يجاهر شبان على مواقع التواصل الإجتماعي بالمرارة التي وصل اليها حال الناس في قطاع غزة ، يتحدثون بجرأة عن أنفسهم وأحلامهم وحقهم في التغيير وحياة ومستقبل أفضل، ويحاولون تكرار تجربتهم التي قاموا بها قبل أربعة سنوات ودعوا قبل شهر الناس للنزول للشارع.
تستطيع حركة حماس القول أنها سمحت للشباب بالإحتجاج والتظاهر في الخامس عشر من آذار 2011، للمطالبة بإنهاء الإنقسام ومشاركة شبابها في المطالبة، لكنها لن تستطيع القول أنها قمعت الشباب والنساء والإعتداء عليهم بالضرب و حرمتهم من الإستمرار في الإعتصام في ساحة الكتيبة وسط مدينة غزة، وتأسيس مكان آمن وإقامة فيه الخيام للاحتجاج وتنظم الشباب أنفسهم والضغط على طرفي الانقسام لتحقيق المصالحة.
ليس هذا المكان لتقييم تجربة آذار والشباب الذين نظموا الاحتجاج في الضفة وغزة ربما لم تكن التجربة بريئة وعجز الفصائل عن تحقيق أي اختراق لإنهاء الإنقسام، كما لم تكن حماس بريئة وتعاملت بقسوة وعنف، لكنها كانت تجربة مهمة للشباب، واستطاعوا الضغط على طرفي الانقسام باعتراف المسؤولين عنه بإن الحراك الشبابي كان من أسباب التوقيع على اتفاق القاهرة في شهر ايار 2011، في وقت لم تستطع الفصائل استكمال مشوار الشباب والضغط لإنهاء الانقسام وحالة التفرد والإقصاء في النظام السياسي الفلسطيني وإعادة الاعتبار للمشروع الوطني.
كان الشك وما زال من وجهة نظر حماس في أي حراك شبابي أو أي انتقاد او اعتصام أو تجمع سلمي سواء كان قانوني او غير قانوني، عفوي أو منظم مصيره القمع بالمنع والاستدعاء والاعتقال والتحقيق والقول أنه يستهدف حركة حماس والمقاومة.
مع ان كل حراك كان سلمياً و للمطالبة بتحسين شروط الحياة بدء بالكهرباء مرورا بالحرق بالشمع والموت من البرد والغرق في البحر والهجرة غير الشرعية، وغرق المنازل في الشتاء، ومحاولات الانتحار وتفجير المؤسسات العامة والخاصة، وتزايد الجرائم وانتشار و تعاطي المواد المخدرة و الفقر والبطالة والمياه المالحة وتلوث البحر وحرية العمل السياسي وحرية الرأي والتعبير و فتح المعابر والحق في السفر وليس انتهاء بالحق في العلاج والتفسخ المجتمعي وإعادة الاعمار.
تستطيع حماس القول ان الحصار والاحتلال هو سبب معاناة القطاع وان الاوضاع في غزة ليست سيئة لهذا الحد وانها لم تمكن من الحكم وأن المجتمع الدولي و إسرائيل و أطراف عربية وفلسطينية هم من يحاصرون غزة ويريدون القضاء على المقاومة، وانها ستدافع عن وجودها واستمرارها مهما كانت الأثمان، وأن الاقليم يشهد تحول لصالحها.
ولماذا تعتقد حماس انها مستهدفة وهي من تحكم غزة، ولماذا لا تعتبر حماس ان أي حراك شبابي هو حق وهو مصلحة لها ومساهمة في الخروج من أزمتها وأزمة الناس، ولماذا لا تعترف ان غزة هي من تعاني أكثر وتدفع الثمن يوميا من دمها وحياتها والكل يحذر من انفجار الوضع وحدوث كارثة بعد ثماني سنوات من الحصار وثلاث حروب ودمار وخراب، وهي بحاجة إلى العيش بكرامة .
من المنتظر أن تشهد غزة نهاية الشهر حراك شبابي، وقد بدؤا في التعبير عن موقفهم وتوزيع ملصقات والمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي وهو حق لكل الناس للتعبير عن حقهم في التجمع السلمي والتعبير عن أرائهم بحرية و حياة كريمة و إعادة الإعتبار لإنسانتيهم، ربما ينجح الشباب وربما يفشلوا في النزول للشارع وأي قمع لهم سيزيد من حال الاحباط ويولد اليأس وسيعجل من الانفجار وإن طال الوقت لكنه سيكون مدمر فالقمع و الاستخدام المفرط للقوة ثمنه غالي.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية