عقب مغادرة الوفد الوزاري الفلسطيني لقطاع غزة ، على إثر حدوث خلاف مع حركة حماس ، حول برنامج أعماله، بشأن معالجة المشكلات القائمة التي تحول دون اتمام مشروع المصالحة، أعلنت الحكومة بأن مغادرة وفدها لا يعني الوصول إلى طريق مسدود، وبحسب ما تم نقله، فإن من المفترض أن يتم تجديد التفاوض بين الطرفين في وقتٍ لاحق، بغية التوصل الى تسوية بعيدة المدى، إضافة إلى نيّة رئيس الوزراء الفلسطيني "رامي الحمد الله" بزيارة القطاع، والتي تحدد موعدها في نهاية الأسبوع، وكان أعلن مؤخّراً، بأن مسؤولية القطاع هي مسؤولية حكومته.
ما سبق من افتراض ونيّة ومسؤولية، بدت كلّها وكأنها طيف من خيال، سيما وأن هناك إعلانات تشير إلى أن القطيعة مع حماس، هي التي سادت، ومنذ لحظة المغادرة، فعلاوة على استقبال حماس للمزيد من الهجومات من قِبل الحكومة والسلطة الفلسطينية، وبناءً على شهادة الشهود، باعتبارها تعمّدت إفشال أية تقدمات تأتي بها الحكومة، حيث كانت مسؤولة عن عودة الوفد الوزاري فارغ اليدين، جرّاء القيود التي فرضتها حماس، فهناك إعلانات تقول، بأن اتصالات الحكومة مع حماس باتت متوقفة، ولا يجري أي حديث معها حول أيّة مسألة.
لم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، بل ذهبت، إلى أن تصرفات حماس باتجاه وفدها، لن تمر مرور الكرام وسيكون لها تبعاتها، والتي كشفت عن إلغاء "الحمد الله" زيارته للقطاع، وأنبأت في ذات الوقت، عن عدم التفاؤل مستقبلاً، طالما بقيت حماس على مواقفها المتباعدة من استحقاقات المصالحة.
ومن ناحية أخرى ألمحت إلى أن مسألة إعمار القطاع مرتبطة بتسلّم الوزارات واحدة واحدة، ومن من غير نقصان، كي تتمكن من مزاولة نشاطاتها كحكومة، وبالتالي تنفيذ برامج الإعمار، وإلاّ فلا أحد يمكنه التحدث حول برامج كهذه، تأسيساً على جملة التعهّدات التي أُلقِيَت أمام المانحين، بأن يتم استلام الوزارات مقابل إعادة الأعمار.
على ما سبق، فإن حماس وفّرت علينا مسألة أن نُجهِد أنفسنا، في توقع بما قد يمكنها القيام بفعله، باتجاه نوايا السلطة او الحكومة بشكل خاص، فهي وإن أبدت ما يمكن اعتبارها محاولات اقترابها من وجهات نظر الحكومة بشأن القضايا العالقة وعلى رأسها قضية الموظفين التابعين لها، وعلى أساس المبادرة السويسرية، بهدف الفوز بأحد طموحاتها، ومنعاً لاشتعال المصائب الاقتصادية مجدداً، فإنها وفي ضوء لم يستلم القطاع أكثر من 10% - وبصعوبة- من مواد الإعمار منذ انتهاء العدوان الصهيوني – الجرف الصامد- أوائل يوليو/تموز الماضي، لكنها لم تكن مستعدّة لأن يفوز أحد ما، بتكتيف يديها إلى ما وراء ظهرها.
حيث عملت جهدها باتجاه دحض مقولات الحكومة من أصولها، ومن أنها هي المسؤولة بشأن انقلاب أجندتها رأساً على عقِب، والتي شُوهِدت تنضح بشروطات السلطة، وبما يخدم حركة فتح وحسب، ولم تبدِ أيّة شخصية استقلالية تشجّع على التعاون معها، متنبئةً بأن ذلك لا يأتي إلاّ للتهرب من استحقاقات اتفاق المصالحة، ومن الانتخابات التشريعية والرئاسية أيضاً.
خاصةً في ضوء حصولها على تقدمات شعبية وانتخابية خلال الفترة الأخيرة، وقامت بناءً على ما يرد إلى مسامعها من مواقف حكومية متباعدة، إلى خلق ما يمكن أن يأخذ بها باتجاه تجاوز المرحلة وإن كانت مؤقتة، وذلك من خلال قيامها باتجاه فرض ضريبة تحت مسمّى (التكافل الاجتماعي) والتي اعتبرتها السلطة الفلسطينية، إمعاناً لحماس باتجاه تجسيد عملية الانقسام وخروج عن اتفاق المصالحة.
لم تتوقف نشاطات حماس عند هذا الحد، فقد دأبت على بثّ رسائل متكررة، عن أن لديها بدائل متوفّرة، لفك الحصار والقيام برسالتها باتجاه القطاع، في حال عدم التزام الحكومة بواجباتها، حيث أعلنت بأنها ستكون مضطرّة لاتخاذ بدائل قاسية، حال استمر ما وصفته بـ(الاستهتار بحقوق الشعب الفلسطيني)، باعتبار أن الحكومة تعتمد حالة الاستئصال السياسي ضدّها، بناءً على تعليمات السلطة الفلسطينية وحركة فتح، اللتان تنفّذان إرادة دوليّة لعقاب سكان القطاع، لوقوفهم إلى جانب المقاومة.
لا يُستبعد نهاية المطاف، وفي ظل تمترس الحكومة حول مواقفها واشتراطاتها باتجاه حماس، بأن تعاود حكومة غزة فرض حكمها وبسط إدارتها، برغم إدراكها عِظم التحدّي. بسبب أن مثل هذا الإجراء سيكون مقروناً بمواجهات أخرى ساخنة، تزيد الطين بِلّة، باتجاه الفلسطينيين بشكل عام، ولذلك فقد يجدُر على الحكومة وفي هذا الوقت بالذات، أن تعرض موقفاً أقل تشدداً ممّا هي عليه، على الأقل لإبعاد شبح الهدنة التي تنادي بها حماس باتجاه إسرائيل، والتي تهابها السلطة الفلسطينية وترفضها جملةً وتفصيلاً.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية