هل هناك شيء اسمه الدين الابراهيمي ؟ أم أن هذه التسمية هي من الخيال ؟ 


الَإجابة على هذا السؤال وضحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حين قال إن اتفاق الامارات مع "إسرائيل" هو اتفاق إبرام أو إبراهيم بالعربية، وأضاف: " كنت أود تسمية الاتفاق باسمي دونالد ترامب، ولكن لن يفهم أحد ذلك الاسم فأسميته بالاتفاق الإبراهيمي" .


إذن من حقنا التساؤل هل يصدق ترامب في هذا القول، أم أنّ اختيار الاسم تم صدفة ؟ 


في عالم السياسة الأمريكية لا يوجد مجال للصدفة من وجهة نظري، خاصة في القرن الحادي والعشرين، وفي العام 2020 عام الرئيس ترامب بامتياز، وأريد أن أثبت وجهة نظري بعبارة لوزير خارجية أمريكا في خمسينيات القرن الماضي جون فوستر دالاس حين قال "السياسة عندنا في أمريكا علم لا يخطئ إلا في حدود الخطأ العلمي". 


كل هذا أقدمه في محاولة لفهم هذه التسمية، وفهم الدين السياسي الجديد المسمى الدين الابراهيمي،  وهو بالمناسبة ليس ديناً حقيقياً، بل هو دين مبتدع يهدف إلى تجميع أبناء سيدنا ابراهيم من اليهود والمسلمين والمسيحيين في بوتقة واحدة ودين واحد يسمى الدين الإراهيمي.


وفي بحث للدكتورة المصرية هبة جمال ذكرت أن الدين بدأ في العام 2014، واستمر لأربعة سنوات،  درست خلالها الترابط بين المسائل الروحية والمسائل السياسية، وألفت كتاب أسمته "الدبلوماسية الروحية مسار جديد ومخاطر كامنة وسياسات بديلة لصناع القرار". 


وأكدت أن المراكز الإبراهيمية تُعد لـتأليف "كتاب مقدس جديد"، وأن الصراع "العربى - الإسرائيلي" والصراع "السنى - الشيعى" على قمة أجندات المراكز الإبراهيمية.


وبداية قصة الدين الإبراهيمي الجديد كانت في تسعينيات القرن العشرين، حيث قامت الإدارة الأمريكية بإنشاء "برنامج أبحاث دراسات الحرب والسلام"، وبدأت في اختبار المفهوم الإبراهيمي في عام 2000 عن طريق جامعة هارفارد، حيث قامت الجامعة بإرسال فريق من الباحثين الأمريكيين المتخصصين لمنطقة الشرق الأوسط بما فيها الدول العربية كافة وتركيا وإيران وإسرائيل، محاولين باختبار فرضية وضع نبي الله إبراهيم عليه السلام كعنصر تتجمع حوله هذه الدول المختلفة، ووضع دين جديد تتجمع حوله هذه الدول المختلفة، ويتم حل الصراع العربي الإسرائيلي من خلال هذا التجمع حول الدين الابراهيمي الجديد. 


وقد توصل الباحثون إلى أن الشارع العربي سواء كان يهودياً أو مسيحياً أو مسلماً يحمل مكانة كبيرة لنبي الله إبراهيم عليه السلام.  


من هنا بدأت الفكرة السياسية الخطيرة تتبلور، وجاءت جامعة هارفارد عام 2004  بفكرة جديدة ابتلعتها السلطة الفلسطينية لإقامة مسار سياحي للسياحة الدينية يحمل اسم مسار إبراهيم، حيث قامت وزارة السياحة الفلسطينية بتشجيع من جامعة هارفارد وبالتعاون مع جامعة القدس أبو ديس بإقامة مسار سياحي للسياحة الدينية سمي فعلاً باسم مسار إبراهيم، وفي نفس الوقت أجريت البحوث السياسية والاقتصادية ليقدم هذا المسار رؤية لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بحيث يقوم على إلغاء الأسباب الجوهرية للصراع، أي الاسباب التاريخية التي تتعلق بالأرض والتاريخ واللاجئين وحقوقهم....الخ، والحديث فقط عن الأسباب البنيوية للصراع التي تدور حول الهوية:(من نحن، لماذا نختلف ونحن أسرة واحدة ؟، لماذا نختلف ونحن أبناء عمومة؟)، لذا علينا أن ننبذ الصراع والتنازع لأن الأسرة الواحدة يكون فيها الاحترام هو أساس التعامل. 


من هنا تم استخدام الإبراهيمية لتكون مدخلاً لقبول التصالح والتطبيع  والتحالف الذي فشلت فيه إسرائيل منذ قيامها في العام 1948 وفقاً لجامعة هارفارد. 


وثيقة جامعة هارفارد أيضاً طرحت ما يلي: "لا بد من طرح تساؤل هام حول مليكة أرض المسار، ومن يملك أرض مسار ابراهيم؟ وأجابت أن ملكية أرض مسار إبراهيم لا تخص الشعوب التي تقيم على هذه الأرض، بل تخص أصحاب فكرة مسار إبراهيم وهم أمريكا وإسرائيل، وأن ملكية أرض مسار إبراهيم ستحدد لاحقا.


 وقد تحدث باراك أوباما الرئيس الأمريكي الديمقراطي المقرب من العرب والمسلمين - كما يقال - عن الدين الإبراهيمي الجديد الذي تشترك فيه الديانات الإبراهيمية للوصول للدين الإبراهيمي العالمي الجديد، وهو من خريجي جامعة هارفارد. وأعلن وزير خارجيته جون كيري عن أن أرض مسار ابراهيم المشتركة هي للأديان الثلاثة اليهودية والمسيحية والاسلامية. 


أرض مسار إبراهيم أعزائى القراء وفق مؤسسة مسار إبراهيم التي تتبع جامعة هارفارد هي خريطة أرض إسرائيل الكبرى.


ومن هنا يجب أن ننتبه، فالإبراهيمية تعتبر مدخلاً للدبلوماسية الروحية، التي تقوم على الجمع بين رجال الدين والدبلوماسيين والساسة للتفاوض والوصول إلى المشترك الديني لوضعه على الخريطة السياسية لإعطاء الحق للشعوب الأصلية التي سكنت هذا المسار. 


وقد وضعت الأمم المتحدة عام 1990 م اتفاقية تعطي الشعوب الأصلية التي سكنت مسار إبراهيم حق العودة لبلادهم التي خرجوا منها والحصول على تعويضات مالية بأسعار اليوم عن ممتلكاتهم التي تركوها. 


لابد من الانتباه إلى الدعاوي المرفوعة على مصر والسعودية من قبل إسرائيل للحصول على تعويضات مالية بسبب الادعاء بتهجير اليهود منذ خيبر حتى اليوم. 


إن ما نراه اليوم إذن ليس تصالح ولا تطبيع بل الفكرة تقوم على إنشاء اتحاد فيدرالي يجمع الدول العربية واسرائيل وتركيا كولايات، يكون التحكم المركزي في الموارد لدي السلطة الفيدرالية التي تضم اسرائيل في المرتبة الاولي، وتركيا في المرتبة الثانية، ليتم التحكم المركزي في الموارد.

ويقوم الاتحاد الفيدرالي بإزالة الحدود ومن ثم فلا مجال للخلاف حول وضع الفلسطينيين فمن حقهم حرية الحركة بالجواز الإبراهيمي.


من هنا علينا نحن الفلسطينيون وكل القوى الحرة في الوطن العربي والاسلامي وأحرار العالم التصدي للتطبيع لأن الاحتلال لم ينتهِ من الأرض الفلسطينية وما زال جيشه يمارس حربه الاجرامية ضد الشعب الفلسطيني وضد كل ما هو فلسطيني، والقرآن الكريم سمى اليهود بصفتهم الحقيقية حيث قال: "لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا".


وأخيراً فلا بد من  التصدي لتحقيق الحلم الإسرائيلي ببناء دولتهم من النيل الى الفرات .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد