نماذج لطلبة توجيهي 2021 في فلسطيــن .. تفوّق رغم الآلام !
في الوقت الذي يُراهن فيه الاحتلال الإسرائيلي على تجهيل أكبر عدد ممكن من أبناء الشعب الفلسطيني، وتوجيه بوصلة القضية الفلسطينية نحو قضايا ضيقة تتمثل في توفير لقمة العيش اليومية ، برز ثُلة واسعة من طلبة الثانوية العامة ، الذين عانوا ويلات الدمار والعدوان وهدم المنازل، ليُفاجئوا الجميع بنتائج مُبهرة في رسالة منهم إلى الاحتلال الإسرائيلي أن تحرير العقل من الجهل يسبق تحرير الأرض.
عجّت مواقع التواصل الاجتماعي يوم الثلاثاء المنصرم، بمجموعة كبيرة من مقاطع الفيديو التي تنقل احتفاء الأهالي بتفوّق أبنائهم وذلك بعد تقدمهم للاختبارات في ظل ظروف نفسية قاهرة بعد مرور شهر واحد من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والمواجهات مع الاحتلال في القدس ومدن الضفة الغربية.
وخلال هذا التقرير نستعرض غيضًا قليلًا من فيضِ الإبداعات التي تُولد رغمًا عن المحتل من رحمِ المعاناة والدمار والحروب.
الطالب أحمد منتصـر شلبي، الحاصل على نسبة 91.7%في الفرع الأدبي. هدمت جرافات الاحتلال منزله أثناء فترة تقديم الاختبارات كما وتم اعتقاله لفترة من الزمن قبل موعد بدء الاختبارات بفترة قصيرة.
وقد علَت الزغاريد والأهازيج منزله، وسجد شاكرًا لله على ذلك التوفيق مهديًا ذلك التميز لفلسطين و لوالده الأسير منتصر شلبي داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي.
يقول أحمد " لم أكن متوقع النتيجة، خاصة أن السنة التي مرت علينا في العائلة جدًا صعبة، ولا تشبه السنوات السابقة، حيث هُدم منزلنا واعتُقل والدي، وتم اعتقالي"
وأضاف " عقدت العزم على تحدي الاحتلال الذي سيفرح بفشلنا أو سقوطنا، وحاولت التأقلم مع الظروف المحيطة لأثبت إلى الاحتلال أنه مهما فعل لن يثبط عزيمتنا"
أما والدة أحمد فعلّقت على تفوق نجلها " نحمد الله على هذا العطاء، كنت متوقعة لأحمد النجاح ولكن لم أكن أتوقع له التفوق بالمعدل الذي حصل عليه كانت بمثابة الصدمة في ظل الظروف الصعبة التي مرّينا بها، حيث اعتقلوه في فترة الاختبارات التجريبية".
وأضافت: "حاولت أن أرفع من معنوياته بعد خروجه من السجن حتى يجتاز فترة الاختبارات بنتيجة تُفرّح والده وترفع رأسه داخل الأسر وبتوفيق من الله قد حصل ما تمنيت "
ووجهت والدة أحمد رسالة إلى الاحتلال أنه برغم الهدم والسجن والدمار والاعتقال تفوّق نجلها بنتائج مُشرّفة وتم الاحتفال بها على أنقاض المنزل المدمر.
وفي فخرٍ آخر، استبدلت عائلة الشهيد جمال الزبدة صحون التمر إلى حلوى عقب تلقيهم نبأ تفوق ابنتهم سـارة الزبدة بنسبة 95.3% ، الفرع العلمي .
سارة التي أعادت البسمة على شفاهِ من حولها، بعد أن فقدوها لعدة أشهر، حيث مرّت وعائلتها بظروفٍ استثنائية صعبة، فقدت خلالها ركنين أساسيين من أهل بيتها والدها وشقيقها الأكبر أسامة وذلك قبل شهر واحد من خوض غمار الاختبارات النهائية.
تقول سارة: "لا أنكر أن ظروف استشهاد والدي وأخي قد أثرت بشكلٍ كبيرٍ على نفسيتي قُبيل فترة الاختبارات، حيث كنت أطمح أن اكون من الأوائل على قطاع غزة، ولكننا رضينا بقدر الله وحالنا أن نتجاوز تلك المحنة بمعدل مرتفع"
وتتابع " فرحتنا اليوم كبيرة، لكنها منقوصة، فقدان والدي وشقيقي الأكبر صنعت غصةً كبيرة في قلبي منذ أن استمعت إلى نتيجتي وتمنيت لو أنهم شاركوني طقوس هذا اليوم"
وأرجعت سارة ذلك التفوق الذي حصلت عليه إلى نصائح وإرشادات شقيقها الأاكبر الشهيد أسامة الذي رسم لها الطريق منذ بداية العام وأرشدها إليه من خلال خطة دراسية أعدها لها ليتابع ما تنجزه بشكلٍ شهري، ومن ثم واصلت والدتها وشقيقتها مساندتها بعد فقدان أسامة من أجل مواصلة الدرب ذاته.
كما وأهدت تميُّزها إلى جميع شهداء معركة "سيف القدس"، وعلى رأسهم والدها وشقيقها وأكدت أنّ دماءهم ستبقى حافزًا لها لاستكمال طريق النجاح في حياتها.
أما الطالبة صفـاء عبد الله البرغوثي، ابنة "أمير الظّل"، صاحب أعلى حكم في سجون الاحتلال، أصرّت أن تتخطى حدود الزنزانة الانفرادية، لتلمُس قلب والدها وتزرع الفرحة داخله.
غادرها والدها بعمر الشهر، تعالت على جراح الفقـد وعقدت العزم منذ بداية عامها الدراسي أن تهدي ثمرة نجاحها إلى والدها داخل السجن، وأوفت الوعد وحققت تميزًا بنسبة 98.3%
تُعلّق صفاء على نبأ تفوقها " والدي من خلف قضبانه كان الدافع الاول لي، حيث كان ويجه لنا رسائل بصورة مستمرة يحُثنا من خلالها على التقدم وخوض معارك الحياة كما لو أنه بجانبنا، وفي آخر لقاء جمعني به قبل 3 سنوات كان يشجعني على دراسة الطب، كما وأهداني معطف الطبيب ليقرّب لي الحلم الذي تمنيته".
وتضيف " والدي علِم بنتيجتي من خلال الإذاعات في داخل السجون، وكنت أتمنى لو كان بيننا لحظة الإعلان الأولى، ولكن أنا على يقين أنه فرح جدًا وشعر بالفخر الشديد على ذلك التفوق ، حيث كان يأمل دائمًا أن أرفع رأسه بدرجات عالية"
تتابع صفاء " طوال فترة دراستي والاختبارات كان طيف والدي أمامي، ولم يغب عن مخيلتي للحظة، فهو المعلم الأول لنا، وإن فارقنا بجسده فروحه ما زالت حاضرة بيننا".
وأردفت قائلة "غادرت وعائلتي إلى الأردن من أجل مشاركة جدي وجدتي فرحة النجاح" .
وعبّر جميع الطلبة في كافة محافظات الوطن عن سعادتهم البالغة بالنتائج متجاوزين مخاوفهم من تأثير الأحداث المحيطة بهم على مستوى التحصيل لديهم مؤكدين أن الدراسة في هذا العام كانت أشبه بالمستحيلة في ظل تفشي فايروس كورونا والمواجهات في القدس والعدوان الاخير على قطاع غزة.
يُشار إلى أن وزارة التربية والتعليم في فلسطين، أعلنت صباح الثلاثاء الموافق 3 أغسطس نتائج الثانوية العامة لعام 2021، منوّهة إلى أن نسبة النجاح في كافة محافظات الوطن بلغت 71.37%.
تقرير: شيماء عيد