تخوّف إسرائيلي من "تسونامي" دبلوماسي دولي ضد حكومة نتنياهو
القدس / سوا / تحذّر قيادات اسرائيلية من مخاطر "تسونامي دبلوماسي" ضد إسرائيل في أعقاب تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو الجديدة، وتنوّه إلى أنّ كلا من طابع التركيبة الحزبية لهذه الحكومة والمواقف السياسية التي ستتّخذها، لا سيّما تجاه القضية الفلسطينية ستزيد من عزلة إسرائيل الدولية.
ونقلت قناة التلفزة الإسرائيلية الأولى عن نائب وزير الخارجية، القيادي في حزب الليكود الحاكم، تساحي هنغبي، قوله إن "دولاً أوروبية ستبدي حرصاً أكبر على دعم التحرك الفلسطيني، ولا سيّما محاولة القيادة الفلسطينية إقناع مجلس الأمن بتبني مشروع القرار الفرنسي بالاعتراف بدولة فلسطينية في غضون عامين".
يضيف هنغبي أنّ التقدير السائد في تل أبيب يشير إلى أنّ دولاً أوروبية لن تكتفي بدعم التحركات الفلسطينية في المحافل الدولية، بل إنّ بعضها سيحرص على طرح مبادرات تقلّص من هامش المبادرة أمام إسرائيل في المحافل الدولية. وكان "مركز الأبحاث السياسية" التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية قد توقع تدهور العلاقات مع أوروبا إلى حدّ فرض عقوبات اقتصادية قاسية عليها، رداً على إعلان نتنياهو أنّه لن يسمح بإقامة دولة فلسطينية في عهده.
وأشار المركز، في تقدير موقف قُدّم للحكومة الإسرائيلية أخيراً، إلى أنّ دولاً أوروبية ستتذرّع بنتائج تقارير أجرتها لجان متخصصة تابعة للاتحاد الأوروبي، بشأن سجل حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، من أجل تبرير فرض عقوبات اقتصادية ضد إسرائيل.
وترى أوساط رسمية إسرائيلية أنّ ما يؤكد تحقق المخاوف من السلوك الأوروبي، هي الضغوط التي يمارسها البرلمان الأوروبي لإلغاء اتفاقات الشراكة مع تل أبيب، التي توفّر مليارات الدولارات للخزانة الإسرائيلية.
وعلى صعيد علاقة الحكومة الجديدة مع الإدارة الأميركية، يبدو المستقبل أقل تشاؤماً ممّا كانت تعتقد القيادة الإسرائيلية.
فقد كشفت قناة التلفزة العاشرة منذ يومين النقاب عن أنّ إدارة أوباما قد أبلغت قيادات يهودية أميركية بأنّ الخلاف بين واشنطن وحكومة نتنياهو بشأن التعاطي مع الشأن الفلسطيني لن يؤثر على التزام الإدارة الأميركية بالدفاع عن إسرائيل في المحافل الدولية.
وبحسب هذه الأوساط، فإن البيت الأبيض قد تعهد للقيادات اليهودية باستخدام حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن ضد مشروع القرار الفرنسي الداعي إلى إقامة دولة فلسطينية في غضون عامين.
ويرى المراقبون في تل أبيب أنّ حرص إدارة أوباما على عدم التصادم مع حكومة نتنياهو المعلنة، على الرغم من المواقف المتطرفة للأحزاب المشاركة فيها، يرجع بشكل خاص إلى رغبة الحزب الديمقراطي في عدم المسّ بفرص المرشح الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية من خلال استفزاز اليهود، الذين يصوّت أغلبيتهم الساحقة لمرشح الحزب.
وبحسب المراقبين أيضاً، فإنّ إدارة أوباما معنيّة بتشجيع المزيد من رجال الأعمال اليهود للتبرع لحملة المرشح الديمقراطي الذي يرجّح أن يكون وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون.
وفي الوقت عينه، فإنّ هناك من يرى أنّ إدارة أوباما غير معنيّة باستفزاز حلفاء نتنياهو الجمهوريين في الكونغرس من خلال تبنّي مواقف مناوئة لحكومته، ما يزيد من حماس هم للعمل ضد الاتفاق النهائي بشأن برنامج إيران النووي.
لكن في إسرائيل يدركون تماماً، أنّ التزام إدارة أوباما بإسناد تل أبيب في المحافل الدولية لا يعني توقّف الضغوط الأميركية على حكومة نتنياهو لإبداء مرونة سياسية تجاه الملف الفلسطيني.
ويقول معلق الشؤون السياسية في قناة التلفزة الثانية، أودي سيغل، إنّ بإمكان إدارة أوباما أن تؤذي حكومة نتنياهو بشكل غير مباشر من خلال عدم التحرك لدى الاتحاد الأوروبي والمجموعات الدولية الأخرى لثنيها عن تبنّي مواقف سياسية سلبية تجاه إسرائيل.
وأعاد سيغل إلى الأذهان حقيقة أنّ الإدارات الأميركية لم تحرص فقط على استخدام حق النقض "الفيتو" ضد مشاريع القرارات المعادية لإسرائيل في مجلس الأمن سابقاً، بل عملت أيضاً بكثافة لدى حكومات العالم لمنع تقديم هذه المشاريع من الأساس.
وينوّه سيغل إلى أنّه خلال الحرب على غزة ، تحدث وزير الخارجية الأميركية جون كيري مع 12 من قادة الدول الأعضاء في مجلس الأمن لضمان عدم تمرير مشروع قرار يتعارض مع المصلحة الإسرائيلية.
وتسهم بعض التطورات الدولية في زيادة عزلة إسرائيل في ظلّ حكومة نتنياهو الجديدة. ويتوقع المراقبون في تل أبيب أن تفشل حكومة نتنياهو الجديدة في ثني روسيا عن مواصلة تعاونها مع إيران. ويرى الباحث المختص بشؤون روسيا في "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، تسفي مجان، أنّ حرص موسكو على تحسين علاقاتها مع طهران ليس موجهاً ضد إسرائيل، بل رداً على الموقف الغربي من الأزمة الأوكرانية.
ودفعت المخاوف من تعاظم مظاهر العزلة الدولية، قيادات في اليمين، للمطالبة بتوسيع الحكومة الجديدة ومحاولة ضمّ حزب العمل إليها.
فقد حثّ كل من رئيس حزب "كلنا"، موشيه كحلون، الذي سيتولى منصب وزير المالية، ورئيس حركة "شاس"، الحاخام آرييه درعي، الذي سيتولى وزارة الاقتصاد، نتنياهو على الإسراع في توسيع الحكومة، وبذل كل جهد من أجل إقناع زعيم حزب العمل إسحاق هيرتزوغ بالانضمام للحكومة.
وقد نظر إلى قرار نتنياهو، الاحتفاظ لنفسه بوزارة الخارجية، على أنّه خطوة تهدف إلى الاستعداد لضم حزب العمل، معتبراً أن نتنياهو بإمكانه التنازل عن هذه الوزارة ومنحها لهيرتزوغ.
وقد دلّت التجربة على أنّ مشاركة حزب العمل في حكومة اليمين في إسرائيل، يسهم في تسويقها دولياً، ويكسر حدّة المعارضة الأممية لها.