"بوكشكو" أول متجر إلكتروني لبيع الكتب في غزة
يسعى القارئ عادة إلى خلق جو من الهدوء وطابع خاص، من خلال الانفصال عن المحيط الخارجي أثناء قراءة الكتب، حيث يهيمون القراء الجدد برسم حالة مزاجية وعنفوان فكري خلال مراقبة النصوص، ما يتطلب نوعا من السكون، وإضاءة خافتة وكوب من القهوة، أو مشروب ساخن في ليالي الشتاء البادرة، لمساعدة عقارب الساعة على الدوران بالقراءة والانشغال في البحث والاطلاع واستثمار الوقت بكل ما هو مفيد.
المتجر الإلكتروني الأول
"بوكشكو" أول متجر إلكتروني لبيع الكتب في قطاع غزة ، يعمل على استمالة الناس والشباب إلى القراءة وتشجيعهم من خلال بيع الكتب وتقديمها في قالب هدية متكامل، حيث تقوم الفكرة على تقديم كتاب أو اثنين مع مستلزمات القراءة مثل الفواصل وأقلام التحديد المختلفة بالإضافة إلى الشوكولاتة التي تزيد من متعة القراءة بالنسبة لعشاقها الكتر.
يقول عائد الحلبي، 26 عاما، مالك المتجر وصاحب مشروع متجر بوكشكو الريادي لــ"سوا"، "راودتني الفكرة منذ عامين تقريبا، وجاءت بدافع الاطلاع والقراءة وشرائي للعديد من الكتب بشكل دوري".
ويضيف الحلبي: "لمعت الفكرة بإنشاء المتجر الإلكتروني "بوكشكو" للدمج بين الثقافة والمتعة، ومن هنا نبتت فكرة اسم المشروع بوكشكو، إذ يعني "بوك" كتاب و"شوكو" مستوحاة من الشوكولاتة.
"الدمج بين العمل الصحفي والتجارة لا يعرقل أحدهما الآخر"، هذا ما أكده الحلبي لــ"سوا"، قائلا "تخرجت من كلية الإعلام بجامعة الأقصى عام 2015 وكنت أعمل في المجال خلال دراستي في إحدى الصحف المحلية، ولا زلت أعمل بالصحافة لكن بشكل مستقل أي صحفي حر".
وتابع عائد الحلبي حديثه: "انخرطت بالعمل في مجال التجارة منذ سنتين تقريبا ونجحت في هذا المجال بالدمج بين الصحافة والكتابة والقراءة كهواية والتجارة كمصدر دخل ثابت ومريح، وهذا هو الحافز القوي لإنشاء المتجر الإلكتروني لبيع الكتب".
عثرات لا بد منها
لا يمكن التغاضي عن الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب الذي يعيشه قطاع غزة، ومعضلاته التي انعكست على شتى مناحي الحياة، بوكشوكو تعثر في طريقه وواجه الكثير من العقبات أبرزها الاعتماد على المكتبات المحلية في توفير الكتب، وغلاء أسعارها، وعدم وجود كتب حديثة بسبب منع الاحتلال إدخالها عبر معبر بيت حانون "إيرز" منذ سنوات، واقتصار المكتبات على طباعة نسخ من الكتب الأصلية، "لكنها عقبات لا بد منها للتحفيز والاستمرار في العمل" كما وصفها الحلبي.
ويكشف الحلبي في حديثه مع "سوا" عن بداياته في العمل، موضحا أن "البداية صعبة لأن الهدف الرئيس من إنشاء المتجر الإلكتروني لبيع الكتب هو تشجيع فئات المجتمع المختلفة والأجيال الشابة الجديدة على القراءة واقتناء الكتب، لكن الوضع العام في غزة يحول دون تحقيق هذا الهدف كما هو مخطط له".
الخطوات الأولى لإنشاء المتجر
ويضيف صاحب متجر "بوكشوكو": "بدأت العمل في المشروع لوحدي وسط إحباط شديد بعدم نجاحه بذريعة أن شعبنا لا يقرأ، ولكن إيماني بالتغيير والفكرة دفعني للاستمرار رغم الصعوبات التي تمثلت في التكلفة العالية للكتب والاعتماد على المكاتب"، مشيرا إلى أنه بدأ بتأسيس صفحات للمشروع على مواقع التواصل الاجتماعي انستغرام وفيسبوك لتعريف الجمهور بالمشروع واستقطاب القراء.
وأردف الحلبي في حديثه "بدأت بعض الطلبات تأتي من خلال صفحات السوشيال ميديا وأقوم بترتيها وشراء الكتب المطلوبة وتشكيل الهدايا، "وأخرج لتوزيعها في مختلف محافظات قطاع غزة"، مبينا أن الأمر ازداد صعوبة مع ازدياد طلبات الشراء، فقد كان يستغرق العمل جهدا ووقتا أكثر في توزيع الطلبات، ما دفعه للاستعانة بشركة توصيل "دلفيري" لتسهيل المهما واختصار الوقت والجهد.
نافذة لعمل الآخرين
يقول عائد الحلبي لـ"سوا"، إن فكرة متجر بوكشكو لم تعد تقتصر على بيع الكتب مع هداياها، بل نمت إلى بيع كتب لوحدها لتكون بديلا عن المكتبات، الأمر الذي شجع ذلك هو توفير المتجر للآلاف من عناوين الكتب والروايات غير المتوفرة في قطاع غزة بسلاسة ويسر.
ويضيف الحلبي، تطوير المشروع تطلب فريق عمل متنوع في مجالات متنوعة كالتسويق وتجهيز الطلبيات ومتابعة الزبائن من خلال السوشيال ميديا وإدارة المتجر إلكترونيا، حيث لم يعد بمقدوري متابعة كل هذه الأمور، مشيرا إلى أن طاقم عمل المتجر وصل إلى 20 شابا من كلا الجنسين يعملون على مدار الساعة لمتابعة العمل.
قفز "متجر بوكشكو" من مجرد فكرة وصفحة على مواقع التواصل ليصبح متجرا إلكترونيا هو الأول في قطاع غزة المختص ببيع الكتب، لا يحتاج إلى مكان وتكاليف تأسيسية مرتفعة للمشروع، إذ أصبح الانترنت الطريق البديل لإيجاد عمل من الصفر مستقل وحر وتطبيق الأفكار الريادية.
ويطمح مالك متجر "بوكشكو" عائد الحلبي لتطوير مشروعه من خلال توزيع الكتب وتوصيلها عالميا وإطلاق تطبيق على الهاتف المحمول بجانب تطوير الموقع الإلكتروني للمتجر، لينطلق خارج حدود قطاع غزة ويحلق في سماء الوطن العربي ليصبح متجرا عربيا يقدم خدماته وتوصيلها للقراء في الوطن العربي والعالم.