خاص: في غزة . . عين الحقيقة في مرمى الاستهداف المباشر

صحافيون في غزة خلال العدوان الأخير

خلال أحد عشر يومًا من العدوان المتواصل على قطاع غزة ، الذي لم يسلم منه بشرًا، ولا حجرًا ولا شجرًا، قامت طائرات الاحتلال الإسرائيلي بتدميرِ سبعةٍ من الأبراج السكنية، والتي تضم بداخلها عددًا كبيرًا من المكاتب والمقرات الإعلامية المختلفة، بهدف اغتيال صوت الحقيقية، وتدمير الكلمة، وتشويش الصورة، وذلك تحت حُججٍ واهية لا يمكن لعقلٍ بشري تصديقها.

لم يقف المشهد عند تدمير المقرات فقط، بل تمادى الاحتلال في جرائمه وصولًا إلى ملاحقة الصحفيين داخل بيوتهم، حيث قام باغتيال الصحفي في إذاعة الأقصى يوسف أبو حسين لحظة عودته إلى منزله فجر الأربعاء 19 مايو/أيار الجاري، بينما نجا مصور وكالة الأناضول التركية محمد العالول من الموت، بعد أن سقط صاروخ إسرائيلي قرب سيارة وكالته التي كانت تحمل شارة الصحافة، والتي استقلها مع ثلاثةٍ من زملائه خلال تغطيتهم قصف قرية أم النصر شمال القطاع.

وبهذه التجاوزات يَضرب الاحتلال الإسرائيلي عرض الحائط كافة القوانين الدولية التي تكفل الحق الكامل في الحماية لكافة الصحفيين في أماكن عملهم وتواجدهم، في رسالةٍ واضحة مفادها، أنَّ ثَمنَ خيارك لأن تكون صحفيًا سيضعك في دائرة الاستهداف المباشر أينما كنت وحيث كنت وفي الوقت الذي نريد.

وردًا على ما سبق ، نظّمت نقابة الصحفيين الفلسطينيين في غزة وقفةً تضامنية بمشاركة كافة المؤسسات الإعلامية التي تعرضت مكاتبها إلى الاستهداف خلال العدوان الأخير على قطاع غزة.

وطالب الصحفيون المشاركون، والذين قد تضررت مكاتبهم ومقراتهم بشكلٍ كامل أو جزئي محاسبة الاحتلال على جرائمه، معتبرين أنّ ما قام به عبارة عن جريمة حرب وفق القوانين والأعراف الدولية.

أحمد البطة، الصحفي في وكالة سبق 24، والذي دُمِّر مقرها خلال قصف برج الجوهرة، في شارع الجلاء، يقول: "كنا قد تجهزنا وأعددنا خطة للإخلاء منذ بداية العدوان لأننا نعرف أن عين الحقيقة تُحرج الاحتلال وتؤلمه كما الصاروخ، وقصف الوكالة لم يزيدنا إلا إصرارًا على مواصلة التغطيات".

وأضاف في حديثه لسوا: "استطعنا ومن خلال كافة الإمكانيات المتاحة لدينا أن ننقل الصورة الصحيحة للعدوان، ووثقنا جرائم المحتل بحقنا كصحفيين وبحق أيضًا المواطنين العزّل الجالسين في منازلهم".

وأكد البطة باسمه وباسم كافة الصحفيين الذي تضرروا خلال العدوان أنهم سيبقون البندقية التي تحارب الاحتلال وتلاحقه من خلال أدواتهم المتاحة على شكلِ القلم والكاميرا والصوت والصورة".

إخفاء الحقيقة

كما وأعرب الصحفي والناشط الشبابي حمزة الشوبكي عن استيائه من تلك الاعتداءات المتكررة ووصفها، قائلًا: "هي سعي حقيقي وبشكل قبيح من الاحتلال لإخفاء الحقيقة، من باب أنَّ العدو هو عدو الكاميرا والقلم والصوت، التي يحاول الصحفي من خلالها نقل الوجه الحقيقي والإجرامي للاحتلال، أما استهدافهم للزميل الصحفي يوسف أبو حسين فهي محاولة قمع لكل شخص يستطيع بصوته أن يوصل الصورة الإجرامية للمجتمع والعالم".

ولفت الشوبكي خلال حديثه لسوا، إلى أنه من الممكن أن تكون تلك الانتهاكات مؤشرًا خطيرًا يتبعه الاحتلال لكي يستطيع أن يستفرد داخل غزة بجرائمه بعيدًا عن أعين الكاميرات وأصوات الصحفيين التي تنقلها للرأي العام العالمي.

بينما علّقت الصحفية هداية حسنين، على تدمير مقر فلسطينيات والذي يضم شبكة نوى لسوا: "أعتقد أنَّ الاحتلال الإسرائيلي يُمعن في استهداف الحقيقة، وكون الصحفي يمثل بالنسبة إليهم صيدًا ثمينًا، لأنه يقل الحقيقة والواقع إلى العالم، ومن هنا كانت حملة استهداف المكاتب الصحفية، استهداف المؤسسات يأتي في خضم الحرب الإعلامية التي يخوضها المحتل، وشبكة ومؤسسات فلسطينيات كغيرها من المؤسسات التي تعرضت للقصف، ولكن نؤكد أنهم لن يقفوا أمام الحقيقة، طالما الصحفي علم أنه هو عنصر مهم في المجتمع الفلسطيني ولن يستطيع أحد أن يُسكت صوته بما فيهم الاحتلال".

ضربات تزيد قوة

"هذه الضربات تزيدنا قوة لمواصلة المشوار ولن نتوقف عن توثيق الجرائم ونقل الحقيقة وسنعود بشكلٍ أقوى"، هكذا كان ردُّ الصحفي معتصم مرتجى لحظة استقباله خبر استهداف مقر مكتبهم ريكورد ميديا، الكائن في عمارة الوليد وتسويته بالأرض كاملًا، بعد أن كان بمثابة حلمٍ لهم.

يُذكر أن نقابة الصحفيين الفلسطينيين، يوم الجمعة الموافق 21 مايو أيار، أي منذ إعلان وقف إطلاق النار وتعليق العدوان، وثّقت تدمير طائرات الاحتلال أكثر من 33 مؤسسة إعلامية خلال أيام القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.

وشددت النقابة على تحميل سلطات الاحتلال وقادته كامل المسؤولية عن جرائمه المستمرة، وجددت تأكيدها تكثيف جهودها ومساعيها لملاحقة قادة الاحتلال على جرائمهم بحق الصحفيين، وبخاصة قتلهم المتعمد والموثق لهم.

تقرير: شيماء عيد

المصدر : وكالة سوا

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد