تتراجع الأجواء الإيجابية بين الناس، وتتزايد الشكوك والمخاوف بنجاح العملية الإنتخابية، وتتخذ اجراءات وخطوات تدفع الناس للقلق، ولم يتوصل المتحاورين في القاهرة الى اتخاذ قرارات ملزمة بشأن قضايا الخلاف، سواء في ما يتعلق بالمحكوميات أو كوتة المرأة وتخفيض سن الترشح للشباب أو شرط الإستقالة للموظفين العموميين، وغيرها من العقبات التي بدأت تتفجر في كل لحظة.
عدا عن الخلاف داخل صفوف حركة فتح والمطالبة بالتغيير، واتهام الرئيس محمود عباس بالتفرد في تشكيل قائمة فتح، وعدم الاخذ برأي للمنتقدين والمحتجين ومطالبتهم بالتعيير أمثال الاسير مروان البرغوثي وعضو اللجنة المركزية للحركة الدكتور ناصر القدوة.
وتضع العقبات سواء بقصد او بدون قصد، واتخاذ اجراءات واعمال استفززية والتصريحات المتبادلة التي تثير خطاب الكراهية والتخوين، والاتهامات المتبادلة والقلق من التلاعب في السجل الانتخابي في الضفة الغربية، أو إصدار المحكمة العسكرية في غزة أحكام بحق مواطنين بتهمة "النيل من الوحدة الثورية"، وقد تزداد وتتكرر تلك العقبات والتحديات.
وبدلا من تعزيز الاجواء الايجابية والحريات العامة خاصة على إثر المرسوم الرئاسي المتعلق بالحريات العامة، عادت المناكفات والاتهامات على خلفية ما يسمى ملف الاعتقال السياسي، وعقد ونصف من الزمن، من انتهاكات حقوق الانسان، والاعتداء على الحريات العامة والاعتقالات في قطاع غزة والضفة الغربية، والادعاء أن الحريات العامة مُصَانة ومحفوظة، ولا يوجد في فلسطين اعتقالات سياسية.
في العام 2009 وعلى إثر بدء اجتماعات المصالحة الوطنية، تم نقاش المفهوم القانوني للاعتقال التعسفي على خلفية الانتماء السياسي، وما يسمى الاعتقال السياسي وشكلت في حينه لجنة من الهيئة المستقلة لحقوق الانسان وعدد من الخبراء وبحضور ممثلين عن حركتي فتح و حماس .
وفي حينه قدمت الهيئة ورقة موقف تحت عنوان (مفهوم الهيئة للاعتقال السياسي/ الاحتجاز التعسفي على خلفية الانتماء السياسي)، بالاستناد إلى مرجعياتها الوطنية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وبشكل خاص القانون الأساسي الفلسطيني لعام 2003 وقانون الإجراءات الجزائية والتشريعات الوطنية ذات الصلة. أما المرجعيات الدولية فقد استندت إلى المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والتعريف المعتمد من قبل فريق الأمم المتحدة العامل على الاعتقال التعسفي الخاص بمفهوم الحرمان التعسفي من الحرية.
ووافقت اللجنة على التعريف الذي تبنته الهيئة لمفهوم "الاعتقال السياسي"، كما أبدت موافقتها على إن الحرمان التعسفي من الحرية استفحل وأصبح نهجاً لدى طرفي الانقسام منذ 14/6/2007، فقد تم استخدام مصطلح "الاعتقال السياسي" كتعبير سياسي ليس له سند قانوني أو حقوقي، وذلك لوصف الحالة المعاشة والمرتبطة بحالة الانقسام السياسي.
وإن جميع الإجراءات التي رافقت عمليات الحرمان التعسفي من الحرية، وإن عزتها أطراف الانقسام لاعتبارات أمنية، إلا أنه من مجمل ما هو متوفر للهيئة من إفادات وشكاوى ومتابعات، تؤكد وجود اعتبارات سياسية تقف وراء عمليات الحرمان التعسفي من الحرية، وأهمها تغييب لدور النيابة المدنية والتي تعتبر جهة الاختصاص الرسمية في تحريك دعاوى الحق العام.
ووفقا لتقارير الهيئة ومنظمات حقوق الانسان خلال السنوات الماضية ومن خلال زياراتها الميدانية لمراكز الاحتجاز والتوقيف التابعة لطرفي الانقسام في الضفة وغزة، انعدام سلامة الإجراءات القانونية عند عمليات القبض والتوقيف والتمديد، وذلك من خلال عرض المدنيين على القضاء العسكري بصورة لا تتفق وأحكام القانون الأساسي الفلسطيني، وقانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني.
وغياب ضمانات المحاكمة العادلة، وعدم تنفيذ أحكام المحاكم من حيث عرضهم على قاضيهم الطبيعي وتمكينهم من زيارة وتوكيل محامي، واحتجازهم في أماكن احتجاز قانونية، وتوفير أوضاع إنسانية أثناء الاحتجاز، وعدم تعريضهم لسوء المعاملة والتعذيب، والحق في الاتصال بالعالم الخارجي.
ووفقاً للتشريعات الوطنية والمعايير الدولية، فإن جميع المحتجزين لدى طرفي الانقسام تنطبق عليهم الحالات الثلاث التي تندرج تحت الحرمان التعسفي من الحرية، والتي تم تحديدها من قبل الفريق العامل على الاحتجاز التعسفي، والتي تتمثل بالتذرع بالأسس القانونية لتبرير الحرمان من الحرية، والحرمان من الحرية بسبب ممارسة الحقوق السياسية والمدنية الواردة في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وغياب ضمانات المحاكمة العادلة.
ضرورة الإفراج الفوري عن جميع المحرومين من حرياتهم تعسفاً، كونها تخالف المعايير الوطنية والدولية، كما يمثل استمرار احتجازهم دون مراعاة لسلامة الإجراءات القانونية وغياب ضمانات المحاكمة العادلة، اعتداءً على منظومة الحقوق والحريات التي كفلها القانون الأساسي وجرم من يعتدي عليها.
الحقيقة ان الجميع توافق على الذهاب للانتخابات والارض مزروعة بالالغام، وهناك ادراك بان التحديات جسام ومتوقعة، والحقيقة ان هناك نية لإجراء الانتخابات، لكن لا توجد نوايا لإجراء تغيير حقيقي في النظام السياسي الفلسطيني. والسؤال هل ينجح طرفي الإنقسان بتجاوز تلك التحديات والعقبات؟ ينبغي معالجة آثارها بهدوء وحكمة، والتحلي بمبدأ حسن النوايا، والابتعاد عن ردود الفعل السلبية، للسير نحو الانتخابات كخطوة قد تؤسس لتغيير طال.
المصدر : وكالة سوا
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية