«يحظر على إسرائيل توجيه انتقادات علنية إلى الرئيس الأميركي بايدن وسياسته، وينبغي أن تجري نقاشات معه ومع إدارته في غرفٍ مغلقة، والادعاء بأنّ أميركا بحاجة إلى إسرائيل بقدر حاجة إسرائيل إلى أميركا قولٌ سخيف، أميركا تستطيع أن تتدبر أمرها بدون إسرائيل إلاّ أنّ هذه الأخيرة لن تستطيع أن تتدبّر أمرها من دون السلاح والمال والموقف السياسي الأميركي، كان نتنياهو قد سبق وركب موجة الخلاف بين الديمقراطيين والجمهوريين في عهد إدارة أوباما لكن الصورة قد اختلفت مع سيطرة الديمقراطيين على مجلسي الكونغرس».
تكاد تشكل هذه النصيحة التي تقدّم بها عدد من المحللين السياسيين الإسرائيليين إلى إدارة نتنياهو إجماعاً لدى أصحاب الرأي كرد فعل على تصريحات رئيس الأركان أفيف كوخافي خلال كلمته في مؤتمر معهد دراسات الأمن القومي الذي عقد قبل أيام، والتي هاجم فيها نوايا إدارة بايدن بإعادة تفعيل الاتفاق النووي الإيراني وأنه أصدر تعليماته بإعداد خطط لإحباط المشروع النووي الإيراني، هذه التصريحات قوبلت بإدانات واسعة من مختلف الأطراف السياسية الأمنية باعتبارها صدرت عن الشخص غير الصحيح وفي التوقيت الخطأ، بينما اتهمه البعض أنه يحاول مجاراة رئيس الحكومة الذي ما زال ينتظر مكالمة من الرئيس الأميركي الجديد لم يتلقاه حتى الآن في استثناء ملفت كما عادة رؤساء أميركا الجدد.
وانضمام رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلية «الموساد» يوسي كوهين الأحد الماضي إلى مهاجمة كوخافي وتصريحاته باعتبارها غير مسؤولة وشخصية، يشير إلى مدى ما أحدثته هذه التصريحات من فوضى وإرباك لدى الإدارة الإسرائيلية والساحة السياسية في الدولة العبرية، خاصة وأن هذه الإدارة لا تملك حتى الآن سياسة لكيفية التعامل مع الإدارة الأميركية الجديدة، وتعيد إلى الأذهان التوتر الذي ساد بين الإدارتين في عهد أوباما عندما لم توقف أميركا على التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني رغم احتجاجات نتنياهو، هذه التصريحات وحسب معظم المحللين من شأنها أن تعيد أزمة الثقة بين الإدارتين من جديد، لذلك من المفيد التمسك بالنصيحة التي أبداها عدد من أصحاب الرأي التي تمت الإشارة إليها في البداية لمعالجة ما أحدثته تصريحات كوخافي من شرخٍ محتمل وبهدف الحد من تفاعلاتها السلبية.
عندما كان كوخافي رئيساً لشعبية الاستخبارات العسكرية كان من أشد المعارضين للهجوم على إيران، لذلك لم يجد بعض المحللين سبباً واضحاً لهذه التصريحات إلاّ كونها ترتبط بموضوع الميزانية، ذلك أنه على ضوء الأزمة الاقتصادية جراء سياسة نتنياهو إزاء أزمة ال كورونا سيكون من الصعب حصول الجيش الإسرائيلي على ميزانية كافية لإخراج خطة كوخافي المساه تنوفا «رافعة أو اندفاع» إلى حيز التنفيذ والتي تتكلف ما يقارب 20 مليار دولار وتعتمد على وضع هدف يتم بموجبة قتل نصف عدد قوات الجيوش «الإرهابية» وتعزيز حرب السايبر والحروب الالكترونية.
واقع الحال، أنّ كوخافي رغم الانتقادات تصرّف وفقاً لاعتبارات لها أهمية في الوعي القيادي الإسرائيلي والذي يتلخص في أنّ الولايات المتحدة تعمل لدى إسرائيل، والدليل على ذلك أن هذه التصريحات جاءت قبل يومين من زيارة قائد قيادة المنطقة الوسطى للجيش الأميركي الجنرال كينيث ماكينزي إلى إسرائيل وبعد أيام من قيام البنتاغون بضم إسرائيل إلى منطقة قيادته المركزية في الشرق الأوسط، بهدف تعزيز الجبهة ضد إيران بعد عملية التطبيع العربي مع إسرائيل وقيادة هذه الأخيرة لتحالف إقليمي، هذا الوعي الذي يتجاهل حقيقة أن الولايات المتحدة تستطيع العيش بدون إسرائيل، إلاّ أن هذه الأخيرة لا تستطيع العيش بدون أميركا!.
المصدر : وكالة سوا
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية