برنامج غزة للصحة النفسية يختتم مؤتمره الدولي الثامن

برنامج غزة للصحة النفسية يختتم مؤتمره الدولي الثامن

تشرف برنامج غزة للصحة النفسية على مدى الأيام الثلاثة الماضية بتنظيم مؤتمره الدولي الثامن بعنوان " الصحة النفسية في قطاع غزة كمنطقة مأهولة باللاجئين" بمدينة غزة عبر الانترنت (تقنية الزوم) ، حيث تم تقديم 50 ورقة عمل بحثية محلية ودولية مختصة في مجال الصحة النفسية وحقوق الانسان، منها عدد من أوراق العمل من عدة دول وهي لبنان، وإيرلندا، والولايات المتحدة، وبريطانيا، وإيطاليا، إضافة إلى الأوراق الفلسطينية المحلية من الضفة الغربية وقطاع غزة.

وتناول المؤتمر الذي بدأت فعالياته يوم الاحد الموافق 5 سبتمبر 2021، ثلاثة محاور أساسية: المحور الأول وهو الظروف الاجتماعية والاقتصادية في قطاع غزة كمنطقة مأهولة باللاجئين والمحور الثاني وهو الصحة النفسية لسكان قطاع غزة والمحور الثالث وهو خدمات الصحة النفسية لسكان قطاع غزة والفجوات التي ينبغي رأبها.

وأكد المشاركون أن المؤتمر قد خلق فرصة جيدة لتبادل الخبرات المحلية والدولية و فتح المجال ايضا للنقاش العلمي حول موضوعات المؤتمر ومحاوره المختلفة، الأمر الذي يساهم في تعزيز الممارسة المهنية للعاملين في مجال الصحة النفسية وحقوق الانسان، كما ويكسر حالة الحصار المهني والسياسي الذي يعاني منه قطاع غزة، وزيادة انفتاحه وتواصله مع المجتمع المهني في العالم أجمع. ويؤكد المشاركون على حقيقة أنه لا يمكن التمتع بالصحة والسلامة النفسية في ظل الحياة تحت الاحتلال والحصار وانتهاك الحقوق الانسانية وعدم تلبية الاحتياجات الضرورية وفقدان الشعور بالكرامة.

هذا وعبر المشاركون عن اعتزازهم الكبير ببرنامج غزة للصحة النفسية كمؤسسة رائدة في مجال الصحة النفسية وحقوق الانسان في فلسطين وكجزء مهم من المجتمع المدني الفلسطيني ، لا سيما وأن هذا المؤتمر في وقت مهم جدا وحساس يعيش فيه الفلسطينيون وخاصة اللاجئين منهم في قطاع غزة كل اشكال القهر والظلم والتهميش والحرمان من الحقوق بكافة اشكالها والتي نادى بها المجتمع الدولي مرارا وتكرارا.

ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نتذكر الدور الريادي الذي قام به الغائب الحاضر الدكتور اياد السراج رحمه الله الذي كان له الفضل في تأسيس البرنامج ورعايته وكذلك تطوير مهنة الصحة النفسية في غزة وفلسطين وربطها بمبادئ احترام حقوق الانسان والعدالة والكرامة الانسانية.

إن البرنامج اليوم وبتنظيم هذا المؤتمر يؤكد على الاستمرار بهذا النهج الذي رسمه له الدكتور السراج من أجل خدمة الانسان والوطن الفلسطيني في مجالات تقديم الخدمات النفسية والمجتمعية وبناء القدرات وادارة المعرفة والبحث العلمي ونصرة الانسان وتحريره من الظلم والجهل.

إن المشاركين وفي الجلسة النهائية للمؤتمر وبعد الانتهاء من نقاش حوالي 50 ورقة عمل وبحث علمي وتبادل الأفكار خلصوا الى الاستنتاجات والمطالب التالية:

• أولاً: وضع فايروس كورونا العديد من القيود في ظل واقع معقد في قطاع غزة، الأمر الذي ساهم في خلق آثار سلبية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والنفسي للمجتمع الفلسطيني بكل فئاته في قطاع غزة كمنطقة مأهولة باللاجئين، والذي يجب العمل على الحد من هذه الآثار من خلال الاستفادة من زيادة تفاعل المستخدمين لصفحات التواصل الاجتماعي في رأب الصدع الذي أحدثته الجائحة وأيضا من خلال زيادة برامج التوعية والتثقيف حول الفايروس المستجد والاضطرابات النفسية المرتبطة به، وتطوير و موائمة المناهج و الاساليب التعليمية داخل المؤسسات التعليمية الفلسطينية .

• ثانيا: واجهت النساء في قطاع غزة إضافة الى الفئات الهشة مثل كبار السن والأطفال وذوي الإعاقة في قطاع غزة ضغوطات نفسية كبيرة وقت الطوارئ والأزمات التي المت بهم خلال الأعوام الأخيرة، الامر الذي يستوجب تنمية قدراتهم، ووضع برامج وتدخلات خاصة لمساعدتهم على التكيف في أوقات الضغط النفسي ، ورفع الوعي لديهم لحمايتهم من الإيذاء بكافة أشكاله، مع ضرورة الاهتمام بتقديم الخدمات الوقائية و العلاجية و التأهيلية و خاصة الاضطرابات المتعلقة بالصدمة و الاجهاد حيث انها تمثل تهديدا لكافة شرائح المجتمع الفلسطيني خاصة الفئات الهشة .

• ثالثاً: الكشف عن أهمية قطاع الصحة النفسية بعد ما حدث من ويلات وازمات نتيجة جائحة فايروس كورونا، الامر الذي ساهم في زيادة الوعي المحلي والعالمي بضرورة الاستثمار في مجال الصحة النفسية وخاصة بعد ظهور الأوبئة والكوارث الطبيعية والنزاعات المسلحة.

• رابعا: ضرورة الاستمرار في تطبيق التدخلات المبنية على الأدلة والبحث العلمي، واجراء المزيد من الدراسات المتعلقة بالتغذية وأثرها على الصحة النفسية للسكان في قطاع غزة، مع ضرورة إجراء تقييم لبرامج الصلابة النفسية في قطاع غزة، وأخيرا ضرورة إجراء المزيد من الدراسات حول التأثير النفسي والاجتماعي للفقدان لدى افراد الاسرة الفلسطينية في قطاع غزة.

• خامسا: شكلت ولا زالت الطواقم الطبية الى جانب طواقم المهنيين والعاملين في مجال تقديم الخدمات النفسية والاجتماعية خطوط المواجهة الأولى في الازمات المتعاقبة التي شهدها قطاع غزة كالعدوانات المستمرة وجائحة كورونا الأخيرة، الامر الذي دفع الباحثين الى الاجماع من خلال دراساتهم البحثية حول ضرورة الاهتمام بفئة العاملين في المجال الطبي والمجال النفس-اجتماعي وتقديم البرامج الاشرافية والإرشادية والعلاجية والداعمة لهم لمواصلة دورهم المهني الهام، مع ضرورة الاستمرار في تقديم برامج الرعاية الذاتية بهدف تعزيز التعافي وتكييف ظروف العمل لدى مقدمي الرعاية، كما أوصى الباحثون بضرورة التحضير النفسي للكوادر عن طريق الإشراف المهني الداعم.

• سادسا: اجمع المشاركون على أهمية أن التنسيق بين مقدمي الخدمات من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، وأنه أهم وسائل نجاح خطط الطوارئ، كما أن التعاون هو من أهم وسائل نجاح أي خطة للطوارئ، كما أشاروا بشكل واضح الى أهمية تقديم خدمة الإسعاف الأولي بشكل مكثف خلال فترة الأزمة وما بعدها، وطالبوا بإطلاق حملات وطنية تتعلق بحماية الفلسطينيين في قطاع غزة بمن فيهم اللاجئين وضرورة وضع خطط استجابة طارئة قابلة للتنفيذ لمواجهة آثار الازمات وتحديدًا على الفئات الفقيرة والضعيفة، إضافة الى ضرورة مشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني والمنظمات الدولية في دعم الجهات الحكومية ومساعدتها في توفير المصادر المالية الكافية لتنفيذ خططها الوطنية.

• سابعا: في إطار أيدلوجيا القمع وديناميات التطرف كان واضحاً أن المزيد والمزيد من الافراد والمنظمات على مستوى العالم يتفهمون الاضطهاد الي يتعرض له الفلسطيني بما في ذلك الحصار في قطاع غزة، وأيضا يتفهمون فجوات التدخل في سياق مثل سياق قطاع غزة، وعليه يوصي الباحثون الى تجنيد المزيد من الحلفاء وإيجاد وابراز المزيد من الأصوات التي تنادي بإنهاء الاحتلال ونيل الحقوق ، مع تفعيل المزيد من الروابط مع المنظمات الدولية والعالمية.

وفي النهاية يتوجه المشاركون في المؤتمر بالتحية الى كافة الناجين وضحايا حقوق الانسان في فلسطين والعالم والى العاملين في مجال الصحة النفسية وعلى وجة الخصوص اولئك الذين فقدوا أرواحهم أو ممتلكاتهم أو أقارب لهم وهم يقدمون يد المساعدة لمن يحتاجها متمنيين أن يحل السلام في فلسطين لتعيش المنطقة بأمن وسلام ينعكس ايجابا على الأمن والسلام في العالم.

وختاماً اسمحوا لنا جميعا أن نتقدم بالشكر الجزيل للمؤسسة الألمانية GEZ لتمويلها هذا المؤتمر، والشكر موصول لجميع المشاركين في تقديم كافة المشاركات البحثية وأوراق العمل خلال المؤتمر، كما نثمن الجهود التي بذلها فريق العمل القائم على تنظيم فعاليات المؤتمر، ونهنئ برنامج غزة للصحة النفسية على نجاح هذا المؤتمر والذي جاء في ظروف استثنائية، والذي نأمل أن يكون مساهمةً في شحن الروح بالأمل وبث التفاؤل في النفوس.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اللجنة التنظيمية للمؤتمر

المصدر : وكالة سوا

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد