الخارجية: المشاريع الاستيطانية تهدف لفصل القدس الشرقية عن محيطها الفلسطيني

وزارة الخارجية والمغتربين- رام الله

قالت وزارة الخارجية والمغتربين، اليوم السبت 26 ديسمبر 2020، إن المشاريع الاستيطانية تهدف إلى فصل القدس الشرقية عن محيطها الفلسطيني، واستكمال محو الخط الفاصل بين القدس الشرقية والغربية وصولا إلى رسم مستقبل المدينة من جانب واحد.

وفيما يلي نص البيان كما وصل "سوا":

الهجمة الاستيطانية الهادفة الى تهويد القدس ومحاولة طمس ومحو هويتها العربية الفلسطينية شهدت تصاعدا كبيرا في السنوات الاربع الاخيرة في ظل ادارة أمريكية منحازة لدولة الاحتلال, وجدت فيها الحكومة الاسرائيلية اليمينية برئاسة بنيامين نتنياهو الغطاء الآمن لاخراج المئات من المشاريع الاستيطانية والمخططات الاستعمارية التهويدية، والهادفة الى طرد وتهجير المواطنين المقدسيين الى حيز التنفيذ.

هذا التصعيد الاستيطاني ضد المدينة المقدسة تضاعف بصورة خطيرة خلال عام ٢٠٢٠ الذي يقترب من نهايته، وفي الاشهر الاخيرة شهدنا سباقا استيطانيا محموما، وبالتحديد منذ اتضاح نتائج السباق الانتخابي الامريكي وهزيمة دونالد ترامب، حيث عمدت الحكومة الاسرائيلية الى الإعلان عن عشرات المشاريع الاستيطانية في مناطق مختلفة من القدس الشرقية المحتلة، وهي مشاريع استيطانية الغاية منها تعميق عملية فصل القدس الشرقية عن محيطها الفلسطيني، واستكمال محو الخط الفاصل بين القدس الشرقية والغربية وصولا الى رسم مستقبل المدينة من جانب واحد عبر شبكة طرق استيطانية ضخمة تُحول الاحياء والبلدات الفلسطينية في القدس الى جزر متباعدة منفصلة عن بعضها البعض تغرق في بحر من الاستيطان. كما شهدنا في العام ٢٠٢٠ تكثيفا للمشاريع الاستيطانية في المنطقة الجنوبية والشمالية للمدينة المقدسة ، ففي جنوب القدس صادقت حكومة الاحتلال على بناء الالاف من الوحدات الاستيطانية الجديدة في مستوطنات (هار حوما) ، (جفعات همتوس) و (جيلو)، من أجل استكمال الطوق الجنوبي على المدينة المقدسة وفصلها عن امتدادها الفلسطيني. وفي الشمال اعلنت اسرائيل عن مشروع استيطاني جديد يقضي ببناء الآلاف من الوحدات الاستيطانية في حي استيطاني جديد على أراضي مطار قلنديا، لمواصلة رسم الطوق الشمالي الاستيطاني في اطار مخطط فصل القدس الشرقية من جهتها الشمالية عن محيطها الفلسطيني. وتهدف هذه المشاريع الاستيطانية الى تقويض فرص التوصل الى حل متفق عليه لمستقبل المدينة المقدسة، وتحويل حل الدولتين الى رؤية خيالية لا يمكن تجسيدها على ارض الواقع.

مشاريع البناء الاستيطاني بالعاصمة المحتلة ترافقت مع عمليات واسعة لطرد وتهجير المواطنين عبر طرق واساليب مختلفة، ابرزها عمليات الهدم واسعة النطاق للمنازل والمنشآت الفلسطينية في العام ٢٠٢٠، حيث جرى هدم اكثر من ١٧٠ منزلا وتسبب ذلك في فقدان حوالي ٤٠٠ مواطن مأواهم، دون أن يكترث الاحتلال للظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة كورونا ، هذا بالاضافة الى حملات الاعتقال الواسعة والابعادات والاعدامات الميدانية وسحب الهويات وتجريف الاراضي وفصل القدس عن القرى والبلدات المحيطة بالحواجز، ومحاولات ضرب نشاط المؤسسات الفلسطينية في القدس المحتلة ومحاصرة وتعطيل الفعاليات الثقافية والرياضية، وابرزها انتهاك حرية التعليم ومحاولة فرض المناهج الاسرائيلية للتحكم بوعي الاجيال الناشئة. تبادل الادوار وتكاملها بين المؤسسات الرسمية الاسرائيلية والجمعيات الاستيطانية استمر بوتيرة متصاعدة، مما ساهم في تسريع عمليات تفريغ المواطنين من منازلهم في الاحياء الفلسطينية بالمدينة المقدسة، كما هو الحال في البلدة القديمة وحي الشيخ جراح الواقع على الخط الفاصل بين القدس الشرقية والغربية، حيث يخطط الاحتلال لاقامة مشروع استيطاني ضخم يضم مئات الوحدات الاستيطانية في الحي المذكور، وأيضا ما يتعرض له حي بطن الهوى في بلدة سلوان جنوب المسجد الاقصى المبارك، الذي تتواصل حملات تغيير ملامحه عبر مخططات لاقامة مراكز ومقار استيطانية على منازل سكانه الاصليين.

العام ٢٠٢٠ لم يختلف عن الاعوام السابقة بالنسبة للاحياء والبلدات الفلسطينية المقدسية، حيث استمرت الاقتحامات الليلية وعمليات التنكيل بالمواطنين وتعكير صفو حياتهم اليومية، وابرز هذه الصور القاتمة ما يحصل في بلدة العيسوية بالقدس المحتلة، التي تتعرض لاقتحامات ليلية يومية حولتها الى مسرح للاقتحامات والاعتقالات اليومية. المقدسات الاسلامية والمسيحية كانت هي الاخرى في دائرة الاستهداف الاسرائيلية، حيث تضاعفت اقتحامات المجموعات اليهودية المتطرفة لباحات المسجد الاقصى المبارك وتكثفت المحاولات الهادفة الى توسيع دائرة التقسيم الزماني ومحاولة تكريس حالة من التقسيم المكاني للحرم القدسي الشريف وبناء "المدينة التوراتية" داخل مقبرة الشهداء، هذا بالاضافة الى الاعتداءات على المقدسات المسيحية كان آخرها محاولة احد المستوطنين الارهابيين احراق كنيسة الجثمانية.

تدين وزارة الخارجية والمغتربين بأشد العبارات عمليات التغول الاستعماري التهويدي التوسعي الذي تتعرض له القدس الشرقية المحتلة ومحيطها، خاصة ما واجهته القدس من عدوان استيطاني احلالي في عام ٢٠٢٠، والذي هو عام ثقيل مر على القدس ومواطنيها المقدسيين. من جهتها تابع وزير الخارجية والمغتربين د. رياض المالكي وقطاعات ودوائر الوزارة ذات الصلة باهتمام كبير تطورات هذا العدوان البشع على المستويات كافة، العربية والاسلامية والاقليمية والدولية، وتتابع الوزارة تحركها السياسي والدبلوماسي والقانوني الدولي لفضح جرائم الاحتلال ومستوطنيه بحق المدينة المقدسة عاصمة دولة فلسطين، باعتبار ان قضية القدس كانت ولا زالت العنوان الرئيس لهذا التحرك. لا زالت قضية القدس تحظى بالاولوية التي تستحق بجميع اللقاءات التي عقدها الوزير د. المالكي مع نظرائه على مستوى العالم، وفي المؤتمرات الاقليمية والدولية، واجرى الوزير د. المالكي عشرات المكالمات وبعث بعشرات المخاطبات للامين العام للامم المتحدة ورئيس مجلس الأمن ورئيس الجمعية العامة، بالاضافة الى المفوضة السامية لحقوق الانسان، والمقررين الخاصين، والاجراءات الخاصة والاليات التعاقدية في مجلس حقوق الانسان، والى المديرة العامة لمنظمة اليونسكو، ورسائل للمحكمة الجنائية الدولية، ووزراء خارجية الدول، بالاضافة الى كل ما انعكس في قراراتنا لدى الجمعية العامة ومجلس حقوق الانسان بشأن القدس، واخرها قرارات منظمة اليونسكو ومجلسها التنفيذي، والتي ارتكزت جميعها الى قرارات جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي والاتحاد الإفريقي وغيرها.

تؤكد الوزارة أن جميع اجراءات الإحتلال في القدس غير شرعية وباطلة ولا تحمل اي اثر قانوني على طبيعة ومكانة مدينة القدس، وأنها ستواصل العمل مع دول المجتمع الدولي والمحاكم المختصة لجلب كل من يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق القدس واصحابها الفلسطينيين الى العدالة الجنائية والمساءلة الدولية. تطالب الوزارة المجتمع الدولي والأمم المتحدة وهيئاتها المختصة بتحمل مسؤولياتهم في الحفاظ على مكانة القدس وحمايتها من محاولات تهويدها وتغيير طابعها الديمغرافي وتزوير ارثها التاريخي والثقافي باعتبارها عاصمة دولة فلسطين، وصيانة الاماكن المقدسة المسيحية والاسلامية. وتنفيذ قرارات المنظومة الدولية بما يخص القدس وحماية اهلها الاصليين الفلسطينيين من الترحيل، وتدمير الممتلكات وفرض عقوبات على اسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال، على ممارساتها غير الشرعية وجرائمها ضد المدينة المقدسة والشعب الفلسطيني. ترى الوزارة ان التخاذل الدولي عن الوقوف في وجه الاستعمار والظلم يعقد المشكلة ويزعزع الثقة بجدية المجتمع الدولي في التصدي لمهامه ومسؤولياته.

في هذا الصدد توجه الوزارة تحية اكبار لاهلنا الصامدين في القدس الذين اخذوا على عاتقهم وبإمكانياتهم المتواضعة مهمة افشال هذه المخططات الاستعمارية التهويدية.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد