منذ صدور المرسوم الرئاسي للإنتخابات الفلسطينية ونحن نقرأ في وسائل الإعلام أن إسرائيل قلقة من أن تفوز حماس بالإنتخابات التشريعية , بسبب خلافات بعض قيادات فتح مع الرئيس , وبالتالي تسيطر على الضفة الغربية مثلما تسيطر على غزة , وبالتأكيد هذا ليس أكثر من تظاهر من إسرائيل بأنها لا تريد حماس في الحكم , لأنه وبكل بساطة إسرائيل تعلم مثلما أن الجميع يعلم أن حماس لا تستطيع أن تسيطر تماماً على الضفة في حال فوزها بالإنتخابات , وذلك لأسباب جغرافية وأمنية وعسكرية وسياسية أيضاً , وإسرائيل تعلم أيضاً مثلما أن الجميع يعلم أن حماس تمتلك خطة دفاع عن غزة فقط , رغم أنها تستطيع أن تدافع عن القدس والضفة بواسطة المنظومة الصاروخية الموجودة في غزة والتي أصبحت متاحة لكل الفصائل سواء بالتصنيع أو الشراء , ولكن ما يجعلها تكتفي بالدفاع عن غزة فقط لسببين , وهما أن حماس تحكم غزة وبالتالي فهناك منافسة على الحكم بينها وبين فتح في الضفة , وهكذا أصبح حكم حماس في غزة مرتبط بدفاعها عن هذا الحكم , ولكن تمسك حماس في غزة نتيجة خلافها الحاد مع فتح , هو بمثابة دعم للخطة التي وضعتها إسرائيل على المدى البعيد , وتنص هذه الخطة على دعم وتقوية حماس في غزة , مقابل سحب البساط من تحت قدمي فتح "السلطة" في الضفة وإحتلالها بالكامل , كي تبقى غزة دويلة إقتصادية مستقلة تحت إشراف المخابرات المصرية , وتحت سطوة بعض الداعمين العرب واللذين هم جزء من خطة إسرائيل .

بات الجميع يتسائل ويستهجن , كيف إسرائيل تدخل الأموال القطرية لحماس في غزة , وفي نفس الوقت تعمل جاهدة على عدم فوزها في الضفة !! الجواب هو أن إسرائيل لا تريد حكماً فلسطينياً في الضفة لأنها تسعى لتهويدها بالكامل , ولكنها تحاول أن تقنع فتح "السلطة" بالبقاء وحدها في حكم الضفة كي تستطيع القضاء عليها بكل سهولة , وفي نفس الوقت كي يستمر الخلاف بينها وبين حماس وبالتالي يبقى الواقع كما هو ويحول دون إنتخابات , أو دون تسليم السلطة لحماس في الضفة في حال فازت , وهكذا تكتمل الخطة التي وضعتها إسرائيل , وتندمج مع كل الأطراف , فالخلاف بين فتح وحماس , وتمسك حماس في غزة , ودخول الأموال القطرية لها , وصعوبة تسليم الحكم لحماس في الضفة , مقابل صعوبة تسليم الحكم لفتح في غزة , والواقع الجغرافي المعقد , فكل هذه العوامل تساهم في نجاح خطة إسرائيل , وهي تهويد الضفة بالكامل والقضاء على المشروع الوطني , وتهيئة كل الظروف لدويلة غزة , وكل هذا يتم تحت تضليل وتمويه إعلامي بعنوان " أن إسرائيل قلقة في حال فوز حماس في الإنتخابات " وعلماً بأن فوز حماس في الإنتخابات لا يعني أنها ستسيطر في الضفة , ولا يعني أنها تمتلك قرار السلم والحرب .

بالطبع فأنا لا أتهم حماس في التسويق المباشر مع خطة إسرائيل , ولكنها أصبحت جزء من هذه الخطة دون أن تعي ذلك , كونها حسرت نفسها في غزة بمعزل عن القضية الأساسية وهي القدس , والضفة الغربية كونها الغلاف الجغرافي للقدس , وبناء على ذلك فيجب أن تتجسد الوحدة الوطنية بين الجميع سيما فتح وحماس , لإفشال خطة إسرائيل والتي تتبنى نظرية "فرق تسد" وهذه النظرية هي التي أبقت إسرائيل صامته لحتى الآن بما يخص الإنتخابات في القدس الشرقية , فعدم رد إسرائيل حتى اللحظة على طلب السلطة بإلسماح بإجراء الإنتخابات في القدس , يعني مراهنة إسرائيل على أن تفشل الإنتخابات بناء على خلاف بين فتح وحماس , ولذلك فيجب على جميع الفصائل سيما فتح وحماس أن يضعوا خطة كاملة متكاملة تجعل المواطن المقدسي ينتخب رغم عن أنف إسرائيل , فالبدائل كثيرة وخاصة في ظل التقدم التكنولوجي والثورة الإعلامية , والتعاطف الدولي مع إرادة الناخب الفلسطيني .

المصدر : وكالة سوا

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد