جمعية المرأة العاملة تطلق "حملة صدى" لوقف العنف المبني على النوع الاجتماعي
أطلقت جمعية المرأة العاملة الفلسطينية، اليوم الخميس 3 يونيو 2021، حملة جديدة لمناصرة النساء ووقف جميع أشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي، تحت شعار "لا تسامح مع العنف ضد النساء والفتيات-حملة صدى".
فيما يلي نص البيان كما وصل "سوا":
3 حزيران2021، رام الله ، فلسطين
أطلقت اليوم جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، حملة جديدة للضغط والمناصرة للضغط والمناصرة نحو حماية اجتماعية وقانونية للنساء والفتيات، ووقف جميع أشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي والتي تأتي تحت شعار "لا تسامح مع العنف ضد النساء والفتيات-حملة صدى".
وفي هذا السياق أشارت الجمعية في بيان لها، اليوم الثلاثاء، بأن "العنف ضد النساء والفتيات في فلسطين هو أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارا واستمرارا. ولكن لا يزال معظمه غير مبلغ عنه بسبب انعدام العقاب والصمت والإحساس بالفضيحة ووصمة العار المحيطة به."
أشار البيان أن الاحتلال الصهيوني هو السبب الأول والرئيسي لمأسسة العنف القائم على النوع الاجتماعي من خلال انتهاكاته الممنهجة والمتزايدة لحقوق المواطنيين الفلسطينيين لا سيما النساء، بما يتعارض مع المواثيق الدولية التي تلزمه كمحتل في توفير الحماية لهن، مهدداً بذلك نواحي الحياة الاقتصادية والإجتماعية والسياسية والسيكولوجية وغيرها. إلاّ أن العنف القائم على النوع الاجتماعي يرتبط أيضاً في فلسطين بالبنية الأبوية للمجتمع وبالخلل بموازين علاقات القوة على اساس النوع الاجتماعي؛ حيث يشكل إنعدام الأمن والحماية في المواد التمييزية بحق النساء في القوانين السارية الضفة الغربية وقطاع غزة ، أو عدم تطبيق سيادة القانون، والتي مضى على إصدارها ما يزيد عن نصف قرن من الزمن، اساساً في استمرار العنف، وايضا في اعادة انتاجه عبر ادوات تشكل الوعي الجمعي والفردي حتى اللحظة الراهنة، كنصوص ومضامين وفلسفة تتحكم بديناميكية وهندسة العلاقات الأسرية وبتلك التي تربط النساء بعائلاتهن ومجتمعاتهن. إن الخطاب الاجتماعي الذي ينظر للمرأة بدونية من شأنه أيضاً أن يعزز التمييز ويعيد إنتاج ثقافة العنف ضد النساء والفتيات. تتعدد أوجه العنف الممنهج ضد النساء والفتيات ليشمل العنف النفسي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والجنسي والعاطفي والجسدي- ليصل في كثير من الأحيان إلى جرائم القتل، لا سيما على خلفية ما يسمى "شرف العائلة".
وبالرغم من استمرار وتزايد حالات القتل، إلاً أنَ المجتمع الفلسطيني لا يزال يفتقر إلى رادع اجتماعي ينبذ العنف ولا يبرره بأي شكل. كما ويبقى الرد الرسمي تجاه هذه الجرائم البشعة يهيم في حيزٍ رماديٍ فوضويٍ يفتقر إلى أدنى مؤشرات وجود إرادة سياسية حقيقية لسن القوانين والتشريعات لحماية النساء والفتيات، كقوانين حماية الأسرة من العنف، والأحوال الشخصية وقانون العقوبات.
كما أشار البيان الى ان هذا العنف المركب المتعدد المستويات والأشكال، ياتي بعد تفشي جائحة كورونا وكنتيجة لحالة الطوارئ التي أعلنتها الحكومة الفلسطينيّة بتاريخ 5 آذار 2020، وفرض حالة الحجر البيتي ومنع التّنقل بين المحافظات ووجود الحواجز العسكرية الإسرائيلية، وتعليق العمل في المحاكم، وتعميق التنمر والتنميط في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي ظل اقصاء النساء من المشاركة في صنع القرار في كافة المستويات بما فيها عضوية لجان الطوارئ المركزية والمحلية، ومن المشاركة في الاعلام الرسمي وغير الرسمي، إضافة الى تواجد العائلات في مساحة جغرافّية ضيقة ومحددة في ظل انعكاسات الجائحة على الحياة الاقتصادية التي اتسمت بالهشاشة وبإدخال قطاعات واسعة لا سيما النساء الى دوائر الفقر، وتحت وطأة الاعمال المنزلية التي تقوم بها النساء. كافة هذه العوامل تتفاعل معا مرسخة منظومة العنف ضد المراة.
وصل عدد الاصابات بعدوى كوفيد-19 في جميع انحاء فلسطين حتى تاريخ اطلاق هذا البيان 336,889 إصابة 3763 حالة وفاة وفقاً لتقارير وزارة الصحة الفلسطينية . أما على الصعيد الاقتصادي، شهد العام 2020 تراجعاً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 12% مقارنه مع عام 2019، فمع بداية التأثر بجائحة كورونا والتي القت بظلالها خلال الربع الاول من عام 2020، شهد الاقتصاد الفلسطيني تراجعاً نسبته 4% مقارنة مع الربع المناظر 2019، ليزداد التراجع في ظل تعمق الجائحة، والتي على أثرها فرضت مجموعة من الإجراءات ضمن حالة الطوارئ، حيث شهدت فلسطين إغلاقا جزئياً وشاملا على فترات متقطعة وذلك للحد من تفشي هذا الوباء، تركز هذا الإغلاق خلال الربع الثاني من عام 2020، حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً حاداً بحوالي 20% مقارنة مع مع نفس الربع من العام السابق، حسب تقارير الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني.
فاقمت هذه الأزمة من العنف القائم على النوع الاجتماعي بجميع أشكاله بما في ذلك العنف الجنسي والعنف الأسري وتزويج القاصرات. وتشير دراسة استطلاعية للإئتلاف النسوي الأهلي لتطبيق اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (30-6-2020)، الى أن العنف النفسي كان الأعلى، حيث افصح ما نسبته 55 % من النساء أنهن تعرضن له، ويليه العنف الاقتصادي بنسبه 54%. ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى تدهور الحالة الاقتصادية، خاصة في القطاع الخاص الذي تعاني النساء فيه من تمييز كبير اصلا، وتوقف الحركة المالية والشرائية لكثير من القطاعات الاقتصادي، ويلي ذلك العنف الاجتماعي بنسبة 27%. ونتيجة لذلك، اضطرت النساء للتوقف عن العمل وخاصة خلال فترة الحجر المنزلي ولم يستطعن التواصل مع اقاربهن وعائلاتهن وأولادهن خلال فترة الحجر. حيث بلغت نسبة النساء اللواتي لجأن الى اسرهن لطلب الحماية في فترة الجائحة 47%.
وأشارت ذات الدراسة الاستطلاعية، ان 24 % من النساء تعرضن إلى العنف اللفظي بدرجة كبيرة، فيما عانت 15 % من النساء من العنف الجسدي بدرجة كبيرة، وعلى الرغم من أنها تشكل النسبة الأقل، إلا أنها النسبة الأخطر في ظل استغلال الرجال المعنفين إغلاق المحاكم، وقلة الحركة، وصعوبة الوصول إلى مراكز التبليغ. وتعرضت 11% من النساء الى تحرش جنسي و35% تعرضن الى التنمر، و21% الى ابتزاز واستغلال و7% تعرضن الى ابتزاز الكتروني.
وأوضحت الأستاذة أمال خريشة، المديرة العامة للجمعية، أنه بالرغم من كل اشكال العنف الممارس على النساء والفتيات في فلسطين، إلا أنه يتم تعزيز ثقافة الصمت على هذا العنف بسبب النظام القانوني غير الداعم الذي لا يجرم العنف الأسري، حيث لا تجرم قوانين العقوبات السارية المعمول بها في فلسطين أعمال العنف الأسري التي تنبع من الاعتقاد التقليدي بأنه ينبغي معالجة القضايا العائلية داخل نطاق الأسرة. هذا بالضروة يؤشر على عدم وجود وعي مجتمعي يجرم العنف بكافة أشكاله، كما أنه دليل على غياب العدالة ومنظومة القوانين التي تحمي النساء وفي مقدمتها قانون حماية الأسرة من العنف. توفر مسودة قانون حماية الأسرة تدابيرا لمنع ومكافحة العنف فضلاً عن الحماية الواجبة والتعويض وتمكين الناجيات من العنف مع محاسبة الجناة. وسيكون إقرار مشروع قانون حماية الأسرة من المعالم الأساسية في مسيرة مناهضة العنف ضد النساء والفتيات في فلسطين. كما أن النجاح الحقيقي لن يتحقق إلا من خلال التنفيذ السليم وتطبيق الالتزامات المدرجة في مشروع القانون من خلال سياسات وخدمات وممارسات مستجيبة لأمن النساء.
وعليه، وانسجاماً مع جهود جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية وكافة اطراف الحركة النسوية في الاعوام السابقة فيما يتعلق بحق النساء والفتيات بالعيش بصحة وأمن وامان، تواصل الجمعية جهودها الى جانب المؤسسات والائتلافات الحقوقية والنسوية ضمن حملة صدى بالضغط والمناصرة نحو حماية اجتماعية وقانونية للنساء والفتيات. تعتبر هذه الحملة-حملة صدى الحالية هي استمرار واستكمال لحملة الــــ 16 يوم لمناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي، والتي أطلقتها الجمعية في شهر تشرين ثان الماضي ومطلبها الاساسي هو: اقرار قانون حماية الاسرة من العنف، تهدف الحملة إلى: ضمان حق النساء في الحماية الاجتماعية والقانونية ووقف جميع أشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي، والضغط على صناع القرار لتحديد التزام واضح وذو سقف زمني محدد يتعلق بإقرار مسودة قانون حماية الأسرة من العنف.
تأتي هذه الحملة ضمن مشروع "تعزيز المساواة بين الجنسين وحماية المرأة الفلسطينية المستضعفة في جنوب الضفة الغربية" الذي تنفذه جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية بتمويل من قبل حكومة فالنسيا وبالتعاون مع مؤسسة حركة من اجل السلام. تتضمن الحملة العديد من الفعاليات التوعوية والتثقيفية من بينها نشر أفلام انيمشن قصيرة وبوسترات ومنشورات على السوشيال ميديا ولوحات اعلانية في الشوارع، والتي تتضمن رسائل توعية ومناصرة لشريحة واسعة من الجمهور والمناصرين. ستشمل الحملة أيضًا جلسات نقاش وحوارات اذاعية بمشاركة العديد من الناشطات/ـيين والمؤثرات/ـيين على الاذاعات المحلية، وسبوتات قصيرة لعرضها على التلفزيونات التفاعلية.