بيان للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بشأن تأجيل الانتخابات الفلسطينية
أصدر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، اليوم الجمعة، بيانا له بشأن قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس تأجيل الانتخابات الفلسطينية.
وفيما يلي نص البيان كما وصل "سوا":
تأجيل الانتخابات العامة
المركز يتفهم القرار ويحمل إسرائيل المسؤولية
أعلن الرئيس الفلسطيني ليلة أمس، الموافق 29 ابريل 2021، عن تأجيل الانتخابات الفلسطينية إلى أن توافق سلطات الاحتلال الإسرائيلي على عقدها في مدينة القدس الشرقية، أسوة بباقي المحافظات الفلسطينية.
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يتفهم تماماً قرار التأجيل ويحمل سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عنه. ويؤكد المركز أن تمكين المقدسيين من ممارسة حقهم في الانتخابات العامة، يما يشمل حقهم في ممارسة الدعاية الانتخابية والترشح والتصويت، محور أساسي في تمكين الفلسطينيين من حقهم في تقرير المصير وحقهم في اختيار ممثليهم، لا يمكن تجاوزه أو التنكر له. ويعتبر المركز أن اللحظة الحالية هي لحظة مفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية، تكشف عن النوايا الحقيقة للاحتلال الإسرائيلي من جهة، ومن جهة أخرى تبين مدى مصداقية المجتمع الدولي في دعم حل الدولتين وحق الفلسطينيين في تقرير المصير.
وعقب المحامي راجي الصوراني، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، على قرار التأجيل بقوله:
"مع الوعي التام لأهمية العملية الانتخابية الفلسطينية كنوع من الممارسة الديمقراطية وضمان دوريتها بعد تعطلها لأربعة عشر عاماً، وأهميتها في انهاء عار الانقسام السياسي الفلسطيني، وأهميتها لتجديد الشرعية السياسية الفلسطينية، إلا أن ذلك كله لا يقايض بالقدس والتنازل عنها وعن حقوقنا غير القابلة للتصرف كما نص عليها القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. إن هذا الموقف الإسرائيلي هو أوضح برهان على أن إسرائيل هي دولة أبارتهايد بامتياز، تمارسه بوعي وإصرار ضد الفلسطينيين."
وكان الرئيس الفلسطيني قد أصدر بتاريخ 15 يناير 2021 مرسوماً رئاسياً بعقد الانتخابات التشريعية والرئاسية وانتخابات المجلس الوطني بشكل متتابع، بعد أن تلقى وعداً أوروبياً بإلزام إسرائيل بالسماح بالانتخابات في القدس. وبعثت القيادة الفلسطينية "برسالة إلى الجانب الإسرائيلي تؤكد فيها أنها ستُجري الانتخابات في القدس والضفة والقطاع، وفق البروتوكولات المتفق عليها وكما تمت في الانتخابات الماضية، والتي تتلخص بالنسبة للقدس بعملية اقتراع في ستة مراكز بريد في مدينة القدس الشرقية تتسع لحوالي 6300 شخص. وهذا هو الأمر الذي يحتاج إلى موافقة إسرائيلية حيث أن مراكز البريد تحت سيطرة الجانب الإسرائيلي. وأن بقية الناخبين المقدسيين المؤهلين للاقتراع وعددهم حوالي 150,000 فمن المفترض أن يصوتوا في ضواحي القدس ولا يحتاج هذا الأمر إلى موافقة إسرائيلية،" وفق ما ورد في بيان لجنة الانتخابات المركزية بتاريخ 18 ابريل 2021.
وعملت لجنة الانتخابات على تطبيق المرسوم بشكل متزن وقانوني واحترافي، ونفذت مرحلتي التسجيل والترشح، بشكل هادئ وفعال. وتعدت نسبة التسجيل 90%، مما يكشف عن توق فلسطيني لممارسة العملية الديمقراطية. كما مارس الجميع حقهم في الترشح على قدم المساواة، بمن فيهم المواطنون في مدينة القدس والتي ساهمت بـ 60 مرشحاً، في أجواء اتسمت بالحرية وبشكل يعكس المستوى الحضاري للشعب الفلسطيني، حيث ترشحت 36 قائمة للانتخابات جلها من المستقلين.
وعملت منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني بكل مثابرة على دعم الانتخابات والرقابة على كافة مراحلها. كما نظرت محكمة قضايا الانتخابات في العديد من الطعون الجادة وقررت بشأنها.
وكانت لجنة الانتخابات على وشك أن تشرع اليوم الجمعة في المرحلة الثالثة، المتمثلة في نشر القوائم النهائية وبدء الدعاية الانتخابية، وهي المرحلة التي تسبق مرحلة الاقتراع في 22 مايو 2021. وفي خضم ذلك، أعلن الرئيس الفلسطيني عن تأجيل الانتخابات، بسبب منع عقدها في القدس من قبل الاحتلال الاسرائيلي، وفشل الاتحاد الأوروبي في حمل سلطات الاحتلال على السماح بها. وبموجب ذلك، أعلنت لجنة الانتخابات بدورها وقف الانتخابات العامة.
ومنذ بدء العملية الانتخابية منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي لجنة الانتخابات من العمل في مدينة القدس، وشددت من إجراءاتها ضد أي تجمع سلمي سياسي في مدينة القدس، وقامت بملاحقة واعتقال مرشحين وكل من حاول ممارسة أي نشاط له علاقة بموضوع الانتخابات الفلسطينية، في تنكر واضح للهوية الفلسطينية للمدينة وسعياً منها لتطبيق إعلان ترامب المخالف للقانون الدولي بأن القدس عاصمة لإسرائيل.
وكان المركز قد رصد عدة حوادث تثبت توجه سلطات الاحتلال لمنع الانتخابات في القدس، كان أبرزها بتاريخ 17 أبريل2021، حيث منعت سلطات الاحتلال عقد اجتماع تشاوري جمع مؤسسات مجتمع مدني ومرشحين في فندق سان جورج في مدينة القدس المحتلة، وقامت باعتقال عدد من المرشحين والمنظمين للقاء، بل ومنعت بالقوة تجمعاً سلمياً للمشاركين الذي أرادوا الاحتجاج على منع اللقاء. وكانت سلطات الاحتلال قد منعت في وقت سابق اجتماع مماثل في 6 ابريل 2021، كان من المفترض أن يعقد في فندق امباسادور في مدينة القدس، واعتقلت اثنين من المرشحين.
يشدد المركز على أهمية مشاركة القدس في الانتخابات، إذ تنطوي على دلالات سياسية جوهرية تتصل بالحقوق الوطنية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في القدس، في مواجهة صفقة القرن ومخططات التهويد وخلق الوقائع وجريمة التطهير العرقي للفلسطينيين في المدنية. ويذكر المركز بمشاركة المقدسيين في انتخابات 1996 و2005 و2006.
ويؤكد المركز على أن القدس الشرقية مدينة فلسطينية محتلة، ولا تغير كافة الإجراءات التي اتخذتها سلطات الاحتلال الاسرائيلي في أعقاب احتلال المدينة في عام 1967 من وضعها القانوني كمنطقة محتلة، وهي إجراءات منعدمة وفق القانون الدولي وما أكدت عليه قرارات مجلس الأمن.
وإذ يحمل المركز المسؤولية الكاملة للاحتلال الإسرائيلي في حرمان الفلسطينيين من حقهم في اختيار ممثليهم، فإنه يطالب المركز المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته والعمل الجدي من أجل عقد الانتخابات في مدينة القدس، بما يشمل ضمان حق المقدسيين في ممارسة حقهم في ممارسة الدعاية الانتخابية والتصويت.
كما يدعو المركز كافة القوى والفصائل الفلسطينية للعمل المشترك في هذه اللحظة المفصلية لتثبيت حق الفلسطينيين في مدينة القدس ولتفويت الفرصة على الاحتلال الإسرائيلي الساعي لتطبيق صفقة القرن بشكل فعلي على الأرض.
ويرى المركز أن قضية القدس والحقوق غير القابلة للتصرف يتوجب أن تكون سبباً للوحدة لا الفرقة، وفرصة للتفكير الفلسطيني الجمعي والمبدع في مواجهة الصلف الإسرائيلي ومؤامرة الصمت الدولية.