خاص: الغزية "هناء الفرا" .. رحلة كفاح ضد السُمنة والتنمّر أنهتها بأفضل طريقة!

هناء الفرا

يُعرف عن الإرادة بأنها الخطوة الأولى التي تدفعك على طريق الكفاح، أما العزيمة فهي ما يبقيك على هذا الطريق حتى النهاية، فامتلاك الإرادة والعزيمة معاً، تجعل منك شخصًا ناجحا، يصل لأهدافه، ويكون قدوة لغيره، كما هي "هناء".

"السمنة" مشكلة يعاني منها العديد من الأشخاص، ولكن ما اختلف في معاناة هناء الفرا هو أنها تداركتها في مقتبل طفولتها، التي أمضتها مع والدتها بحثاً عن أطباء ليساعدوها في تخفيف وزنها، لتكون في عالم أنظمة التغذية المختلفة دون أي جدوى. 

أمضت الشابة الغزّية "هناء الفرا" ( 28 عاماً) من مدينة رفح جنوب القطاع، رحلتها مع الوزن الزائد منذ المرحلة الابتدائية، وحتى الثانوية العامة ، فطفلةٌ في الصف الرابع الابتدائي تحمل عبء 80 كيلو غراماً معها كل يوم، ثم يزيد لـ 90 كيلو غرامًا، بالمرحلتين الإعدادية والثانوية، لتعيش في دوامة الصعود والهبوط في الرقم الظاهر على الميزان، وتجابه بمفردها أنظمةَ التغذية التي كان أساسها "الحرمان".

تنمرٌ لا يحتمل 

توضح هناء الفرا في حديث لوكالة سوا الإخبارية: "طوال مرحلة السُمنة كنت أتعرض للتنمر"، وللحديث عن أحد هذه المواقف خلال حياتها الجامعية، تسرد: "كان هناك أزمة بنزين في القطاع، فكان سائقو التاكسي يضطرون لاستغلال المقعد الخلفي لـ 4 أشخاص، وصادف يومٌ كانت هناء متوجهةً لتركب أحد السيارات العمومية في غضون أيام تلك الأزمة، فلم تجد من يُقلها من السائقين في سيارته متبادلين الحديث "لا هادي بدها الكرسي اللي ورا كامل". 

وتضيف هناء موقف آخر، "تعرضت لموقف كان من أصعب المواقف؛ نظراً للحساسية التي تكون عليها الفتاة في مراهقتها، ففي ذات يومٍ من الأيام كنت متوجهةً لمنزلي عقب انتهاء دوامي المدرسي في الثانوية العامة، لأجد مجموعةً من الشبان الذين يتهامسون وينظرون إلي من بعيد، وعندما اقتربت منهم، اذ بأحدٍ منهم يقول "نفسي أشوف الميزان"، ثم تعلو ضحكاتهم المستهزئة. 

تزوجت "هناء"، وكان الرقم على الميزان حينها يقف عند (83)، وعند أول مولود لها، تزداد السمنة لديها لتصل عند 104 كيلو غرامات، فهي لم تعلم حينها بأن هذه السُمنة ستكون سبباً في وجود "هناء" الحالية المليئة بالشغف والطموح والنجاح، لتمثل قدوةً وتصبح مصدر الهامٍ لكثيرٍ من الشبان والشابات.


 نقطة التحول 

في أحد الأيام، تلقت هناء وزوجها دعوة طعام لجمعة عائلية من قِبل أقاربهم، وعند الاستعداد لها ت فتح خزانتها لتلبس أوسع ثيابها لتجده صغيراً عليها ولا يتسع لما فيها من وزنٍ زائد عقب ولادتها، لتتشكل حالة من اليأس والصدمة في نفسها، واصفةً شعورها حينها بالقول: "مش عارفة شو بدي أعمل دخلت في حالة صدمة عنيا فتحو ع الآخر، مش عارفة شو أقول لزوجي!". 

وجدت هناء أن الحل الأنسب هو أن ترتدي ثياب الصلاة التي لا تملك غيره يناسب ما وصلت له من وزن، حيث دخلت هناء ضمن كل هذه الجموع الذين كانوا في أبهى حلتهم من الأناقة والملابس المُنسقة واللائقة.

في هذا المظهر المثير للاستغراب والتي أظهرت الشفقة في أعين كل من كان حولها، تقول لوكالة سوا: "ما حكو اشي بس أنا حسيت ف عيون كل حد في حكي"، ثم أمضت هناء هذه الجلسة بصمتٍ عميق تخلله الكثير من الحزن والصدمة والأفكار التي تجول في ذهنها، لتكون بعدها نقطة التحول، والإرادة في حياتها. 

بعد هذا الموقف، أمسكت هناء بهاتفها المحمول، لتفتح تطبيق "الانستغرام"، الخاص بها، والذي كان لا يحتوي سوى على أقاربها، وصديقاتها، فتكتب بلهجة قوية: "يا جماعة أنا بدي أضعف بحياة الله بحياة الله تساعدوني! أنا مش قادرة عزيمتي ضعيفة بدي اياكم توقفوا جمبي وتساعدوني!"، حيث لقيت حينها تفاعلاً ودعماً من قِبل كل من حولها، ليشجعوها على هذا القرار، والبدء به.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

A post shared by Hana (@hanafarra93)


تبدأ هناء الفرا وصديقاتها بتتبع نظام غذائي صحي، يعتمد على "التقنين" وليس "الحرمان"، فأصبحوا يشاركون صفحتها، وينشرون هذا التغيير الصحي فيما بينهم، لتجد نفسها قدوةً لعدد ليس بقليل، فقررت تعلم أساليب التغذية الصحية بشكل موسع وأدق، فأخذت تكرس وقتها لدراسة السعرات الحرارية وتتصفح الانترنت عن كل ما هو معروض من قِبل أطباء التغذية حول هذه المواضيع، وتتلقى دورات تغذية من أخصائيين؛ لتدمج تجربتها التي استمرت لأعوامٍ عدة مع ما ألمّت به من معلومات غذائية قائمة على أساس علمي. 


رُب ضارةٍ نافعة.. أهلاً بهناء الجديدة 


هناء الفرا المُفعمة بالثقة والسعادة لما وصلت اليه بإرادتها وعزيمتها، تخلصت من أكثر من 30 كيلو غرام، ليصل وزنها إلى منتصف السبعينات ولازالت مستمرة في هذا الانجاز، كما وصلت إلى أكثر من 200 ألف متابع من العالم أجمع على حسابها في "انستغرام" خلال ثلاث سنوات، والذي أصبح أشبه بمرجع لكل من يفتقر للإرادة، ويعيش حالة من "التوهان" حول كيفية البدء بهذا التغيير الصحي، فهي لم تكن تعلم أن هذه السمنة ستكون سبباً للوصول لهذا النجاح "رُب ضارةٍ نافعة"، ولّدت من معاناتها لسنوات هذا النجاح، الذي خلق لها مصدرَ دخلٍ لها من خلال مساعدة من يريد الوصول للنجاح الذي حققته، كما وقامت بإعداد تطبيق يحسب السعرات الحرارية، الذي لقى صدى واسع واستفاد منه العديد من الأشخاص. 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

A post shared by Hana (@hanafarra93)


حققت "هناء" طموحها بالوصول إلى الحياة الصحية والرشاقة بمفردها دون مساعدة أي طبيب، تخلصت من قيود السُمنة التي كانت تحيطها دوماً طيلة حياتها، لتصل اليوم إلى اسمٍ تصدح به منصات التواصل الاجتماعي، مقتديين بنجاحها وارادتها، مُتبعينَ لنصائحها بكل ثقة، والتي أصبحت أيقونةً في عالم التغذية لآلافٍ من متابعيها الغزيين وحتى في العالم العربي، الذين أصبحت تقدم لهم أنظمةً غذائية كلٌ بما يتناسب معه، خالقةً لنفسها كياناً ومصدر دخلٍ لشابةٍ في مقتبل عمرها تساعد الناس في التخلص من عبء السمنة الذي لطالما عانت منه. 

توجَهت هناء الفرا لتركيا برفقة زوجها وأبنائها لإكمال مشوار النجاح الذي بدأت فيه لتتوسع في شهرتها، ومشتركيها، ويصبح اسم "هناء الفرا" معروفاً بين العرب في العالم كافة، وليس في قطاع غزة فحسب، فالإرادة دومًا تصنع المستحيل.

المصدر : تقرير وكالة سوا - سندس النيرب

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد