بالصور: المركز الفلسطيني يعقد مؤتمراً بعنوان "الأوضاع الإنسانية في غزة بعد العدوان الاسرائيلي"
عقد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، اليوم الأربعاء 9 يونيو 2021، مؤتمراً بعنوان: "الأوضاع الإنسانية في غزة بعد العدوان الاسرائيلي".
فيما يلي نص البيان كما وصل "سوا":
التاريخ: 09 يونيو 2021
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان اليوم الأربعاء، الموافق 9 يونيو 2021، مؤتمراً بعنوان: "الأوضاع الإنسانية في غزة بعد العدوان الاسرائيلي"، شارك فيه مختصون من وزارة الصحة، وزارة الأشغال العامة والإسكان، وزارة التعليم، وزارة الاقتصاد، سلطة الطاقة، مصلحة مياه بلديات الساحل، بلدية غزة، وبحضور مؤسسات العمل الاغاثي والأهلي والمجتمع المدني، ووسائل الإعلام. ويأتي هذا المؤتمر في أعقاب العدوان الحربي الإسرائيلي الشامل على قطاع غزة، والذي خلف دماراً هائلاً حل بمنشآت البنية التحتية، والمرافق الخدماتية، وآلاف المساكن والمنشآت الصحية والاقتصادية والتعليمية، والشوارع والطرق الرئيسية.
الجلسة الافتتاحية
افتتح المؤتمر الأستاذ راجي الصوراني، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، مستعرضاً انعكاسات العدوان الحربي الأخير على الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، ومؤكداً أن الاحتلال تعمد استخدام القوة المفرطة في استهداف المدنيين وتدمير البنية التحتية والمنشآت المدنية لتعظيم معاناة المدنيين الفلسطينيين. وقال الصوراني أن الاحتلال الاسرائيلي حرص على تدهور الأوضاع الانسانية في القطاع، مستخدماً كل الطرق، كقصف المرافق التي تقدم الخدمات الأساسية للمواطنين، واستمرار الحصار الجائر على قطاع غزة المفروض منذ نحو 15 عاماً، الذي يحول دون الشروع في البدء بإعادة اعمار ما دمرته آلة الحرب الاسرائيلية. وأشار الصوراني إلى أن اسرائيل استهدفت في عدوانها النساء والأطفال بشكل لافت، كما حاولت اسكات الإعلام المحلي والدولي باستهدافها المتعمد وغير المسبوق للأبراج التي تحتوي على المؤسسات الصحفية، مؤكداً أن طواقم المركز تعمل على مدار الساعة على توثيق جرائم الاحتلال لاستخدامها في ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين.
وقائع الجلسة الأولى
تناولت الجلسة الأولى "تداعيات العدوان الحربي على الأوضاع الصحية والبنية التحتية"، وأدارها د. فضل المزيني، مدير وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في المركز.
وقدم د. يحيى السراج ، رئيس بلدية غزة، مداخلة تناول فيها تأثير العدوان الحربي على خدمات البلديات في قطاع غزة، وخاصة بلدية غزة. أكد السراج في مداخلته أن قوات الاحتلال الاسرائيلي ركزت خلال العدوان على استهداف معظم مرافق الخدمات البلدية، بما فيها الطرق والمفترقات الرئيسة، مما أعاق عمل طواقم الطوارئ الخاصة بالبلديات في تقديم الخدمات الاساسية للمواطنين. وأشار السراج إلى أن القصف المكثف أدى تدمير واسع في شبكات المياه، وهو ما أدى إلى صعوبات في توصيلها إلى منازل المواطنين. وقال السراج أن طواقم البلدية عملت على إصلاح ما يكمن اصلاحه بالشراكة مع الجهات ذات العلاقة في ظل ظروف خطرة للغاية، مؤكداً أن ما تم إصلاحه هو مؤقت، بينما تحتاج البلديات في غزة إلى تمويل عاجلٍ لإجراء اصلاحات جذرية لكافة الطرق والمنشآت الخدمية المتضررة في العدوان الاسرائيلي الأخير. وأشار السراج إلى أن بلديات قطاع غزة تعاني من الحصار المستمر الذي يمنع حدوث أي تطوير حقيقي للبنية التحتية، وقد فاقم العدوان من سوء أوضاع الخدمات البلدية المقدمة في ظل الإمكانيات المحدودة. وطالب السراج بعدم تسييس عملية إعمار قطاع غزة، والعمل الفوري على الشروع فيها، مؤكداً على ضرورة فتح جميع المعابر كخطوة أساسية نحو إعادة الإعمار.
د. مدحت عباس، المدير العام في وزارة الصحة، في مداخلته تداعيات العدوان الإسرائيلي على الأوضاع الصحية في قطاع غزة، موضحاً أن الاحتلال تعمد استهداف المنشآت المدنية، بما فيها المنشآت الصحية، حيث تضررت 24 مؤسسة صحية خلال العدوان الأخير. وأضاف عباس أن الاحتلال باستهدافه للشوارع والمفترقات الحيوية في مدينة غزة وشمالها، أعاق حركة سيارات الإسعاف، وأصبحت تستغرق وقتاً أطولا ً للوصول إلى مجمع الشفاء الطبي غرب غزة. وأكد عباس أن المنظومة الصحية في قطاع غزة تعاني من أزمات مركبة بسبب الحصار الإسرائيلي، أهمها النقص الحاد في الأدوية والمستهلكات والأجهزة الطبية. وأستنكر عباس إغلاق قوات الاحتلال للمعابر في العدوان الأخير، ومنع وصول الدواء اللازم، في ظل تدفق مئات الاصابات إلى المستشفيات في غزة. كما قدر عباس احتياج وزارة الصحة إلى 46 مليون دولار للقيام بمسؤولياتها، وتقديم الخدمات العلاجية للمواطنين. وأضاف عباس أن الاحتلال أعاق باستهداف المختبر المركزي فحوصات كوفيد-19، وهو ما هدد بزيادة أعداد المصابين بالفيروس المنتشر في القطاع قبل بدء العدوان، داعياً إلى تحييد المؤسسات الصحية من الاستهداف وتوفير الحماية اللازمة للأطقم الطبية خلال فترات الاعمال الحربية.
بدوره تطرق م. منذر شبلاق، مدير عام مصلحة بلديات الساحل، في كلمته إلى تأثير العدوان الحربي على مرافق المياه والصرف الصحي، مؤكداً أن قوات الاحتلال تعمدت إلحاق أضرار جسيمة بمحطات تحلية المياه ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي، رغم أن مصلحة بلديات الساحل قامت بعد عدوان 2014 بتمييز كافة المرافق الخدمية بما فيها محطات تحلية المياه، ومحطات الصرف الصحي، حيث تم وضع اشارات عليها لتجنب قصفها، وذلك بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وأشار شبلاق أن طواقم المصلحة تعاملت بشكل سريع وفوري، وسط أجواء خطرة، حتى تتمكن بلديات غزة من مواصلة تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، وذلك في ضوء خطط مسبقة أعدتها المصلحة للتعامل مع الظروف الطارئة. وأوضح شبلاق أنه تم التواصل مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر للتنسيق مع الاحتلال بغرض السماح للطواقم الفنية لإجراء اصلاحات ضرورية للمرافق الخدمية المستهدفة، غير أن الاحتلال رفض الطلب، مما تسبب في تسرب مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى المياه الجوفية. وقال شبلاق أن قطاع غزة ينتج 160 ألف لتر مكعب من مياه الصرف الصحي، وهو تحدٍ كبير لمحطات المعالجة في ظل الأضرار التي لحقت بها خلال العدوان الإسرائيلي الأخير.
م. هالة الزبدة، المديرة العام في سلطة الطاقة، حالة مصادر الطاقة وشبكات الكهرباء بعد استهدافها خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وقالت أن أزمة الكهرباء هي أزمة سابقة للعدوان، حيث كان يوجد عجز كبير في كمية الطاقة المتوفرة في القطاع، وقد جاء العدوان الأخير، ليفاقم الأمة، حيث تسبب في فقدان أكثر من نصف الطاقة المحدودة المتوفرة بعد تعطل 5 خطوط رئيسة تزود قطاع غزة بالكهرباء، توقف محطة توليد الكهرباء عن العمل، وبسبب الأضرار البالغة في شبكة الكهرباء، وقد زاد ذلك من معاناة المواطنين الذين يصلهم التيار الكهربائي نحو 4 ساعات يومياً. وأكدت الزبدة أن الفرق الفنية التابعة لشركة توزيع الكهرباء قامت بالإصلاحات الطارئة تحت القصف الاسرائيلي المباشر، حتى تتمكن قدر المستطاع من توفير الكهرباء للمرافق الخدماتية المهمة كالمستشفيات ومرافق المياه. وأشارت الزبدة إلى أن خسائر الشركة بلغت 13 مليون شيكل خلال العدوان الحربي الأخير على قطاع غزة.
وقائع الجلسة الثانية
تناولت الجلسة الثانية "تداعيات العدوان الحربي على المنشآت المدنية"، وأدارتها أ. ابتسام زقوت، مديرة وحدة البحث الميداني في المركز.
وقدم م. محمد عبود، مسؤول ملف إعادة الاعمار في وزارة الأشغال العامة والإسكان، مداخلة حول دور الوزارة في متابعة ملف المنازل المدمرة، مؤكداً أن الوزارة منذ اليوم الأول للعدوان باشرت بأعمال إزالة الركام بمساعدة أطقم الدفاع المدني، التي كانت تنتشل الضحايا من تحت أنقاض منازلهم. كما قامت آليات الوزارة بأعمال إعادة فتح الطرق التي تعرضت للقصف بالتعاون مع البلديات ولجنة الطوارئ. وبعد انتهاء العدوان باشرت طواقم الوزارة المختصة في حصر الأضرار ميدانياً وبشكل أولي، ليتم صرف مبالغ اغاثية عاجلة لصالح 500 أسرة تضررت منازلها بفعل القصف الإسرائيلي، وتحاول الوزارة رفع العدد ليصل إلى 3000 أسرة متضررة. وأشار عبود إلى التحديات الكبيرة التي تواجهها الوزارة في عملية اعادة الإعمار، وأهمها توفر المال اللازم لذلك، حيث قدر احتياج الوزارة لنحو 350 مليون دولار، من ضمنها 200 مليون دولار لإعمار الدمار الذي سببته الأعمال الحربية السابقة، و150 مليون خسائر لإعمار الدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي الأخير. وأكد عبود أن الوزارة اتفقت مع بعض الجهات الدولية لتوفير مبلغ 2000 دولار لكل أسرة فقدت مسكنها، إلى حين توفير مبالغ أُخرى والشروع في إعادة إعمار المساكن المدمرة.
وتناول م. عبد الفتاح أبو موسى، المتحدث باسم وزارة الاقتصاد، تأثير تدمير المنشآت الاقتصادية خلال العدوان الاسرائيلي على الأوضاع الاقتصادية المتدهورة أصلاً بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 15 عاماً، الذي قوض اقتصاد القطاع، وبسبب اجراءات الطوارئ التي فرضتها جائحة كورونا على المجتمع المحلي، وتسبب في إغلاق أو تقليص العمل في مئات المنشآت الاقتصادية، وتضرر الآلاف من العاملين فيها. واستنكر أبو موسى الاستهداف المتعمد لمئات المنشآت الاقتصادية خلال العدوان الحربي، مضيفاً أن الوزارة أطلقت بعد انتهاء العدوان مباشرة ًصحفة لتسجيل الأضرار إلكترونياً لتسهيل حصر الأضرار، والتخفيف عن المواطنين في الحضور إلى مقرات الوزارة في المحافظات للإبلاغ عن أضرارهم. وقد تم تسجيل تدمير أو تضرر 1500 منشأة اقتصادية، وجاري العمل أيضاً على تسجيل العاملين في هذه المنشآت، وذلك بالتعاون مع وزارة العمل. وبحسب أبو موسى فقد انصبت جهود الوزارة خلال أيام العدوان على الحفاظ على المخزون السلعي وحماية المواطنين من الاستغلال واحتكار السلع الاساسية. وأدان أبو موسى استمرار قوات الاحتلال في إغلاق معابر قطاع غزة، ومنع توريد المواد الخام اللازمة لمصانع قطاع غزة، والمواد الأساسية، بما فيها المحروقات المخصصة لمحطة توليد الكهرباء، الأمر الذي يؤثر سلباً على كافة مناحي الحياة في قطاع غزة، وخاصة المنشآت الصناعية والتجارية والخدماتية.
وفي كلمته أكد د. رشيد أبو جحجوح، مدير عام التخطيط بوزارة التربية والتعليم، أن العدوان الإسرائيلي ألحق أضراراً بعدد كبير من المنشآت التي تتبع وزارة التربية والتعليم، حيث بلغ إجمالي عدد المباني المتضررة جراء هذا العدوان 299 مبنى إداري و422 مدرسة تراوحت أضرارها بين الجزئي والكلي. وأشار أبو جحجوح إلى أن هذه الأضرار الكبيرة دفعت الوزارة إلى إنهاء العام الدراسي الحالي، كنتيجة لعدم القدرة على إصلاح ما تم تدميره بشكل عاجل لضمان استمرار العملية التعليمية، مضيفاً أن المدارس المتضررة يلتحق فيها نحو 286 ألف طالب، وقرابة 14 ألف موظف ما بين معلم ومستخدم. وأعرب أبو جحجوح عن خشيته من عدم القدرة على ترميم المدارس التي تعرضت للأضرار قبل بداية العام الدراسي القادم، وهو ما سيؤدي حتماً إلى تفاقم ظاهرة الكثافة الصفية، الأمر الذي يمنع استمرار العملية التعليمية في ظل استمرار جائحة كورونا وتفشيها داخل قطاع غزة.
بدوره قدم أ. لؤي المدهون، مفوض وزارة التنمية الاجتماعية مداخلة تناول فيها جهود وزارة التنمية الاجتماعية خلال فترة العدوان الاسرائيلي على غزة، مؤكداً أن فرق الوزارة قامت بتوزيع الطرود الغذائية على المواطنين النازحين من جراء الأعمال الحربية، كما قدمت مبالغ مالية للذين فقدوا منازلهم، وذلك بالتعاون مع اللجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة. وأضاف المدهون أن مبنى الوزارة ومخازنها تعرضوا للقصف المباشر من قبل الطيران الحربي الإسرائيلي، وتسبب ذلك في خسائر مادية تم تقديرها بـ 150مليون دولار، وهو ما دفع الوزارة إلى توجيه نداء استغاثة عاجل للجهات الدولية الشريكة والممولة، تم على أثرها توفير مبلغ 15 مليون دولار، سيتم صرفها كمساعدات طارئة وعاجلة للمواطنين المتضررين. وأضاف المدهون أن العدوان الاسرائيلي جاء في الوقت الذي تعاني منه آلاف الأسر في قطاع غزة من الفقر المدقع، مما فاقم من سوء أوضاعهم الاقتصادية، وبالتالي زاد من الأعباء الملقاة على عاتق وزارة التنمية الاجتماعية. وبحسب المدهون فإن وزارة التنمية الاجتماعية أطلقت برنامجاً للدعم النفسي والاجتماعي يشارك فيه 400 ناشط محلي لعلاج آثار العدوان على الأسر المتضررة بشكل مباشر.
التوصيات
في اختتام المؤتمر، فُتح نقاش موسع، وقدم المشاركون التوصيات التالية:
- ضرورة توفير الحماية الدولية للمدنيين من الأعمال العدوانية الإسرائيلية، وتوفير الحماية لمرافق الخدمات الأساسية ومنشآت البنية التحتية من الاستهداف المتعمد، والذي يفاقم من تردي الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.
- التحقيق الجاد في الجرائم التي اقترفتها القوات الإسرائيلية المحتلة بحق المدنيين الفلسطينيين، بمن فيهم أفراد الطواقم الطبية والدفاع المدني، ومحاسبة مجرمي الحرب الذين استخدموا القوة المفرطة والأسلحة المحظورة، وفقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، وملاحقة مقترفي تلك الجرائم، وتقديمهم للمحاكم الدولية.
- تعويض وجبر ضرر المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة عما لحق بهم من خسائر فادحة خلال العدوان الحربي على قطاع غزة، مع الأخذ بعين الاعتبار تعويض من تضرروا خلال الاعمال العدوانية السابقة، ولم يتم تعويضهم حتى الآن، وخاصة متضرري عدوان 2014.
- توفير برامج اغاثية عاجلة لمساعدة المواطنين المتضررين الذين دمرت مساكنهم، أصبحوا بلا مأوى، وأولئك الذين فقدوا منشآتهم الاقتصادية ومشاريعهم التجارية وباتوا بلا مصدر دخل، يؤمن لهم احتياجاتهم الأساسية.
- على الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، القيام بخطوات عملية، وفقاً لالتزاماتها القانونية، من أجل إجبار السلطات الإسرائيلية المحتلة على رفع كافة أشكال الحصار الجائر، وفتح كافة المعابر، والسماح بتوريد كافة أنواع مواد البناء، وذلك لتسريع الشروع بعملية إعادة إعمار آلاف المساكن التي دمرت خلال العدوان الإسرائيلي، وآلاف المنشآت المدنية الأُخرى.
- على الدول المانحة تقديم الدعم العاجل حتى يمكن الشروع بإعادة إعمار قطاع غزة، حيث يساهم تأخر وصول تلك الأموال إلى المتضررين، في تأخير عملية إعادة الإعمار، ويزيد من تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.