تشهد الأوضاع الفلسطينية الداخلية حالة من الارباك والتي تكشفت مؤخرا علي خلفية قرار تأجيل الانتخابات وذلك من خلال التعبئة والتحشيد الإعلامي والشعبي المتبادل بين فريق المؤيدين للقرار والمعارضين له بما يذكر بالعودة للمرحلة الأولي من مراحل الانقسام وبما يشمل مسألة استخدام لغة التخوين والتكفير التي اعتقدنا أن شعبنا وقواه السياسية قد تجاوزته بعد أن توقع الجميع أن يتم طي صفحة الانقسام وذلك عبر مسار الانتخابات.

تكمن المشكلة بعدم أحداث التراكم المطلوب للاستمرار في تحقيق الهدف.

لقد قررت القيادة الفلسطينية في ١٩/٥/٢٠٢٠التحلل من الاتفاقات مع دولة الاحتلال بما في ذلك التنسيق الأمني تنفيذا لقرارات المجلسين الوطني والمركزي وكذلك مع الإدارة الأمريكية التي كان يرأسها الرئيس ترامب.

لقد أكد علي ذات القرارات اجتماع الأمناء العامين للفصائل والذي عقد ببن كل من رام الله وبيروت بتاريخ ٣/٩/٢٠٢٠علما بأن مخرجات الاجتماع كانت تشمل عدة قضايا من بينها تشكيل هيئة للمقاومة الشعبية.

كانت معظم الفصائل والمثقفين ودوائر البحث تشير بطريقة أو بأخرى الي ضرورة القيام بخطوات متدرجة تعمل علي ترتيب البيت الداخلي من ضمنها تشكيل حكومة وحدة وطنية تعالج تداعيات الانقسام والاتفاق علي برنامج سياسي يعمل علي إفشال صفقة القرن وخطة الضم ومسار التطبيع ويساهم في تعزيز الصمود الوطني وتشكيل هيئة للمقاومة الشعبية ثم بعد ذلك يتم التوجه للانتخابات العامة علما بأن البعض وخاصة من نخبة المثقفين لم يكن يحبذ خيار الانتخابات مذكرا بتجربة عام ٢٠٠٦والتي أفرزت حالة من الاحتقان ثم الانقسام ومشددا علي خيار التوافق الديمقراطي بما اننا مازلنا نعيش بمرحلة تحرر وطني وبان اية انتخابات للمجلس التشريعي تعني إعادة إنتاج وتجديد سلطة الحكم الذاتي واتفاق أوسلو بدلا من العمل علي تجاوزه بالاستناد الي قرارات المجلسين الوطني والمركزي وعبر استثمار عضوية دولة فلسطين المراقبة بالأمم المتحدة في عام ٢٠١٢ وفق القرار ١٩/٦٧ اي عبر العمل علي إجراء الانتخابات لبرلمان دولة فلسطين تحت الاحتلال ومطالبة العالم بإنهاء الاحتلال لضمان السيادة الوطنية الفلسطينية علي الأراضي المحتلة عام ١٩٦٧.

الغريب بالأمر انه تم تجاوز كل ما سبق من مواقف و خطوات ضرورية وذلك عبر التوجه الجماعي لمسار الانتخابات وذلك بعد اتفاق ممثلي الحركتين الكبيرين فتح و حماس بإسطنبول وأصبح هذا المسار يروج له بوصفة العصا السحرية للخروج من الأزمة عبر إنهاء الانقسام وتوحيد المؤسسات الي جانب البعد الديمقراطي الرامي لتجديد الدماء في مبني النظام السياسي.

ورغم عقد العديد من اللقاءات الثنائية والجماعية فلم يتم تحديد قاعدة للانتخابات فهل ستتم وفق اتفاق أوسلو وبالتالي سيتم إعادة إنتاجه من جديد ام علي ارضية جديدة عبر انتخاب برلمان لدولة فلسطين ام علي قاعدة تحررية وذلك عبر انتخاب مجلس وطني يبدأ بالأراضي المحتلة ويستكمل انتخابا حيثما امكن او بالتوافق بالشتات .

يكن هناك نقاش عميق بما يتعلق بوظيفة الانتخابات ودورها في سياق نضال شعبنا التحرري للانعتاق من الاحتلال الي جانب وظيفتها الديمقراطية عبر المشاركة وتدوير النخب واعطاء المجال للأجيال الجديدة واستعادة الحيوية في مؤسسات وهياكل النظام السياسي.

تكمن حالة الارباك باتخاذ الموقف وتحديد المسار ثم التراجع عنة حيث تم التراجع عن قرار التحلل من الاتفاقات عبر العودة للتنسيق الأمني في ١٧/١١/٢٠٢٠.

و تكمن كذلك برفض الفكرة او عدم تفضيلها كمخرج للازمة وهي بهذه الحالة الانتخابات ثم التماهي معها دون البحث عن قاعدتها ووظيفتها .

تفاعلت معظم القوي والنخب والشخصيات المستقلة ومنظمات المجتمع المدني مع مسألة الانتخابات فجأة ومرة واحدة وأخذ النقاش الطابع الفني أكثر من مضمونة السياسي.

صحيح بأن قرار تأجيل الانتخابات شكل حالة من خيبة الأمل لدي قطاع واسع بالمجتمع ولكن الصحيح كذلك يكمن في القصور عن تناول المنظور السياسي للانتخابات.

كان من الهام الاستمرارية بالانتخابات وخوض معركة ديمقراطية ب القدس لكشف زيف الاحتلال عن ما يدعيه من ديمقراطية وكان بالإمكان استثمار الزخم الشعبي الذي تم بهبة باب العمود لانتزاع حق المقدسيين بالانتخابات وعدم إعطاء دولة الاحتلال حق الفيتو عبر انتظار موافقتها علي إجرائها بالقدس تحت مبرر تأكيدهم للسلطة تمسكهم بالاتفاقات معها تلك الاتفاقات التي يفترض انه تم التحلل منها في ١٩/٥/٢٠٢٠.

تكمن الخطورة بتحويل الانتخابات من معركة في مواجهة الاحتلال الي معركة داخلية فلسطينية تعمق حالة الانقسام والتشرذم بالنسيج الوطني الفلسطيني .

لقد بات مطلوبا العمل علي ترتيب اولويات شعبنا والتي تكمن بإنهاء الاحتلال ونظام الابارتهاييد والاضطهاد كما وصفة تقرير هيومن رايتس وتش وهذا يتطلب إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية وإعادة بناء وتطوير المؤسسات التمثيلية الفلسطينية علي قاعدة ديمقراطية وتشاركية .

وعلية فمن الضروري أعمال النقاش الجاد باتجاه مهمة الانتخابات التي من الأفضل أن تكون للمجلس الوطني وذلك بهدف كسر معادلة الاحتلال الذي لا يريد أن يخرج السلطة من مربع اتفاق أوسلو حيث الانتخابات للمجلس التشريعي والتي ترمي الي إعادة تجديد سلطة الحكم الذاتي .

أن التحضير لانتخابات المجلس الوطني سيساهم باستنهاض المؤسسة الجمعية التمثيلية لكل مكونات شعبنا في كافة أماكن تواجده وذلك خارج المعادلات التي يحاول الاحتلال فرضها علي شعبنا وعبر العمل علي كسرها وتجاوزها.

من الهام الاستمرار بتحقيق الهدف وعدم التراجع عنة خاصة اذا أدركنا أن دولة الاحتلال تتجه نحو اليمين المتطرف وأنها ترفض منح شعبنا لحقة في تقرير المصير كما هو واضح في قانون القومية العنصري وبان تغير موازين القوي علي الارض هو وحدة الذي يستطيع تحقيق أهداف شعبنا ومن الهام كذلك التعامل مع الانتخابات عبر وضعها في سياق وظيفتها التحررية الوطنية الي جانب بعدها الديمقراطي.

المصدر : وكالة سوا

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد