي الانتعاش الواسع في أسواق الطاقة في ظل شح العرض والمنافسة المتزايدة بين أوروبا والصين.

يقول المحللون إن الأسعار المرتفعة كانت نتيجة لقلة عمليات الحفر من قبل منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة، وتراجع مستويات العرض في أعقاب الأعاصير في خليج المكسيك والطلب المتزايد بسرعة.

لقد أثر اعصار ايدا بشكل ايجابي على أسعار النفط، حيث قفزت الأسعار بشكل مفاجئ وغير متوقع، حيث توقف الانتاج الأمريكي بأكثر من 50% على مدار أسبوعين، في الوقت نفسه، زادت المخاوف في الأسواق بشأن تأثر معدلات الطلب من مخاطر انتشار متحور دلتا سريع الانتشار في العديد من دول العالم.

ومع ذلك، هناك دلائل على أن أسعار السلع المرتفعة تأثرت بشكل أكبر من وتيرةمستويات التضخم المرتفعة، هذا وقد توقع محللو بنك جولدمان ساكس أن السعر قد يصل إلى 90 دولار للبرميل، الزيادة المتوقعة مبنية على احتمالية أن يكون فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي أكثر برودة من المعتاد.

لا يزال سوق النفط خاضعًا لإمدادات محدودة حيث يتعافى الطلب العالمي من متغير دلتا، إلى جانب ذلك، لم يتعاف الإنتاج الأمريكي بالكامل بعد من الاضطرابات الناجمة عن إعصار إيدا.

وفقًا لبنك جولدمان ساكس من المرجح أن يصل سعر النفط إلى 90 دولار للبرميل،حيث أشار "جيف كوري" الرئيس العالمي لأبحاث السلع في الشركة إلى أن الشتاء القادم سيكونأكثر برودة من المتوقع في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، الأمر الذي سيزيد من الطلب على النفط الخام، والجدير بالذكر أن الارتفاع المتوقع أعلى بمقدار 10 دولارات من أحدث توقعات البنك.

واستشهد كوري بارتفاع أسعار الغاز الطبيعي كأحد العوامل الدافعة للارتفاع المتوقع، من المرجح أن يؤدي ارتفاع أسعار الغاز، إلى جانب الإمدادات المحدودة في القارة الأوروبية، إلى زيادة الطلب على النفط الخام كبديل رئيسي، وعلى نطاق أوسع، فإن اضطراب الإنتاج في خليج المكسيك بالولايات المتحدة بعد إعصار إيدا سيلعب أيضًا في ديناميكيات العرض والطلب.

أداء مخيب للآمال للذهب 

كان الطلب على الذهب مخيبا للآمال إلى حد ما خلال الأرباع الثلاثة الماضية، أحد العوامل الأساسية هو التحول الملحوظ من قبل المستثمرين إلى الأصول ذات المخاطر العالية مثل العملات المشفرة والأسهم.

المخاوف بشأن التضخم ظهرت أيضًا في تحركات أسعار الذهب، فمن ناحية، عزز ارتفاع التضخم الطلب على المعدن كتحوط ضد التضخم،ومع ذلك، فإن المحادثات حول احتمالية رفع سعر الفائدة في وقت أبكر من المتوقع من المرجح أن تؤثر بالسلب على أسعار الذهب.

 

المصدر : وكالة سوا

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد