لم تستطع كل الكلمات الأدبية والبلاغية أن توصف قوة هذه العملية النوعية والتي هزت كيان الإحتلال , إنها عملية هروب ستة أبطال من سجن جلبوع , والمصنف من أقوى السجون تحصيناً وأمناً في إسرائيل , ولكن إرادة ووحدة وقوة الأسرى الأبطال لم تقف أمام هذه التحصينات , وبالفعل تمكنوا الأبطال الستة من الهروب خارج السجن قبل شروق شمس الحرية بساعات , وتركوا ورائهم خيبة حراس السجن , حيث أن هذه العملية النوعية أثبتت للعالم أن الدولة التي تمتلك السلاح النووي , وتمتلك اللوبيات في العالم , لا تستطيع أن تحافظ على أبسط الإجراءات الأمنية والتي من الممكن أن تكون إجراءات بديهية لأي سجن صغير , أو لأي سجان مستجد لا تزيد رتبته عن عريف أو رقيب ! , فهذه العملية النوعية أثبتت نظرية أن أي فعل فدائي قد ينجح بالكيف وليس بالكم , فكم من جيوش فشلت , وكم من أنظمة سقطت أمام مخططات نوعية تعتمد على الكيفية وليس الكمية .

ما بعد الهروب لا زالت كل السيناريوهات مطروحة , ولا زال البحث جارياً , ولكن نجاح العملية قد تم بالفعل حتى لو نجح الإحتلال في إمساكهم , لأن الإختراق الأمني الكبير قد تم بالفعل , وكسر هيبة أمن إسرائيل قد تمت بالفعل , وحتى في حال تم العثور عليهم من خلال البحث المكثف , فهذا لا يعني أن تتم عملية إسترجاعهم الى السجن بسلام , فمن المعروب أن هؤلاء الابطال من المساجين المسجلين خطر لدى الإحتلال , وجميعهم لهم عمليات نوعية وبصمة قوية في تهديد كيان إسرائيل , فأقل ما سيحدث عند العثور عليهم أن يدخلوا بإشتباك مسلح مع الإحتلال ليدافعوا عن أنفسهم , وهذا بحد ذاته من الممكن أن يوقع خسائر في صفوف الإحتلال , وخاصة إذا كان هناك نية من هؤلاء الأبطال بأن يكون النصر حليفهم في نجاح الهروب الى الخارج أو الشهادة .

أعتقد أن الإحتلال الآن يخشى أن يتحول هروب هؤلاء الأبطال الى ساحة معركة قد تحدث فيما بعد , فليس هناك أي معلومات تشير الى أن هؤلاء الأبطال ينوون الخروج من فلسطين , أو ينوون البقاء من أجل الإكمال في النضال , والتخطيط لعمليات نوعية جديدة , وبالطبع هذا الإحتمال قائم , وخاصة أن الأبطال الستة ليس مجرد سجناء هاربين , بل إنهم شخصيات فعالة ولها وزنها في تاريخ المقاومة الفلسطينية , فمنهم خمسة من خيرة شباب الجهاد الإسلامي , ولهم بصمة وخبرة في العمل الفدائي , والسادس هو أحد مؤسسي وأبطال "كتائب شهداء الأقصى" الجناح العسكري لحركة فتح , وهو عضو المجلس الثوري لحركة فتح "برلمان الحركة" وشخصية بارزة , ولهذا فالقلق يحاصر الإحتلال من هذا القبيل , فإن لم يكتفون هؤلاء الأبطال بالهروب الذي هز كيان إسرائيل , وقررو الإكمال في مشوارهم الفدائي والنضالي , فأعتقد أن هذا بحد ذاته مشكلة كبيرة بالنسبة لإسرائيل .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد