لماذا يسقط أهالي "كالاتشي" الكازاخستانية في نوم مفاجئ لأيام؟

قرية كالاتشي الكازاخستانية

أعلنت حكومة كازاخستان حلها، للغز الذي استمر البحث عنه، لأكثر من 700 يوم في قرية كالاتشي "قرية النائمين"، حيث يسقط سكان القرية على الأرض، نتيجة نوبات النوم لأيام متواصلة.

وفي الأسطورة القديمة انتصر النوم أمام كل من الريح والمطر والشمس، وانتزع لقب "سلطان"، لا يقدر أحد أن يغالبه.

"النوم سلطان"، وعرشه في قرية "كالاتشي" التي تبعد 300 ميل عن المدينة الكازاخية "آستانا"، حيث يسقط السكان فجأة في نوبات من النوم لأيام متواصلة لا يستطيعون النهوض أو الاستيقاظ؛ حتى أطلق على القرية "القرية النائمة". فما هي حكايتها؟

وأصاب مرض النوم لأول مرة، 8 أشخاص مختلفين من قرية "كالاتشي" في عام 2013، خلال عطلة نهاية أسبوع واحدة، حيث تفاجئ النائمون، عند استيقاظهم بعد أيام، بأنهم لم يتذكروا شيئاً أثناء نومهم.

وبدأ السكان ينامون واحدا تلو الآخر، بغض النظر عن موقعهم أو ما يفعلون، ثم يسقطون فجأة في سبات تام.

وكان "فيكتور كازاتشينكو" سائق كازاخستاني، يقود سيارته للخروج من القرية متجها إلى احدى البلدات، لكنه لم يصل إليها أبدا بسبب نومه، حيث أنه استيقظ بعد 4 أيام، ليجد نفسه في المستشفى، نتيجة نوبة من النوم المفاجئ أثناء قيادته السيارة، ومع ذلك لم يتفاجأ، فلم تكن المرة الأولى بالنسبة له.

ويروي "كازاتشينكو"، ضاحكا أن غفوته تلك حدثت من قبل ونام حينها لمدة 3 أيام متواصلة، وأكد أنه عانى من أعراض منهكة كالدوخة والغثيان والصداع الشديد وفقدان الذاكرة وضغط الدم المرتفع الذي لازمه لمدة 6 أسابيع بعد الحادث.

واحتار العلماء والأطباء والمسؤولون في تفسير ما يحدث، على مدى عامين متواصلين، حيث اختبروا المستويات المتزايدة من الإشعاع وأول أكسيد الكربون والرادون وتراكم أملاح المعادن الثقيلة التي يمكن أن تكون سامة.

وأجرى العلماء أكثر من 20 ألف اختبار معملي وسريري، في الهواء والتربة والماء والغذاء والحيوانات ومواد البناء وعلى السكان أنفسهم، واعتقدوا أنهم أصيبوا بذهان جماعي، ونتيجة لعدم وجود حقائق علمية مؤكدة؛ تكهن العديد من السكان بأن مصدر المشكلة، هو منجم اليورانيوم المهجور من الحقبة السوفياتية والموجود على أعتاب القرية.

ومع انتشار التكهنات وغياب الحقيقة واستمرار النوم، لم يكن أمام المسؤولين مفر من نقل السكان من "كالاتشي" وإعادة توطينهم في قرى أخرى مجاورة وإعطائهم منازل ووظائف جديدة، وبالفعل انتقل أكثر من نصف سكان القرية وسط مقاومة آخرين ورفضهم الخروج من بيوتهم وقريتهم.

وقد أثر المرض الذي أطلق عليه "وباء النوم الغامض" في الحيوانات والأطفال والكبار على حد سواء، حتى إن الأطفال شاهدوا هلاوس كابوسية، فرؤوا خيولا مجنحة وثعابين في أَسرّتهم وديدان تأكل أيديهم.

وبسبب نومهم المتواصل تسربوا من المدرسة، وكانت أسرهم في مقدمة العائلات التي آثرت الخروج من القرية خوفا على أطفالها.

وبعد أكثر من 700 يوم من البحث والتحقيق لمعرفة ما يحدث في قرية النائمين، خرجت الحكومة الكازاخية وأعلنت حل اللغز.

وخلص الباحثون، بعد تحليل نتائج الفحوصات الطبية لجميع السكان- إلى أن سبب النوم المفاجئ هو ارتفاع مستويات أول أكسيد الكربون والهيدروكربونات في الهواء، وأوضحت الحكومة أنه رغم إغلاق مناجم اليورانيوم؛ ما زال مستوى أول أكسيد الكربون مرتفعا في هواء القرية مع قلة نسبة الأكسجين، وهذا هو السبب الحقيقي لمرض النوم المفاجئ في تلك القرية، كما تنبّأ سكانها بالفعل.

المصدر : الجزيرة

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد