بالفيديو: ما هو حكم الأضحية وهل هي واجبة في كل عام؟
اقترب شهر ذو الحجة الذي يسن فيه أداء مناسك الحج والتي هي ركن من أركان الإسلام، ويهل خلاله علينا أيضا عيد الأضحى المبارك الذي تكثر فيه الأضاحي وهي سنة حثنا عليها رسول الله محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم.
وتعد أجازه عيد الأضحى المبارك من أطول إجازات العام الرسمية، حيث تتفاوت مدة الإجازة بحسب وقوعها في الأسبوع، فإما أن يجري ضمها إلى الإجازة الأسبوعية أو تكون متضمنة لها، وفي ظل الإجراءات الاحترازية لتفشي وباء فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19»، فإن إجازة عيد الأضحى المبارك 2021 قد تتخذ منحى مختلفا، وربما تصل أيام إجازة عيد الأضحى 2021 إلى ٧أيام ما يرفع رصيد إجازات شهر يوليو 2021.
وتتعد الأراء والأقوال حول وجوب الأضحية للمقتدر وحسب الشريعة الإسلامية بأنها سنة مؤكدة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أي أنه لا إثم في تركها، كما أنها مشروعة بالقرآن الكريم في قول الله تعالى: "فصلي لربك وانحر"، وأجمع عليها المسلمون في كل زمان ومكان.
ومن الاحكام المُتعلِّقة بالأضحية فقد ذهب الفقهاء في حُكم الأضحية إلى قولَين حيث ذهب جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى أنّ الأضحية سُنّةٌ مُؤكّدة عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم، ويُكرَه تَركها لِمَن يستطيع شراءها، أما الحنفية فقد ذهب رأيهم إلى وجوب الأضحية على كلّ مُقيم مُقتدر من أهل المُدن، والقُرى، والبوادي، ولا تجب على المُسافر.
ومن شروط الأضحية والتي من الواجب توفّرها في المُذكّي ذابح الأُضحية تُشترَط في المسلم نيّة التضحية، أي يجب على المسلم عند ذَبح أضحيته أن تكون نيّته التضحية وأن يكون ذلك تمييزاً لها عن سائر القُربات، فالمسلم قد يذبح الشاة بنيّة العقيقة، أو الهَدي، أو الفِدية عن فِعل مَحظور، والنيّة هي التي تُميّز بين هذه القُربات، كما أنّ فيها تمييزاً للأضحية عمّا يذبحه الإنسان منها بهدف الحصول على اللحم، ومن الشروط أيضا هو اقتران النيّة بالذَّبح حيث يُشترَط أن يكون مَوضع النيّة عند ذَبح الأضحية ويجوز أن تسبق النيّة ذلك بأن ينوي التضحية عند تعيين البهيمة بشرائها، أو بفَصلها عن الأنعام الأخرى.
ومن الشروط أيضا هو عدم مشاركة من لا يُريد القُربى أي يجوز للمُضحّي إذا أراد أن يُضحّي من الإبل أو البقر أن يشارك غيره في هذه الأضحية بشرط ألّا يزيد عددهم عن سبعة أشخاص، وأن يكون مَقصد الجميع من الذَّبح أداء قُربة من القُربات وإن اختلف نوع القُربى، ولا تجوز مشاركة من ينوي الحصول على اللحم فقط، ولا نيّة له بأيّ نوع من القُربات عند الحنفيّة والمالكيّة، وأجاز الشافعية والحنابلة المشاركة مع اختلاف المَقاصد من الذَّبح، كمَن يريد اللحم مع غيره مِمّن يُريد الذبح لطاعة مُعيَّنة.
كذلك هناك شروط يجب توافرها في الدابة المراد التضحية بها ومنها أن يمتلكها المُضحّي بطريقة مشروعة؛ فلا يجوز أن تكون الأضحية مسروقةً، أو مغصوبةً، أو أن يكون قد اشتراها بعقد فاسد، أو بثمن مُحرَّم، كأن يكون ماله ربويّاً، وأن تكون من الأصناف التي خصّها الله -سبحانه وتعالى- بجواز التضحية بها؛ وهي الإبل، والبقر، والغنم؛ سواء الضأن، أو المَعز كذلك أن تبلغ السنّ المُعتبَر شَرعاً؛ وهو في الإبل ما أتمّ الخمس سنوات ودخل في السادسة، وفي البقر ما أتمّ السنتَين ودخل في الثالثة، وفي المَعز ما أتمّ السنة ودخل في الثانية، وفي الضأن ما أتمّ الستّة أشهر ودخل في السابع، كذلك من الشروط التي يجب توافرها في البهيمة المراد التضحية بها أن تكون سليمة من العيوب التي لا تُجزِئ الأضحية بوجودها، وهي العَوَر، والمَرض، والعَرج، والكَسر، وكلّ عَيب كان أشدّ من هذه العيوب الأربعة أيضاً يكون سبباً في عدم صحّة الأضحية مع وجوده.
ومن السنن أيضا فأن هناك طريقة للتصرف بلحم الأضحية حيث ذهب فريق من بعض الفقهاء إلى سُنّية أن يُقسّم المُضحّي أضحيته إلى ثلاثة أقسام؛ يأكل من قسم، ويُهدي قسماً، ويتصدّق بقسم آخر وحسب م اجتهد علماء المذاهب الأربعة وفق ما ورد عن سنة رسولنا الكريم محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم فقد ذهب جموع الحنفية إلى استحباب أن يتصدّق المُضحّي بثُلث الأضحية، ولا يُنقص عن ذلك، ويجوز له أن يُطعم الأغنياء من أضحيته، وللمُضحّي الانتفاع بجلد الأضحية، ولا يجوز له بَيعه، أما المالكية فقد ذهبوا إلى أنّ المُضحّي يمكنه أن يجمع في الأضحية بين الأكل، والتصدُّق، والإهداء، دون تحديد نسبة كلّ قِسم، ويقول المذهب الشافعي إلى وجوب تصدُّق المُضحّي بشيء من أضحيته، كما يجب أن يكون اللحم المُتصدَّق به نيِّئاً طريّاً لا مطبوخاً، ولا يدخل في ذلك الجلد، والكبد، والأفضل أن يقتصر المُضحّي على أكل لُقَم من أضحيته ولا يزيد على ثلاث لُقَم، ويُفضَّل أن تكون اللُّقَم من الكبد، ويتصدّق بالباقي، والأدنى من ذلك أن يأكل الثُّلُث و أن يتصدّق بالباقي، وأدنى شيء أن يأكل ثُلثاً، ويُهدي ثُلثاً، ويتصدّق بثُلث، أما مذهب الحنابلة فقد ذهب إلى سُنّية أكل ثُلث الأضحية، وإهداء ثُلثها، والتصدُّق بثُلثها، ويُستحَبّ أن يتصدّق المُضحّي بأفضلها، ويُهدي الوسط منها، ويأكل أقلّها فَضلاً، ويجب على المُضحّي أن يتصدّق بشيء منها، وأقلّ ذلك أوقية، ويجب أن يكون اللحم نيّئاً، ويُعطيه لفقير مسلم، فإن لم يتصدّق بشيء من أضحيته وجب عليه أن يتصدّق بمقدار أوقية من لحم، وإن كانت الأضحية ليتيمٍ، فلا يجوز لوليّه أن يتصدّق بشيء منها، ولا أن يُهدي، وإنّما يُوفّرها لليتيم؛ لأنّ الوليّ ممنوع من التبرُّع بمال اليتيم
وفي ادِّخار لحم الأضحية ذهب جمهور أهل العلم إلى جواز ادِّخار لحوم الأضاحي؛ واستدلّوا بما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلم-: (أنَّهُ نَهَى عن أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ، ثُمَّ قالَ بَعْدُ: كُلُوا، وَتَزَوَّدُوا، وَادَّخِرُوا)، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد نهى قبل هذا عن ادّخار لحوم الأضاحي أكثر من ثلاثة أيام، بسبب قدوم ضعفاء من الأعراب على المدينة في تلك السّنة التي نهى فيها عن الادّخار، وكان علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما- ذهبا إلى عدم جواز ادِّخار لحوم الأضاحي أكثر من ثلاثة أيّام؛ لِما رواه ابن عمر - رضي الله عنه - قال: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ نَهَى أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الأضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ)، وذهب المحقّقون من أهل العلم إلى أنّ الصحابيان الجليلان أفتوا بما كانوا قد سمعوا؛ فرووه وأفتوا به، وربّما لم يبلغهمـا ما آلَ إليه الأمر بعد ذلك من رفع النّهي.
وفي سنة الاشتراك في الأضحية فقد اتّفق فقهاء المذاهب الأربعة على جواز اشتراك سبعة من المسلمين في أضحية واحدة على أن تكون من الإبل أو البقر، وتفصيل ذلك فيما يأتي: الحنفية: ذهب الحنفية إلى جواز اشتراك سبعة أشخاص في ذبح أضحية واحدة من الإبل أو البقر إذا كان المُشتركون جميعهم يبتغون بالذَّبح وجه الله -تعالى-، ولا تُجزِئ عنهم إن اشتركَ أحدهم بنيّة اللحم؛ والدليل على جواز الاشتراك في ذَبح الإبل أو البقر ما أخبر به جابر بن عبدالله -رضي الله عنه-؛ إذ قال: (نَحَرْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ البَدَنَةَ عن سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عن سَبْعَةٍ). المالكية: ذهب المالكية إلى صحّة اشتراك سبعة أشخاص في أضحية واحدة من الإبل أو البقر، واشترطوا أن يكون نصيب كلّ واحد منهم السُّبُع، ولا يقلّ عن ذلك، ولا يصحّ اشتراك أكثر من سبعة أشخاص في أضحية واحدة. الشافعية والحنابلة: ذهب الفقهاء من الشافعية، والحنابلة إلى جواز اشتراك سبعة من المُضحِّين في أضحية واحدة من الإبل أو البقر، والمُعتبَر في ذلك أن يشاركوا في الأضحية دفعة واحدة قَبل ذَبحها، فلو أراد أحد أن يشارك في الأضحية بعد ذَبحها فإنّ ذلك لا يصحّ، وإنّما تُجزِئ الشراكة إذا كانت قبل الذَّبح.