تحقيق لنيويورك تايمز
شاهد: ليلة 16 مايو في غزة: كيف قتلت الغارات الجوية الإسرائيلية 44 شخصًا
في السادس عشر من أيار، دمرت الغارات الجوية الإسرائيلية ثلاثة مبانٍ سكنية، وأنهت حياة عدة عائلات فلسطينية، فقام فريق من صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية بزيارة مكان الحادث وقابلوا الناجين وقاموا بتحليل عدة مقاطع فيديو وصور فوتوغرافية وصور أقمار صناعية لمعرفة ما حدث.
وتقول إسرائيل انها استهدفت أنفاقا وبنى تحتية عسكرية لحركة حماس تلك الليلة ومع مرور الوقت تبين ان هناك تفاصيل جديدة أخرى تتعلق بالحدث أثبتتها نيويورك تايمز حيث قالت ان "إسرائيل استخدمت قنابل وصواريخ دقيقة وموجهة متقدمة متطورة وجديدة استهدفت بها الحي الذي يسكن به عائلة اشكنتنا بأكثر من ٢٠ ضربة تلك الليلة وتقول الرواية الإسرائيلية إن الجيش الإسرائيلي كان حذرا في استهدافه أو في الهجمات التي نفذها وقتها، ولكن تحقيق الصحيفة الامريكية أثبت كيف أن الجيش أسقط بعض من قنابل صواريخه هي الأثقل وبدون تحذير للمدنيين وبدون سابق انذار".
ويظهر الفيديو أيضا رقما يعرض على أحد الشظايا التي جمعها من منازل عائلة الكولك وأبو العوف حيث أثبت وفق بحث فريق الصحيفة أن الصاروخ المستخدم هو من صناعة أمريكية ومن الصواريخ الثقيلة التي توجه بدقة عبر نظام الـ"جي بي أس".
وفي معلومات شحيحة قدمها الجيش حول استهدافه لتلك المنطقة فإن إسرائيل استهدفت الشقق والمباني وتقول انها استهدفت أنفاقا أسفل هذه المباني التي تم استهدافها في شارع الوحدة، وبعد أسابيع من الهجمات وبتكرار سؤال محققو وصحفيو الصحيفة للجانب الإسرائيلي حول الأهداف التي تم استهدافها قال الجيش في رواية أخرى ومختلفة هذه المرة "انه استهدف مقر قيادة تحت الأرض ولكنهم لم يكونوا يعلمون حجمه او موقعه بالتحديد او بالضبط".
وتقول إسرائيل بان حماس بنت بنية تحتية عسكرية تحت المبان السكنية، والجيش الإسرائيلي لم يقدم أدلة كافية على ان هناك مقر قيادة تحت المباني المستهدفة، ويقول الخبراء ان حجم الاستهدافات التي حدثت في المكان تعد بمثابة جريمة حرب تم ارتكابها.
ويظهر في فيديو التحقيق الذي أجرته الصحيفة الأمريكية منطقة في حي الرمال والذي يعتبره الغزيون من الأحياء الأمنة في مدينة غزة ، أنه في ليلة الـ١٦ من مايو استهدف الإسرائيليون مئة هدف لأنفاق لحماس في قطاع غزة وتظهر الضربات وفق خارطة أعدتها الصحيفة أن أكثر من عشرون صاروخا وقنبلة اسقطت على طول الحي الذي يتكون من مبان سكنية وشارع الوحدة ووزارتين ومركز طبي.
وبحسب مقابلة اجراها فريق نيويورك تايمز مع الناجي رياض اشكنتنا، حول استهداف البناية التي كان يقطن بها وهي بناية عائلة أبو العوف فقد قال "كتلتي لهب حمراء وصفراء اقتحمتا صالون المنزل بينما كان يجلس وزوجته يتابعن الأخبار وأطفاله نائمون قبل الحدث بدقائق، وفي مطابقة لحديث اشكنتنا وصور من طائرة استطلاع إسرائيلية قامت بتصوير ذلك المشهد تلك الليلة حيث قام فريق نيويورك تايمز بعمل خاصية التقريب على الصور وتتبعها لقطة بلقطة حيث أظهرت الصور سقوط قنبلتين من الطائرات الحربية على نفس منزل عائلة أبو العوف الذي يقطنه فيه رياض شكونتنا وبعد تتبعها يشاهد الانفجار ويحدث انفجارا آخر استهدف ثلاث مبان اخرى للعائلة، كذلك يظهر الفيديو الذي نشره الجيش ان هناك حزام ناري على شارع اخر في نفس الحي بجوار المنطقة المستهدفة.
وتضيف الصحيفة عبر فريقها انهم قاموا بتحديد الموقع الجغرافي للصور المنشورة والفيديوهات لاستهداف بناية أبو العوف.
وتقول إسرائيل في رواية ثالثة مختلفة عن الحدث نفسه وفق فيديو التحقيق، ان القصف المكثف لحي الرمال كان جزء من استراتيجية تدمير أنفاق حماس والتي تسميها إسرائيل بـ"المترو".
وفي مؤتمر صحفي ل بنيامين نتنياهو أمام الصحفيين بعد الحرب عرض خارطة ليشرح بها مناطق إقامة حماس لانفاق تحت الأرض وتحت الاحياء السكنية، يظهر فيها علامات صفراء دائرية وضعت على الخارطة تشير وفق تعبير الإسرائيليين الى الأبنية التي تم لم يستهدفها الجيش الاسرائيلي من قبل الطيران الحربي مع ان الجيش قد استهدفها فعلا وقتل بها ٤٤ مدنيا ألا وهي منطقة شارع الوحدة، وخطوط حمراء منقطة أخرى وضعت على نفس الخارطة تشير إلى شارع الوحدة الرئيسي والذي تم استهدافه وفق ما هو موضح في خارطة نتنياهو، ولكن ما نشرته الصحيفة الأمريكية في تحقيقها المصور عبر طائرة تصوير يظهر أن الاستهداف كان لمنازل المدنيين في شارع الوحدة وليس للشارع نفسه كما تحدثت رواية الجيش وعلى لسان ناطقها وعلى لسان نتنياهو.
وعدل الجيش مقولته عندما شاهد الصور حيث قال :"ان البنيات انهارت بسبب استهدافها للأنفاق التي في الشارع العام".
ويقول التقرير أيضا ان إسرائيل لم تقدم ادلة على وجود مركز قيادة في ذلك المكان وحماس انكرت وجوده.
ويوضح التقرير "إذا كان فعلا أن إسرائيل استهدفت مقر قيادة وبنية تحتية عسكرية لحماس أسفل مباني المدنيين فقد اجبرهم العالم على تحذير المدنيين قبل القصف، فيما أخبر مسؤولون رسميون نيويورك تايمز ان إسرائيل لم تعتقد أن التحذير كان ضروريا لأنه نفذت عدة غارات مشابهة في غزة مرات عدة وبدون انهيار مبان.
ويستعرض فيديو التحقيق أيضا صورا للقنابل والصواريخ الإسرائيلية وانواعها ويقارنه بالصواريخ والقنابل التي استخدمها الجيش في قصف حي الرمال وشارع الوحدة وأثبتت انها مصنوعة أمريكيا وأنها من النوع الذي يوجه عبر نظام "الجي بي اس"، وتبين أيضا انها القنبلة الاثقل التي استخدمها الجيش في المناطق المكتظة.
وبحسب الصحيفة فإن الصليب الأحمر قال ان أسلحة كهذه لا يمكن استخدامها في مناطق مفتوحة بسبب الخطر المحتمل من عواقبها.
وأفضى التحقيق في نهاية المطاف إلى أن الطائرات الإسرائيلية أسقطت تلك الليلة أربعة من تلك القنابل الثقيلة على بعد أقدام من تلك المباني التي تحتوي على الشقق السكينة على الرغم من ان الجيش أكد انه استخدم برنامج صمامات مبرمج للسماح للقنابل ان تنفجر بعمق تحت الأرض لتدمر الانفاق ولتقلل من الضرر الذي قد تحدثه فوق الأرض.
وتظهر صور وأدلة أخرى الى أن سقف منزل عائلة أبو العوف قد مال الى شارع الوحدة وهو ما يعني أن الاستهداف حدث وسط البناية وأن القنبلة انفجرت وأدت الى انحدار سقف البناية تجاه الشارع.
لمشاهدة فيديو التحقيق اضغط على الرابط التالي: اضغط هنا